عودة سورية إلى جامعة الدول العربية … صحوة متأخرة من “البرلمان العربي” أم اقرار بفشل ما خُطط له؟




الأردن العربي –

 لم نكن لنسمع بالبرلمان العربي لو لم يخرج عنه بياناً يوم الجمعة “14/12/2018” يدعو إلى إعادة سوريا إلى العمل العربي المشترك، بخلاف قرار “الجامعة العربية” بتعليق أنشطة سوريا في مؤسساتها المختلفة منذ”تشرين الثاني/ نوفمبر عام2011 “، كما أكد البرلمان العربي وقوفه إلى جانب الشعب السوري في أزمته التي يمر بها، مشددا على “ضرورة اليقظة للأجندة الدولية والإقليمية التي تسعى إلى تقسيم سوريا”.

وطالب البرلمان العربي مجلس جامعة الدول العربية واللجان المعنية وكل الهيئات والمؤسسات العربية “للعمل والتنسيق من أجل إعادة سوريا إلى الفضاء العربي مساهمة في تحقيق الحلول السياسية التي تمكن الشعب السوري من وحدته على أراضيه ومن العيش الآمن بما يجمع قواه الوطنية بعيدا عن أي نزعة طائفية أو إقصاء”.

لماذا الآن؟

لاتبدو دعوة البرلمان العربي لإعادة سوريا إلى المناخ العربي أمرا “عابرا” بعد سبع سنوات من عزل سوريا عن الحضن العربي والتبرئة منها ومعاقبتها ومقاطعتها ورفض التعامل معها بناءا على توجيهات خارجية معروفة الدوافع، ولكن اليوم تغير المناخ العربي الرافض لسوريا ودورها في المنطقة، وبالتالي فإن هذا التحول يشي بأن هناك تغير واضح في سياسة الدول العربية تجاه سوريا لاسيما الخليجية منها ونذكر هنا “الامارات وسلطنة عمان” على وجه التحديد، فالأولى قامت بأعمال ترميم لسفارتها في دمشق ويجري الحديث حاليا عن اعادة افتتاحها قريبا، وكذلك الأمر بالنسبة لسلطنة عمان.

وفي حزيران الماضي قال وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش، في حوار مع موقع “ذا ناشيونال” الإماراتي ، أنه يعتقد أنه “كان من الخطأ إبعاد سوريا عن الجامعة العربية”، من عام 2011.

وصرح قرقاش: “هذا يعني أنه ليس لدينا نفوذ سياسي على الإطلاق، ولا قناة مفتوحة، ولم نتمكن من تقديم منظور عربي لكيفية حل القضية السورية”، مضيفاً أن “القرار أقصى القوى العربية التي وجدت نفسها مستبعدة من الاجتماعات المتعلقة بسوريا.

الأمر لا يقتصر على الدول العربية، حيث بدأت بعض الدول الأوروبية بترميم سفاراتها وهي في طور التحضير لاعادة فتحها، ومن بين هذه الدول “ايطاليا واليونان”، وفي هذا الإطار أكد عضو مجلس الشعب السوري عمار الأسد: “الحديث عن فتح سفارات بعض الدول العربية في دمشق ليست تسريبات وإن كانت شائعات فهى ليست من العدم، واعتقد أنه بالفعل هناك شيء يجري التحضير له”.

وتابع: “كما قلنا، السفارات الإيطالية واليونانية والإماراتية، تقوم بعمليات تجديد لمقراتها في العاصمة ويمكن أن يكون هناك اتصالات مع الخارجية السورية لعودة الموظفين واستئناف عملهم”، مضيفا: “سيعود الجميع”.

دلالات العودة

أولاً: أدركت الدول العربية والغربية على حد سواء أن عدم التعاطي مع سوريا غير مجدي ولن يحقق أي نتيجة وقد اختبروا ذلك لمدة سبع سنوات كانت كفيلة بإبراز مدى فشل إغلاقهم الباب في وجه التعامل مع الحكومة السورية.

الحكومة السورية استطاعت الصمود طيلة السنوات السبع الماضية في وجه جميع المخططات التي كانت غايتها التقسيم، وما عودة هذه الدول إلا خير دليل على أن سوريا وشعبها خرجوا منتصرين بالرغم من الظلم الذي تعرضوا له، وبالتالي وبما ان سوريا خرجت قوية كان لابد لهذه الدول من اعادة التفكير مرة أخرى بطريقة تعاطيها مع الحكومة السورية.

ثانياً: بيان البرلمان العربي يبدو أنه تمهيد لإعاد سوريا إلى “الجامعة العربية” ولكن السؤال هل تعود سوريا بهذه البساطة إلى “الجامعة العربية” التي جمدت عضويتها فيها دون وجه حق؟.

نستبعد ان تعود سوريا دون الوقوف عند الكثير من التفاصيل التي أوصلت الأمور إلى هذه المرحلة، بالتأكيد سوريا لم تكن تنوي الخروج من الجامعة العربية لكن عدم عودتها إليها لن تؤثر على سياستها ونهجها كثيرا، وحول عودة سوريا إلى الجامعة العربية قال عمار الاسد نائب رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشعب السوري: ” “هذا الأمر ليس مرهون بالدول العربية بقدر ما يتوقف على القرار السوري، ولو تمت دعوتنا فلن نأتي لهم على الفور، لأن هناك الكثير من الأمور يجب أن نتحدث فيها منها العقوبات والموقف العدائي من الشعب السوري والكثير من الملفات، التي لدى بعض الدول العربية يد فيها، ويدنا ممدودة للجميع، ولكل من يريد الخير لسوريا، بما فيهم من تآمر على سوريا في السابق”.

ثالثاً: الواقع العربي اليوم ليس في أحسن حالاته، وهناك حالة من التشرذم والضياع مصابة بها “الأمة العربية” ويمكن ملاحظة ذلك من خلال اجتماعات “الجامعة العربية” التي اصبحت غير مجدية إلى حد كبير، خاصة وانها لا تعالج مشاكل وهموم الشارع العربي وقضاياه وابتعدت بما فيه الكفاية عن جوهر أهدافها وغاياتها، كما أن الشارع العربي فقد ثقته بها إلى حد كبير، حتى أن دول مجلس التعاون لم تعد على ما يرام وهناك حالة انقسام تصيب هذا المجلس ايضا، وبالتالي فإن اعادة سوريا إلى الحضن العربي في حال وافقت سوريا، قد تخفف من السمة السائدة حاليا عن الواقع العربي وتعيد بعضا من الهيبة للمؤسسات التي تجمعها.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.