هل نَسي دولة الرئيس ( عمر الرزاز ) طعم الكرز!؟ / د. نزار قبيلات

د. نزار قبيلات ( الأردن ) السبت 15/12/2018 م …



يحمل الأردنيون هتافهم من البوادي والقُرى والمُخيمات ليكدّسونه على جَادة أكثر دواوير عمّان برجوازيةً ورفاهيةً، حيث إيجار “الفيلا” الواحدة هناك يَنوف عن مجمُوعِ رواتب كَتيبة مُشاةٍ كاملة، أو قُل مَجموع رواتِب قَرية كادِحة بنِسائها ورِجالها، إذ لا يجِد الأردنيون سلّة كَرز تُذكّر دولةَ الرئيس بِطعم نِضال أُسرته وكدح أجداده وبجباهِهم التي لّوّحتها شَمس الحقول وأغصَان المَحاصيل وبِذار الفلّاحين، وللمصادفة العجيبة فإن بَطل قصّة (يا أيها الكرز المنسي) للسوري المعروف زكريا تامر اسمه ايضاً “عمر”، فهو الذي صار وزيراً أيضاً بعد أن عُرِف في قَريته مُعلماً ملهِماً ومدافعاً شرساً عن حُقوق العمّال والفُقراء مِن تغوّلِ الإقطاعيين وسطوتِهم على تعب الفلاحين في الحُقول، فقبلَ ذاك كان الأستاذُ عمر الوحيد الذي وقَف في وَجه الآغا والإقطاعيين و المرابين الذين حاولوا تحييده ثم وبطرقهم المعهُودة أبعدوه إلى مكانٍ آخر، فقال عمر لأهل قريته وهو يهمّ بالصعودِ إلى البَاص منقولاً مطروداً من القرية إلى مَكان عمل بعيد: ” …الآغا صاحب نفوذ وجاه في دمشق، وهو الذي نقلني من ضيعتكم لأنّي لم أصبح خادماً له ولأنّي أحبّكم، ولكن اليومَ الذي تتخلّصون فيه من ذلك الاغا وأمثاله ليس بالبعيد” …، فمن أين لنا بالكرز نهديه لدولته ووزارة الصناعة والتجارة تشتريه من خارج البلد.

فحين بلغ الرزّاز سدة الرّابع احتارَ الأردنيون وظنوا أن نقاباتِهم المهنيّة قادرةٌ على أن تبلّغ دولتَه رسالتَهم وتهانيها له في آن، فقد رحّب الأردنيون بأن تنوب النقابات عنهم في إبلاغ دولة عمر بمطالبَهم كما فعل أبو فياض في قصة زكريا تامر (الكرز المنسي) الذي طُلب منه أن يقولَ لعمر الذي ناضلَ معهم في الضيعة قبل أن يصبِحَ وزيراً : “ضيعتنا كما تركتها يا عمر وردةً من طين وعشباً اصفر ونهراً من الأطفال الحُفاة”، غير أن العابر بشوارع عمّان يشعر أن المزاج الحكومي متجمدّ هذه الأيام تاركا الناس في مواجهة مع العقل الأمني و التّحسبي لا السياسي؛ فأعلامنا مثلا اليوم يلاحق المتحرشين ويدعو إلى مَكارم الأخلَاق الإلكترونية في الوقتِ الذي أخذ فيه الطين يجفّ في القرى البعيدة، والصغار تنام على أمل شفيف كان أن انبرى لحظةً حين جاء دولته من خندق الضمان و خندق التربية والتعليم، وبالكاد صار هذا الأمل يُرى والأردنيون ما انفكوا يطلبون رأس من سرق دفأهم وسلّة الكرز التي كانوا يريدون ان يهدونك إياها قبل واقعة الزّفتة، فاليوم يختفي رأس الحكومة في حين يبحث الحراك عن رأسٍ له.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.