جامعة الفرات تتحدى ظروف سورية الصعبة وتصر على الصمود د. خيام الزعبي
د. خيام الزعبي ( سورية ) الخميس 29/11/2018 م …
* كلية الاقتصاد – جامعة الفرات …
جامعة الفرات محط إعجاب، في صمودها في وجه الحرب المفروضة على سورية، طلاب أحاطت بهم أصوات الرصاص من كل اتجاه، لكنهم لم يسمعونها، سمعوا فقط صوت الإصرار والصمود والطموح، من دون أن يأبهوا بالدمار الذي لحق بالمدارس والتفجيرات التي طالت المراكز التعليمية، بل أخبروا الإرهاب وممارساته منذ بداية الأزمة لم يغير الاستهداف الإرهابي من إصرار الطلاب على الصمود فعزيمتهم التي لم تلن في الأيام الأولى لهذا الإرهاب ستبقى على حالها وستزداد تصميماً في الوقت الذي يلفظ فيه الإرهاب أنفاسه الأخيرة لأنهم يدركون أن بناء الوطن وإنتصاره على الأعداء لن يكون إلا من خلال المؤسسات التعليمية والصروح العلمية الشامخة، هكذا، تستمر جامعة الفرات بتحقيق إنجازات يومية، بقدرتها على الصمود والتكيّف مع مآسي الصراع.
مرة أخرى تفاجئ جامعة الفرات الآخرين بقدراتها اللامحدودة التي تنفجر من أعماق المواقف الصعبة، التي لا يقوى على مواجهتها إلا الأبطال، غير مكترثة بالتحديات والعقبات التي تقف في طريقها، فرغم الدمار الذي شهدته مدينة دير الزور والقتال الدائر على أرضها، فإن جامعة الفرات قامت بجهود حثيثة للتخفيف من آثار الأزمة، متحدية الحرب التي فرضت نزوحاً في العديد من المحافظات، إذ عملت على شيئين أساسيين، الأول تقديم الخدمات المساندة للتعليم من خلال توفير مختلف التجهيزات التي تحتاجها كل كلية من كليات الجامعة لإتمام سير العملية التعليمية ، والثاني يتعلق بخدمة التعليم نفسه، من خلال خطط تصدرها لأعضاء الهيئة التدريسية والمعيدين والقائمين بالأعمال لتقديم التعليم داخل الفصول الدراسية، وبعد فك الحصار عن مدينة دير الزور والتي انعكس إيجاباً على أداء العمل الإداري والتدريسي في جامعة الفرات وتذليل الصعوبات نتيجة :
– إعادة تأهيل وإجراء صيانة عامة لمباني الكليات والتعاقد مع القطاع العام لتوفير جبهات عمل لها .
–عودة الطلاب وأهاليهم إلى دير الزور بعد صدور مرسوم السيد الرئيس الأسد القاضي بتسوية وضع المنقطعين
– تأمين جميع مستلزمات العمل الضرورة للإقلاع بالعملية التعليمية في الكليات.
— وضع خطة لأتمتة وبرمجة العمل مما يسهل تقديم خدمات سريعة للطلاب .
– تأمين الكادر التدريسي للكليات من خلال استقدام عدد من أعضاء الهيئة التدريسية من الجامعات الأخرى وفي مختلف الاختصاصات.
– الاهتمام بتطوير البحث العلمي والاهتمام بأبحاث الدراسات العليا ونشرها على موقع الجامعة الالكتروني لوضعها في متناول كل الطلبة .
– تطبيق شعار ربط الجامعة بالمجتمع من خلال مشاركة الجامعة في جميع الأعمال والنشاطات التي تقيمها الجهات العامة والخاصة وتأهيل الخريجين لسوق العمل.
لقد أثبتت التجارب الإنسانية أن العلم والتربية والثقافة هي الأدوات القادرة على مواجهة مشكلات المجتمع والتغلب عليها للوصول إلى مستقبل مشرق من خلال عملية بناء نظام تعليمي قادر على مواجهة تحديات الحاضر وطموحات المستقبل، هذا مما حدا بجامعة الفرات الإسهام في الارتقاء بالمنظومة التعليمية مدركة أنهما مسؤولية مشتركة تتضافر فيها جهود كل فرد من أفراد الجامعة واضعة في الاعتبار إننا نعيش عصر التطور المعرفي، والذي هو غايتنا وسبيلنا للنهوض والاستقرار والتقدم بما يخدم إنساننا ومجتمعاتنا، لذلك استمرت جامعة الفرات بمتابعة تنفيذ خططها التعليمية من خلال إيلاء قطاعاتها كل الاهتمام والرعاية والتطلع نحو المستقبل المشرق لتحقيق أهدافها المرسومة.
إننا اليوم نعبر إلى مرحلة جديدة، فرغم كل ما تعرض له قطاع التعليم من تخريب وسرقة واستهداف للمؤسسات التربوية التعليمية إلا أن إرادة الحياة لدى طلابنا أقوى من أي إرهاب، فالهمم وإرادة هؤلاء الطلاب وذويهم تأبى اليأس أمام التحديات التي تواجه وطنهم، في اللحظة ذاتها أن العلم زاد السوريين قوة وعزيمة فهم لا يستغنون عنه مهما كانت الظروف، بل هو ثروتهم التي يحرص عليها الآباء والأمهات على حساب قوتهم، وهذا دليل على أن قطاع التعليم في سورية الذي أنهكته الحروب يحاول كل مرة أن ينفض عنه غبار الصراعات المسلحة وينبت من جديد ويتحدى الدمار والحروب ويعود إلى النشاط بأسرع وقت ممكن رغم المشاكل التي يتخبط فيها، هؤلاء يخاطرون برغم كل شيء للحفاظ على حقهم في التعليم.
مجملاً….سنظل هنا في سورية نعقد العزم معاً على المواجهة وبقوة وعزيمة لكل من يعمل أو يحاول أن ينال من عزة سورية وعزمها، وإذا كانت سنوات الأزمة قد أصابتنا بعض الشيء إلا أن هذه المؤامرة الضخمة سقطت علي رأس مدبريها وصانعيها، فالعقول البشرية هي الثروة التي تملكها سورية وتباهي بها العالم، والعقول يصنعها التعليم الخلاق، ويحرس ذلك معلمون سوريون لا يساومون لحظة، وفي كل الظروف، على قدسية مهنتهم ودورهم في صناعة المستقبل.
وأختم بالقول…. ما نراه من الإسراع في عملية بناء وترميم جامعة الفرات في فروعها المختلفة وتوفير الكادر التدريسي والتنسيق مع الجامعات الأخرى للنهوض بالواقع التعليمي تستهدف فى المقام الأول إعادة هذه الجامعة المهمة إلى سابق عهدها باعتبارها مكاناً للتعليم وللتربية أيضا، كما تدل دلالة واضحة على أن الجامعة تعمل على الاستمرار في تنفيذ الإستراتيجية الوطنية لتطوير العملية التعليمية في سورية ، كما إن الطموح يقودنا إلى جعل هذه الجامعة الصرح الذي يعول عليه جميع السوريين من أجل بناء الحياة المتمناة، فجامعة الفرات تحاول اليوم أن تتطور وأن تقود الآفاق الطموحة من خلال جهد رئيس الجامعة وأعضاء هيئة التدريس والإداريين وخدمات الحرم الجامعي، الذين يبذلون الجهد والعرق من أجل رفعة الجامعة وتقدم مسيرتها الأكاديمية
التعليقات مغلقة.