لهذه الأسباب قضت معركة الزبداني مضاجع شركاء الحرب على سورية ؟! / هشام الهبيشان

 

هشام الهبيشان ( الأردن ) الثلاثاء 7/7/2015 م …

اليوم يراقب العالم ككل  مسار معركة “الزبداني” التي تعتبر في توقيتها ونتائجها المستقبلية عنوانآ لمرحلة جديدة من عمر الحرب على الدولة السورية ،فاليوم بات  لا خيار امام الدولة السورية الا الاستمرار بالحسم العسكري لتطهير ارض سورية من رجس الارهاب ومتزعميه وداعميه ومموليه وان تقرر مصيرها بنفسها بعيدا عن تقاطع مصالح المشروع الأمريكي –الصهيوني وأدواته من الأنظمة  الرجعية العربية  والمـتأسلمة بالاقليم ، وجزء من هذا الحسم هو حسم معركة “الزبداني” التي بدأت قبل ايام داخل بلدة “الزبداني” السورية القريبة من الحدود اللبنانية و تحتل أهمية استراتيجية باعتبارها مفتاح لسلسلة جبال القلمون التي تمتد على طول الحدود السورية اللبنانية.

في سورية اليوم يساوي تحرير “الزبداني” للدولة السورية مكسبآ كبيرآ وورقة رابحة جديدة في مفاوضاتها مع كبار اللاعبين الدوليين المنخرطين بالحرب على الدولة السورية ومن خلال ورقة “الزبداني ” وما بعدها ،ستفرض الدولة السورية شروطها هي على الجميع، وعندها لا يمكن ان تحصل أي تسوية الا بموافقة الدولة ونظامها الرسمي، ووفق ما يراه من مصلحة لسورية الشعب والدولة، بعد كل ما لحق بهذا الشعب من اذى من قبل اطراف الحرب على سورية ،وهنا لا يمكن لأي متابع  أن ينكر حجم الأهمية الاستراتيجية لبلدة “الزبداني ” عسكريآ والمتموضعة بموقعها الاستراتيجي بشمال غرب العاصمة دمشق ، فهي تشكل أهمية استراتيجية بخريطة العمليات العسكرية السورية، وتحتل أهمية استراتيجية باعتبارها مفتاحاً لسلسلة مناطق تمتد على طول الجغرافيا السورية، فهي نقطة وصل بين مناطق القلمون الممتدة من وسط سورية”حمص “،أمتدادآ على طول شريط مناطق القلمون وصولآ إلى الحدود اللبنانية غربآ ،وهي تعتبر تقريبآ من أخر معاقل المجاميع المسلحة المتواجدة على طول السلسلة المذكورة ، إضافة إلى كونها تشكل نقطة ربط بين المناطق الجغرافية السورية المرتبطة بالجولان العربي السوري وسلسلة جبال وتلال الحرمون ومناطق الحدود اللبنانية –السورية من جهة القلمون الشمالي الغربي، وهذا ما يعكس حجم الأهمية الاستراتيجية الكبرى لهذه  البلدة ،بخريطة المعارك بالعاصمة دمشق بشكل عام  ،وريفيها الشمالي والغربي بشكل خاص ،مرورآ بمناطق الجنوب السوري بشكل عام ومحافظة القنيطرة بشكل خاص .

 اليوم بدأت تأثيرات هذه المعركة تظهر على ارض الواقع خارج حدود سورية وفي تصريحات وتحليلات واهتمامات من قبل الاطراف الدولية المنخرطة بالأزمة بسورية، اليوم نرى ونسمع عن استعدادات “إسرائيلية ” بالخفاء والعلن للتدخل بأي وقت بمجريات المعركة وعلى الاغلب سيكون التدخل خارج الحدود السورية واقصد هنا ضربه استباقية لحزب الله داخل قواعده في لبنان ولا استبعد هنا ان يتدخل الكيان الصهيوني بشكل مباشر بمعركة “الزبداني”من خلال تحريك عمليات مبشرة بالجنوب السوري لدعم واسناد  المتطرفين الذين تدعمهم أسرائيل بدء من سلسلة جبال الحرمون أنتهاء بسلسلة جبال القلمون ،الذين راهنت عليهم إسرائيل طويلآ على أمل أن يشكلوا للكيان الصهيوني حزام أمني “جدار طيب” يعزل الجولان العربي السوري المحتل عن عمقه الجغرافي السوري .

