ابرمت في العاصمة الأردنية عمان: صفقة تسريب أرض قرب السفارة الأميركية بالقدس
في الوقت الذي تواصل سلطات الاحتلال الإسرائيلي ملاحقة مجموعات من المقدسيين ممن ينشطون لمنع تسريب العقارات بالقدس القديمة، كشف النقاب عن إبرام صفقة قبل شهرين بموجبها تم تسريب قطعة أرض في بلدة صور باهر متاخمة لمقر السفارة الأميركية بالقدس المحتلة.
مصادقة التوقيع
وأظهرت المستندات والوثاق المتعلقة في عملية تسريب الأرض الممتدة على عدة دونمات بحسب ما نشرته مواقع اخبارية فلسطينية، ، أن الصفقة أبرمت في العاصمة الأردنية عمان في تاريخ 9\9\2018، وشملت المستندات الموقعة من قبل كاتب عدل من القدس يدعى ياسين بلال على “وكالة دورية غير قابلة للعزل”، تعنى بأحد المالكين للأرض ويدعى محمد خليل الأزعر من صور باهر ويحمل هوية أردنية.
كما شملت المستندات وثيقة بعنوان “المصادقة على التوقيع”، حيث أعدت الوثيقة باللغتين العربية والعبرية، يقر من خلالها كاتب العدل المدعو ياسين بلال بالمصادقة على توقيع مالك الأرض محمد خليل الأزعر، وإنه في التاريخ المذكور مثل أمامه مالك الأرض ووقع على مستندات ووثائق لبيع الأرض المذكورة.
بينما تظهر الوثيقة الثالثة عقد البيع والصفقة بين الأطراف التي وقعت في الأردن، بواسطة مكتب محامي في الأردن، حيث أظهرت الاتفاقية التي حملت العنوان “اتفاقية بيع رضائية ملزمة للأطراف”، موافقة الفريق الأول، مالك الأرض محمد خليل الأزعر وهو أردني الجنسية ويحمل رقم وطني، على بيع الأرض للفريق الثاني ويدعى أفي زلكمان من سكان القدس.
صفقة مقابل 800 ألف دينار أردني
وبموجب الاتفاقية تم بيع قطعة الأرض رقم 300 في الحوض رقم 8 في بلدة صور باهر، حيث صرح الفريق الأول بأنه باع الأرض دون ضغوطات، كما أن الأرض خالية من الإيجار أو الرهان والحجوزات أو أي مشاكل في أي دائرة، فيما أقر الطرف الثاني بأنه عاين قطعة الأرض وقبل الشراء دون إكراه أو ضغوطات من أحد.
وأظهر عقد البيع أنه تم دفع مقابل قطعة الأرض مبلغ بقيمة 800 ألف دينار أردني، حيث صودق على هذه الاتفاقية لدى الدوائر الأردنية الرسمية، كما حملت الاتفاقية تواقيع وأختام من وزارة العدل وكاتب العدل ومسؤولين في الوزارة.
الاتفاقية
ووفقا للوكالة الدورية التي حررت في عمان يوم 9\9\2018، فإن الموقع على الوكالة المدعو محمد خليل الأزعر حامل هوية أقر ووكل نيابة عنه المدعو أفي زلكمان من سكان القدس للتصرف في حقوقه في قطعة الأرض، رقم 300 من حوض 8 من أراضي صور باهر المسمى “شعب الجابي”، وذلك بالتصرف بها بكافة التصرفات القانونية من بيع وشراء وإدارة.
كما أقر بأن يقوم زلكمان في تمثيله أمام كافة الدوائر الرسمية وغير رسمية والبلدية ودائرة الأراضي والمالية والتنظيم، و”التوقيع نيابة عنا وباسمنا على كافة الأوراق والمستندات وعقود البيع، وذلك لكافة الأموال المنقولة وغير المنقولة على اختلاف أنواعها العائدة إلينا من أي جهة كانت، سواء المملوكة له شخصيا أو التي إلينا أرثيا من أي جهة كانت”، بحسب ما أقر الأزعر في الوكالة الدورية.
حملة مسعورة لاستهداف عقارات وأملاك ومنازل المقدسيين
وتعقيبا على ذلك، قال الأمين العام للهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات، الدكتور حسن خاطر، إن “الكشف عن صفقة البيع في صور باهر تأتي في سياق الحملة المسعورة لاستهداف عقارات وأملاك ومنازل المقدسيين، نتحدث عن تسريب لأرض في موقع حساس جدا قرب السفارة الأميركية”.
