هل سينجح الخيار الاردني البديل والجديد؟

 

الأردن العربي – الرأي اليوم ( الخميس ) 2/7/2015 م …

 *الاردن يعيد خريطة اولوياته ويرحب “ضمنا” بمبادرة بوتين السورية..

*خيار المنطقة العازلة في درعا تبخر بعد فشل “عاصفة الجنوب”..

*السؤال: ما هي خطواته المقبلة؟ ومن يقف خلف هذا “الانقلاب”؟ وما هي فرص النجاح والفشل؟

تحدثت صحيفة “الفايننشال تايمز″ البريطانية المعروفة في عددها الصادر امس عن استعدادات اردنية جارية لاقامة منطقة امنية عازلة في جنوب سورية تشمل منطقتي درعا وجبل العرب (السويداء)، يحتمي بها اللاجئون السوريون وتشكل خط دفاع متقدم او عازل في مواجهة “الدولة الاسلامية”، يمنع وصولها وقواتها وتفجيراتها الى الاردن، ثم بعد ذلك اقامة منطقة عازلة شمال هذه المنطقة العازلة يتمركز فيها وحدات تابعة للجيش السوري الحر لمنع تقدم قوات الجيش العربي السوري الى المنطقة العازلة الجنوبية.

هذا الحديث يتزامن مع ما ذكرته صحف تركية عن عزم تركيا التدخل في شمال سورية، لمنع قيام كيان كردي على طول حدودها، يمهد لقيام دولة كردية مستقلة يتخذها حزب العمال الكردستاني كنقطة انطلاق لعملياته العسكرية ضد السلطات التركية.

من الواضح، ومن خلال دراسة متعمقة للتحركين الاردني والتركي على صعيد مناطق عازلة، ان البلدين وصلا الى قناعة راسخة بأن امنهما الوطني بات مهددا، ولا بد من اتخاذ خطوات سريعة لتحصينه، واعطاء هذه الخطوة الاولوية المطلقة، حتى لو ادى ذلك الى تغيير جذري في الاولويات، اي اطاحة النظام السوري.

اذا تركنا جانبا، ولو بصفة مؤقتة، وركزنا على “المأزق” الاردني، يمكن القول ان جميع رهانات السلطات الاردنية السابقة على اقامة مناطق عازلة، لم تحقق اي نجاح، بل تحولت الى مصدر تهديد حقيقي للاردن وامنه الوطني.

نشرح اكثر ونقول ان “عاصفة الجنوب” التي شنتها قوات المعارضة السورية للاستيلاء على منطقة درعا، كمقدمة للزحف نحو جبل العرب، على غرار ما فعلت “عاصفة الشمال” التي قادها جيش “الفتح” وتكللت بالاستيلاء على مدينتي ادلب وجسر الشغور، هذه العاصفة فشلت فشلا ذريعا في تحقيق اي من اهدافها، ووضعت الامن القومي الاردني في دائرة الخطر الحقيقي.

رهان الاردن على الجماعات السورية المقاتلة، وتشكيل “غرفة عمان” التي تضم ممثلين عن اجهزة مخابرات عسكرية عربية واجنبية، تشرف على عمليات القتال في جنوب سورية باتت عبئا على السلطات الاردنية بعد اربع سنوات من الفشل، ويبدو ان قناعة اردنية تتبلور حاليا، وبشكل متسارع، لتغيير النهج والبحث عن بدائل اخرى.

اسقاط النظام السوري بالوسائل العسكرية لم يعد ممكنا في المستقبل المنظور على الاقل، ولكن اسقاط انظمه تحاربه على ايدي “الدولة الاسلامية” التي تزداد قوة وتمددا، بات غير مستبعد، واذا لم يتم اسقاط هذه الانظمة، فان زعزعة استقرارها الداخلي، ورأسمالها الحقيقي، وربما الوحيد، بأت شبه مؤكد بالنظر الى التفجيرات الاخيرة في الكويت والسعودية، والاغتيالات في مصر التي تصاعدت حدتها في اليومين الماضيين، ووصلت الى المدعي العام المصري في قلب القاهرة.

ان يصل عدد اللاجئين السوريين في الاردن الى ربع سكانه حتى الآن، فهذا يشكل خطرين: الاول ديمغرافي، والثاني امني، ومن الواضح، بالنسبة الينا على الاقل، وبناء على معلومات مؤكدة وصلت الى “راي اليوم” ان قلق السلطات الاردنية وصل الى الذروة، ولم تعد تتحمل الصمت على التهديدات الامنية المتنامية لامنها القومي، وباتت تبحث عن البدائل.

الاردن بات يتحدث حاليا، وفي العلن، عن سعيه الى شريك استراتيجي في سورية، ليس لمحاربة الجماعات الجهادية فقد، وانما للحفاظ على وجوده وامنه القومي، والتأسيس لعودة اللاجئين السوريين الى بلادهم قبل ان يتوطنوا، وهذا الحليف الاستراتيجي لا يمكن ان يكون فصائل المعارضة السورية المعتدلة، بل النظام السوري نفسه.

النغمة التي تتردد في الاردن حاليا وبصوت مسموع هي ضرورة “اغلاق ملفات الماضي والمضي قدما نحو تفكير استراتيجي مستقبلي يضع نهاية للازمة المستشرية في سورية، واعطاء الاولوية المطلقة لمحاربة الارهاب، الامر الذي يتطلب احداث تغيير جذري في مواقف كل الاطراف”.

ماذا يعني كل هذا الكلام؟ انه يعني، وبكل بساطة، الترحيب بمبادرة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التي اعلنها في حضور السيد وليد المعلم، وزير الخارجية السوري الزائر لموسكو، وعنوانها “تحالف رباعي سعودي سوري اردني تركي” لمحاربة “الدولة الاسلامية” ومنع تمددها.

يبدو ان عنوان المرحلة المقبلة يقول “كل الطرق تؤدي الى دمشق” اي دمشق النظام، تطبيقا للمثل الانكليزي الذي يقول “اذا لم تستطع هزيمتهم انضم اليهم”.

هل سينجح الخيار الاردني البديل والجديد؟ نفضل الانتظار بضعة اسابيع لمعرفة المزيد من المعطيات للاجابة على هذا السؤال.

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.