ليس مجرد تطبيع عربي اسرائيلي…! / د.هاني العقاد
د.هاني العقاد ( فلسطين ) السبت 1/12/2018 م …
كان بعض العرب يتمنعوا وهم الراغبون في العلاقة مع اسرائيل سواء كانت علاقة شرعية او محرمة وكانوا يسموها دولة العدو وكانت اي علاقة مع اسرائيل تفسر على انها خيانة للتاريخ والقضية والدم العربي والشهداء وبعدها أصبحت دولة الكيان الاسرائيلي ومن ثم دولة اسرائيل , بعدما جاء ترامب واختار طاقم يهودي بامتياز تحت مسمي طاقم السلام في الشرق الاوسط يهيئ لصفقة العصر اصبحت اسرائيل دولة يهودية شقيقة وبدأ العرب يتجاوزوا كل القرارات العربية التي تم اتخاذها في القمم العربية الماضية برسم علاقات مع اسرائيل وعلنا وبالتالي تستقبل نتنياهو رئيس وزراء اسرائيل في زيارات رسمية لهذا البلد او تلك من اجل تنفيذ كافة خططه على اساس ان العلاقات الدبلوماسية مع كافة دول العالم العربي قد بدأت وخاصة دول الخليج التي باتت تهرول في العلن لعلاقة شرعية دون ان يتم حل الصراع العربي الإسرائيلي لان كثير من دول العالم العربي اصبحت تعتبر الصراع فلسطيني اسرائيلي والقضية الفلسطينية قضية الفلسطينيين وحدهم دون ان يلتزم احد ببنود مبادرة السلام العربية 2002 التي قدمتها العربية السعودية وتنص على ان العلاقات مع اسرائيل تأتي بعد انهاء الصراع على اساس هذه المبادرة واقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية.
ما يجري من تقارب اسرائيلي عربي له معني واضح وهو ان امريكا هي التي تدير العلاقات في الاقليم باتجاه حلف اقليمي تكون فيه اسرائيل عضو مركزي يتم تشكيله لأجل تحقيق صفقة القرن والتي من خلالها سيقدم حل للصراع الفلسطيني الاسرائيلي حسب الرؤية الأمريكية واقامة دويلة فلسطينية مؤقته تحت وصاية عربية اسرائيلية مشتركة تكون عاصمتها ابو ديس تقبلها اسرائيل ويعترف بها العالم وتقدم لها مئات مليارات الدولارات على شكل مشاريع اقتصادية تغير مستوي المعيشة للفلسطينيين وتلحقهم بالحضارة الدولية . ما يجري هو جزء من برنامج لتهيئة المنطقة العربية لتطبيق خطط صفقة القرن التي لن تكون ولن تنجح الا بتشكيل مثل هذا التحالف المركزي ليكون مركزه الخليج العربي باعتبار دول الخليج بالإضافة للعربية السعودية اغني دول المنطقة وتمتلك ثروات هائلة , تصور الولايات المتحدة للعرب ان مثل هذا الحلف وتعزيز وجودة الفعلي هو حماية لمنطقة الخليج العربي وممراتها المائية من التهديد الايراني المتزايد الذي تصوره الولايات المتحدة واسرائيل على انه عبارة عن اطماع ايرانية شيعية في المنطقة وهذا ما يفسر انسحاب الولايات المتحدة الأميركية اتفاق 5+1 لحل الازمة مع ايران والبدء بفرض عقوبات جديدة وكبيرة على ايران . الولايات المتحدة الامريكية تقول للعرب انها لا تحمي بلادهم من أي تهديد ايراني على الارض بل تعمل على الحيلولة دون وصول الإيرانيين للسلاح النووي الذي يهدد كل دول الاقليم . هذا الحلف تزوده واشنطن وحلفائها الأوروبيين بالسلاح وتزوده اسرائيل بالمعلومات الاستخبارية الضرورية لمواجهة أي اختراق لحدود دول الحلف وتترابط دول هذا الحلف بجسور عسكرية على مدار العام كما سيبدأ الحلف بإنشاء قواعد عسكرية امريكية اسرائيلية عربية مشتركة .
ومن هنا فان حكاية التطبيع التي نشهدها اليوم لم تكن وليده اليوم بل اعتبر ان التطبيع تعدي مراحل كثيرة بعدما مر بالعديد من المراحل السرية ما بين زيارات وفود مختلفة وتعاون امني وعسكري واصبح اليوم امام علاقات دبلوماسية سيتم اعلانها بين عدد من الدول العربية واسرائيل تباعا حسب برتوكولات تعدها خلايا مشتركة . لا يجوز منطقيا ان نعرف ما يجري الان من تقارب اسرائيلي عربي بانه تطبيع اقتصادي او رياضي او حتى امني بل ابعد من هذا لان ما يجري علاقة محرمة ستتحول بفعل الوقت الى زواج شرعي يعلن حسب التوجه الامريكي في الاقليم ,هذا الزواج العربي الاسرائيلي ستكتمل مراسيمه بإعلان بنود الخطة الامريكية المسماة ” صفقة القرن او العصر” والتي تم تاجيها اكثر من مرة من قبل ادارة ترامب من اجل الحصول على اعلي درجة لقبول الصفقة الامريكية. المختلف في علاقات اسرائيل بدول العالم العربي اليوم انها تتم دون قرار عربي وتتم خارج الاجماع العربي لكن لم تمنح هذه العلاقات حتى لو كانت شرعية دبلوماسية رسمية أي شرعية لوجود اسرائيل بالمنطقة العربية وحتي لو اعتلت اعلام اسرائيل المباني الاستراتيجية في تلك الدول , ولا يمكن ان تقبل الشعوب العربية اسرائيل او المواطنين اليهود مهما فعل الحكام ومهما برر الحكام ذلك ومهما تلاعبوا بمشاعر شعوبهم لان صراع اسرائيل مع الفلسطينيين لم ينتهي ولم توقف اسرائيل ممارساتها الاحتلالية ولم تعترف بحقوق الشعب الفلسطيني كاملة حتى لو انهت اسرائيل الاحتلال وقدمت حلول ما للصراع لان المجتمع العربي يحتاج ازمان لتغير وعيه الوطني الذي لن يتغير بين ليلة وضحاها .
ليس مجرد تطبيع او علاقة مراهقة مع دويلات او امارات عربية وانما ابعد من ذلك , انه حلف عربي اسرائيلي يتشكل بجدول زمني وخطة متدحرجة تبدأ بدويلات صغيرة تصل في اقرب وقت للدول كبري فاعلة في المنطقة العربية ويعتقد ان ينهي هذا الحلف كل اشكال الصراع مع اسرائيل عربيا ومن ثم فلسينينا وستدخل المنطقة بهذا تاريخ جديد تفتح فيه البلاد العربية لليهود ليتاجروا ويستثمرون ويبيعوا سلاحهم الذي جربوه في صدور الفلسطينيين ورقابهم وبيوتهم واطفالهم بالإضافة للتكنولوجيا الحربية التي تقول اسرائيل انها تنفرد بها في العالم ,ونلخص ان هذا الحلف ليس لحماية العرب من أي تهديد اخر كالتهديد الإيراني كما تصوراسرائيل والولايات المتحدة بل لأجل الثروات والاموال العربية المقدرة بملايين التريليونات والتي من شانها ان تصب في خزينة واشنطن واسرائيل وبالتالي تكبر اسرائيل يوما بعد يوما وتتعاظم قوتها لتصبح سيدة الاقليم ترعاها امريكا سيدة العالم .
التعليقات مغلقة.