“وكالة دورية غير قابلة للعزل”
وأضاف: “الخطورة ليس بما تم كشف النقاب عنه من تسريبات وصفقات، بل الأخطر ما أخفي ويتم التكتم عليه وما يحدث من وراء الكواليس، ونخشى من وجود عشرات الصفقات، لكن إلى الآن لم تسرب المستندات التي تؤكد ذلك، فما يجري للعقارات بالقدس هو مؤشر خطير على مستقبل المدينة، فسلطات الاحتلال تسعى للسيطرة بكافة الأساليب والطرق على كل ما هو فوت وتحت الأرض”.
وعن اتساع ظاهرة تسريب العقارات والنشاط العلني لسلطات الاحتلال والشركات الاستثمارية اليهودية بهذا المجال، قال خاطر لـ”عرب 48″ إنه من الواضح أن هناك زيادة بالتسلط الإسرائيلي على العقارات والأراضي والممتلكات بغرض وضع اليد والاستيلاء على أكبر عدد من عقارات الفلسطينيين بالقدس، وعليه المبالغ التي رصدت لتحقيق ذلك مضخمة، بحيث فتحت سلطات الاحتلال الأبواب على مصراعيها بكل ما يتعلق بضخ الأموال ورفع أثمان العقارات”.
ويعتقد أن ضخ الأموال ورفع أسعار العقارات بشكل خيالي أداة من أدوات الاحتلال للسيطرة على أكبر عدد من عقارات وأملاك الفلسطينيين في المدينة المحتلة، لافتا إلى أن العقارات التي سربت بالسابق مقابل 100 دولار، تصل الآن وعلى ذات مواصفات ومساحة العقار لمبلغ حتى 2 مليون دولار، وما سرب مقابل 500 ألف دولار، فإن الجمعيات والشركات اليهودية والاستيطانية مستعدة أن تدفع 5 مليون دولار.
ضخ أموال إقليمية ودولية وحتى عربية لمساعدة إسرائيل بالقدس
هذه المبالغ الجنونية مقابل العقارات التي يتم تسريبها أو حتى بيعها بموجب إبرام صفقات مع أحد الورثة، دون علم جميع أفراد العائلة أو الشركاء في ملكية العقار أو الأرض، يقول الأمين العام للهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات: إنها” تثبت بأن هناك ضوء أخضر من أعلى المستويات في المؤسسة الإسرائيلية لوضع اليد على كامل مدينة القدس وعقاراتها، وحتى ضخ أموال غير إسرائيلية لتحقيق ذلك”.
وأضاف: “بات واضحا بأن المال الإسرائيلي لوحده غير كاف لشراء العقارات بالقدس، بل يتم ضخ أموال إقليمية ودولية لمساعدة إسرائيل، وغالبية ذلك مصدره أموال عربية مشبوهة تدخل مسار التسريب ووضع اليد على العقارات وتدخل لعبة تصفية العقارات إلى جانب الاحتلال، فليس بالمال اليهودي وحده تسرب عقارات القدس وأملاك الفلسطينيين واللاجئين”.
شركات يهودية تنشط بقبرص واليونان لتسريب العقارات بالقدس
وكشف خاطر النقاب عن وجود شركات يهودية تأخذ من قبرص واليونان مقرات لها، وتنشط هذه الشركات في تسريب عقارات وأملاك الفلسطينيين ووضع اليد على أكبر مسطح من الأراضي العربية بالقدس، وهي مستعدة لدفع مبالغ خيالية مقابل كل عقار حتى لو بلغت مساحته عدة أمتار.
واستذكر تسريب عقار عائلة “جودة” التاريخي في عقبة درويش بحارة السعدية القريبة من المسجد الأقصى، لافتا إلى أن هذه العقار لا تتعدى مساحته 200 متر، وقد دفعت الشركات اليهودية ومقراتها في اليونان وقبرص مقابله 17 مليون دولار، مؤكدا بأن هذه الشركات التي تتنقل بين الدول بحال أنجزت الصفقات، لديها برنامج عمل ومهام وأجندة من جهات عليا تقوم بتنفديها.
وعن خروج هذه الشركات للنشاط بالعلن وتصاعد وتيرة الأطماع بالعقارات والأملاك من قبل الحكومة الإسرائيلية، يجزم بأن إعلان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، القدس عاصمة للاحتلال الإسرائيلي، منح الضوء الأخضر لسلطات الاحتلال ومختلف أذرعها الاستيطانية بالشروع بوضع اليد على أكبر مساحة من الأرض وأكبر عدد من عقارات وأملاك اللاجئين والمقدسيين.
