الأردن و الحرب على داعش / النائب الأردني حسن عجاج عبيدات
النائب الأردني حسن عجاج عبيدات ( الأحد) 5/7/2015 م …
يبرز دور الأردن كلاعب محوري في الأحداث الجارية في المنطقة ، لموقعه الجغرافي المتميز الذي فرض عليه أعباءً و مهمات كبيرة . و يتعرض الأردن لضغوط سياسية و اقتصادية من عدة أطراف اقليمية و دولية للسير في مخططاتها و استراتيجياتها .
و عبَّر عن الموقف الأردني كبار المسؤولين في تصريحاتهم العديدة حين اعلنوا أن مواجهة الارهاب تتطلب تكاتفاً و تنسيقاً إقليمياً و دولياً . و الأردن يساهم في جهود التصدي للإرهاب و التطرف الذي يستهدف الجميع بدون استثناء . يحدُّ من تأثيراته ،ويضع حداً لمخاطره على الأمن و السلم الدوليين .
ويزداد حجم القلق لدى الشعب الأردني من تزايد الدعم لتنظيم داعش من بعض الأردنيين ، حيث شهد الاردن المظاهرات المؤيدة لداعش في بعض المحافظات . كما يعارض الكثيرون مشاركة الجيش و الأمن في الحملة التي تستهدف التنظيمات الارهابية ” داعش و النصرة ” . كما يشكل تنامي السلفيين بين الأردنيين وضعاً محرجاً للنظام الذين يرفضون التدخل الرسمي الأردني ضد هذه التنظيمات .
فرضت التحديات المستمرة على الأردن تغييراً في مواقفه في الفترات الأخيرة ، مما اضطره إلى تغيير مواقفه من الأزمتين السورية و العراقية . فأعلن كبار المسؤولين بصراحة تامة ، أن الأردن وحماية لمصالحه الوطنية العليا سوف يلجأ للتدخل من خلال دعمه للعشائر ” السنية ” في سوريا و العراق حفاظاً على حدوده الشمالية و الشرقية من خطر داعش الذي بات يتمدد باتجاه هذه الحدود بعد أن خرجت عن سيطرة الجيشين السوري و العراقي .
إن السؤال الذي يحتاج إلى إجابة واضحة : لماذا غيّر الأردن سياسته السابقة التي كانت تتمثل بالنأي بالنفس عن التدخل المباشر في الأزمة السورية ، والتي حافظ فيها على سياسة متميزة من الأحداث برغم الضغوط العديدة التي فرضت عليه إقليمياً و دولياً ؟
وهل هذا الموقف الأخير مرتبط بمخططات تهدف لتغيير الخارطة الجغرافية و السياسية لدول المنطقة ؟. يبدو من تبدل سير المعارك المؤقت أن واقعاً جديداً بدأ يفرض نفسه ، و الذي قد يؤدي بحسب تحليلات البعض إلى انهيار أو سقوط بعض الأنظمة ، و ظهور دول جديدة كالدولة الإسلامية ، و الدولة الكردية ، وربما بروز دول جديدة أخرى في الجزيرة العربية و مصر . فإذا كانت الأحداث المتلاحقة والحروب القائمة ستؤدي إلى هذه المتغيرات الاستراتيجية ، فهل سيحقق الأردن فيها مصالحه الوطنية العليا المتمثلة بالحفاظ على أمنه و استقراره ، و ابعاد شبح المنظمات المسلحة الإرهابية عن ساحته ؟ .
لقد بات مطلوباً اليوم وقبل فوات الأوان من الأردن و باقي الدول العربية المشتبكة بحروب مع بعضها ، وضد الإرهاب و التطرف ، أن يعمل الجميع وبشكل سريع للبحث عن الحلول التي تنهي الحالة الشاذة التي يعيشها العرب و تنزع فتيل الحروب المدمرة ، و أن يدرك قادة هذه الدول الواجبات الملقاة على عاتقهم تجاه شعوبهم و التاريخ ، بدلاً من ركوب المغامرات الخطرة التي ستكون عواقبها وخيمة و كارثية على الجميع.
لقد قدَّم الرئيس الروسي “بوتين” مبادرة للعرب جميعاً ، وخصَّ بها الأردن و السعودية و تركيا تتضمن الدعوة لتحالف هذه الدول مع سوريا لمواجهة العدو المشترك ، الإرهاب و التطرف المتمثل بتنظيم ” داعش و المنظمات الارهابية الأخرى “. و أعلن أنه بدون الدول المجاورة لسوريا لا يمكن الوصول إلى حل سلمي للأزمة السورية . وأوضح أن جوهر هذه المبادرة يرتكز على حل سوري سوري يجمع المعارضة و الحكومة السورية بدعم و إسناد من الدول المجاورة ، لأن الظروف الدولية تغيرت كثيراً وأصبح هاجس دول العالم هو الإرهاب الذي بات يطرق جميع أبواب دول العالم . فهل تستجيب هذه الدول لهذه المبادرة الخيّرة ؟ .
لقد أصبحت القضايا التي تهمنا اليوم ، وسوف تهمنا في المستقبل ، هي قضايا الحرية و الديمقراطية ،وقضايا السلام ،و قضايا العلم و المعاصرة . وإن مرحلة الانتقال من حال إلى حال هي دائماً من أصعب الفترات ، وإن كل تجربة لها خصائصها .
لقد تطورت المجتمعات العربية و نمت و أصبحت جاهزة للانتقال إلى عصر المشاركة في صنع القرار ، كمدخل للديمقراطية التي هي الحل للعبور إلى المستقبل . فهل فاتنا القطار أم لا يزال في الوقت متّسع ؟
التعليقات مغلقة.