الأردن … ماذا بعد قانون الضريبة!! / جهاد المنسي




جهاد المنسي ( الأردن ) الأربعاء 28/11/2018 م …

أما وقد أنهى مشروع قانون ضريبة الدخل المعدل دورته التشريعية، بما رافقه من جدل طويل، فان السؤال على شفاه مراقبين ومتابعين للمشهد، هو ماذا بعد؟!، وماذا ستطلب الحكومة منا في العام المقبل؟ وما هي خططها المستقبلية لمعالجة التعثرات المالية بالموازنة.
أول من أمس عند إقرار قانون الضريبة بـ”عجره وبجره” استحضرت الحكومة كل وسائل الإقناع وربما استعانت بصديق لتمرير مشروع القانون، فمرة قالت إن الصندوق الدولي يشترط تعديلات معينة، وتارة قالت إن منحا مالية متوقفة على  شهادة الصندوق لتحويلها للأردن، وفِي ثالثة استحضرت بعبع اهتزاز الدينار وتعثره وهبوط قيمته الشرائية. كل ذلك حضر بقوة لتمرير القانون، وسمعناها بلسان مسؤولين مختلفين، مرة بشكل علني ومرة من خلال تلميحات وخلافه، وكل ذاك بهدف تمرير القانون بأقل الأضرار.
السؤال؛ العام المقبل ماذا ستقول الحكومة لنا؟ وهل ستخرج علينا لتبشرنا أن أمورنا الاقتصادية تسير في الاتجاه الصحيح وأننا خرجنا من عنق الزجاجة ولم نعد بحاجة لزيادة ضرائب إضافية لردم عجز الموازنة، ولا رفع الدعم عن الخبز، وزيادة الضريبة على المحروقات؟.
أعتقد أن الأمور كما ظهر في سنوات سابقة، وكما تعودنا، لا تسير بالاتجاه الصحيح، والمؤكد أن العام المقبل لن يختلف عما سبقه، وأن حكومتنا سواء الحالية أو أي حكومة مقبلة ستعيد ما قيل لنا خلال سنوات سابقة لتبرير فرض ضريبة هنا أو زيادة هناك.
التفاؤل قد يكون مطلوبا، ولكننا اعتدنا وبتنا نعرف سياسة حكوماتنا الاقتصادية عن ظهر قلب، ونعرف الطرق التي تتبعها  لمعالجة عجز الموازنة وتلبية شروط الصندوق الدولي والتي تعتمد في المقام الرئيس على زيادة الأسعار ورفع الدعم عن مواد أساسية.
فحكومتنا وعدتنا بشفافية بتسعير المحروقات وما يزال الكثير من العاملين في قطاع الطاقة لا يعرف طريقة التسعير، وقالت لنا إنها ستعيد النظر في الوعاء الضريبي بشكل عام ولكنها لم تفعل لليوم، واكتفت برتوش، وذهبت لتعديل قانون ضريبة الدخل، فيما ما يزال حديثها عن إعادة النظر في ضريبة المبيعات كلاما بحاجة لتأكيد جدي وليس ملامسة خفيفة دون تأطير، كما أن حديثها الذي بدأت به رحلتها عن العقد الاجتماعي وما يحمله من تحولات إيجابية لم نلمس مقاربة جريئة له، وكل ما لمسناه تضييقا على حريات ومنعا لفعاليات، واعتقالات هنا وهناك، وبات الكلام عن العقد الاجتماعي وكأنه سحابة صيف حضرت وذهبت دون أن نلمس فعاليتها.
القصة ليست لها علاقة بهذه الحكومة أو تلك، نحن عمليا بحاجة لتغيير النهج سواء الاقتصادي أو السياسي أو الاجتماعي والثقافي والتنموي، ونحن في الحقيقة بحاجة للخروج من الصندوق الحالي الذي وضعنا أنفسنا فيه والذهاب للبحث عن طرق أخرى وأماكن أكثر اتساعا وعمقا، يخلصنا من ولاية الصندوق وشروطه غير الإنسانية.
المراوحة في مكاننا الحالي ستجعلنا نتمترس دون حراك أمام طموحات النهوض التي نتحدث عنها، فهذا لن يمكننا من الولوج لما تحدثت عنه حكومتنا بالإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وسنبقى ندور في الفلك عينه دون تقدم، وستبقى الحكومات تبحث عن جيب المواطن لمواجهة أي اختلالات مالية، وهذا سيرفع من منسوب الضغط ويوسع الفجوة المتسعة أصلا بين المواطن والمسؤول.
أمورنا لن تكون بخير دون الاعتماد على الذات، ودعم الصناعة والزراعة، وتسهيل انسياب التجارة، ورفع ثقة المساهمين في السوق المالي، ودون، خطة اقتصادية واضحة وصريحة تؤسس لمرحلة جديدة تردم الفجوة بين المواطنين والمسؤول، وتعزيز الثقة بمؤسسات الدولة المختلفة، وتفتح بابا للحريات العامة والإصلاح الحقيقي القائم على المواطنة وسيادة القانون، وتكافؤ الفرض.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.