وأوضح أن القدس تعيش في هذه المرحلة حصار من نوع آخر أشبه بالحصار على قطاع غزة، لافتا إلى أن سياسات الاحتلال الممنهجة ضد الوجود الفلسطيني بالمدينة المحتلة ومساومة المقدسي، على أرضه، منزله، وعقاره، ومتجره ولقمة عيشه خلقت حالة من الإفقار للمقدسيين، بحيث أن أكثر من 80% من المقدسيين يعيشون تحت خط الفقر ولا يجدون قوت يومهم.
ويعتقد أن التعمد بتفقير المقدسيين وملاحقتهم بمصادرة الأرض وهدم المسكن لدفعهم على الهجرة القسرية، مهد إلى مرحلة أكثر خطورة نحن بصددها الآن بعد أن صمد المقدسي خلال عقود من الاحتلال، وتقتضي المرحلة دفع المقدسي الذي يعيش بفقر مدقع إلى بيع أرضه، عقاره، منزله، متجره أو حتى أبسط ممتلكاته لتوفير لقمة العيش.
بعض الأنظمة العربية إلى جانب إسرائيل تراهن على انهيار المقدسي
وحذر خاطر من تداعيات وأخطار الهجمة الشرسة على عقارات وأملاك الفلسطينيين، لافتا إلى نشاط حرك بالقدس المحتلة لشركات استثمار يهودية التي فتحت أبواب القروض أمام الفلسطينيين وتقديم تسهيلات للحصول على قروض للمقدسيين بمبالغ كبيرة تبدأ بمبلغ 100 ألف دولار كحد أدنى وقد تصل على مليون دولار، وهذا متعلق بحجم ومساحة العقار أو الملك أو مساحة الأرض التي يتم رهنها لهذه الشركات.
وقال إن هناك من يراهن من بعض الأنظمة العربية إلى جانب إسرائيل بأن المقدسي الذي صمد لعقود أمام قمع الاحتلال والتحديات سينهار أمام المغريات المالية، وعليه تضخ هذه الأموال التي هي بمثابة السلاح الجديد للاحتلال ولأعوانه بوضع اليد على العقارات وأكبر مسطحات من الأراضي، في الوقت الذي رفعت سلطات الاحتلال المستوى الأمني بتوفير الحماية للسماسرة وللمتعاونين وحتى من قام ببيع أرضه وعقاره في محاولة لتحفيز المقدسيين وتشجيعهم على إبرام صفقات لبيع أملاكهم.
وحيال ما تتعرض له جبهات العقارات والأراضي والأملاك في القدس من مؤامرات واستهداف، دعا خاطر السلطة الفلسطينية للقيام بخطوات عملية لإسناد القدس وسكانها الفلسطينيين في مواجهة مخططات الاحتلال، لافتا إلى أن ما تقوم به السلطة الفلسطينية بهذه الملف غير كاف، كما دعا المعسكر العربي الآخر الذي لا ينشط تحت المظلة الإسرائيلية للقيام بخطوات عملية لإسناد القدس لمواجهة الاحتلال والمعسكر العربي الداعم له بالمال والمتآمر على الفلسطينيين بالمدينة المحتلة.
ويجزم أن الاحتلال يسعى من خلال مصادرة العقارات ووضع اليد على أكبر مساحة من الأراضي وأملاك اللاجئين إلى تفريغ القدس من سكانها الأصليين، إذ تمهد تسريب العقارات والصفقات مع مشاريع التهويد وماكينة الاستيطان، لترحيل واسع للمقدسيين، حيث أن سلب العقارات ما هو إلا وجه آخر للترحيل والتهجير القسري.
عائلة بكيرات تعلن البراءة من المتورط
ونددت عائلة بكيرات في بيان بعملية التسريب المذكورة وأعلنت براءتها من أحد أفرادها المتهم بتسريب العقار، المدعو محمد خليل الأزعر.
وقالت العائلة في البيان: “نحن آل بكيرات، فخذ الأزعر، باسم كل من يقبل خطابنا وتصريحنا هذا من العائلة، ويرضى أن يمثله، نبرأ إلى الله سبحانه وتعالى من كل خائن أو عميل باع نفسه للشيطان وباع دينه وسرب أرض المسلمين مقابل حفنة نجسة من الدنانير، كائناً من كان ومهما كانت درجة القرابة معه وبغض النظر عن مكان تواجده في الوطن أو الأردن أو في أي مكان”.
التعليقات مغلقة.