وعلى المحور الأخر فقد بدأت الخشية الصهيونية تظهر بشكل واضح من تطور القدرات العسكرية والعملياتية والتخطيطية والتسليحية والتنسيقية بين مقاتلي حزب الله والجيش العربي السوري، فاليوم عندما يخرج جنرالات إسرائيل ويتحدثون بالعلن ان تحرير اجزاء واسعة من بلدة “الزبداني ” المحصنه بشكل كامل من المجاميع المسلحة بساعات معدودة،والتي قد تكون  تحصيناتها العسكرية اكثر من تحصينات الكثير من المدن الإسرائيلية بل يقول بعضهم انها قد تكون اكثر تحصينآ من تل ابيب بحد ذاتها ، وهذا يعني بحسابات القادة العسكريين والسياسيين في تل ابيب ان تحرير الجيش العربي السوري وقوى المقاومة اللبنانية لبلده مثل “الزبداني ” يعني بالعرف العسكري ان مقاتلين حزب الله بالذات والجيش العربي السوري قادرون بأي وقت على اسقاط وتحرير أي مدينه فلسطينية محتلة وضرب خطوط دفاعها وتحصيناتها في أي حرب مستقبلية متوقعة مع الكيان الصهيوني.

ويقول هنا جنرالات الكيان الصهيوني ،ان القوة العسكرية والعملياتيه لحزب الله تحديدآ بأتت قادرة على القيام بأي عملية نوعية داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة وتحرير أراضي ،بأي حرب مستقبلية متوقعة مع الكيان الصهيوني ،فجنرالات الكيان يقولون :أنه كما حرر حزب الله والجيش العربي السوري وضربوا تحصينات المجاميع المسلحة  في مساحات واسعة من “الزبداني والقلمون” هم قادرون على اسقاط وتحرير مدن فلسطينية محتلة بالمستقبل القريب في أي حرب مستقبلية متوقعة ، وهذا شيء جد خطير بالسياسة العسكرية والأمنية الإسرائيلية وهنا ينبع الخوف الاسرائيلي ومن هنا بدأنا نسمع ارتجافات ورعشات الاسرائيليين ومن هنا سمعنا وقرأنا في تحليلات الإسرائيليين عن احتمالات شن عدوان اسرائيلي على قواعد حزب الله في لبنان او حتى التدخل بشكل مباشر في المعركة لتحويل مسار المعركة وبنفس الوقت التخفيف من حجم الضغط على المجاميع المسلحة وبنفس الوقت ضرب حزب الله وشل قدراته اللوجستية والعسكرية  .

معركة الزبداني بشكل خاص والقلمون بشكل عام  لاتعني الكيان الصهيوني فقط  ،فهناك اطراف عدة تعنيها هذه المعركة ، فالنظام السعودي المنغمس بالحرب على سورية لا يريد ان يتلقى هزيمة جديدة، وقد تكررت هزائمه بالقلمون وبعموم مناطق الجنوب السوري تحديدآ ،فتحرير الزبداني يعني للنظام السعودي سقوط كل ما يليها كاحجار الدومينو، وبالتالي خسارة جديدة وكبيرة للنظام السعودي وخصوصآ بمناطق الغوطة الشرقية وخصوصآ بلدة “دوما “التي تعتبر معقل ميليشيا جيش الاسلام المدعومة من النظام السعودي ،و التي من المتوقع أن تنتقل عمليات الجيش العربي السوري لها قريبآ وقريبآ جدآ ، وهذا ما لا يريده النظام السعودي ولذلك اليوم نرى هناك حالة من الترقب والعجز عن التحرك في اركان النظام السعودي المعنية بمسار الحرب على سورية لمجريات معركة “الزبداني “وما بعد الزبداني .

اما بالنسبة لواشنطن فهي الان كما تتحدث الكثير من التقارير والتحليلات أنها بدأت فعليآ بمراجعة موقفها ورؤيتها من تطورات الاحداث بسورية ،وهي بدأت بمراجعة فعلية لموقفها من الحرب على سورية ،وخصوصآ بعد فشل مجموعة عواصف دعمتها واشنطن من جنوب سورية إلى شمالها عن تحقيق أهدافها،وهي تراقب عن كثب تطورات الاحداث بالميدان السوري ،دون ان تحسم موقفها بشكل واضح من هذه التطورات ، فاليوم الصحافة ووسائل الاعلام ومراكز الابحاث  الأمريكية بدأت تتحدث عن فشل الرؤية والاستراتيجية الأمريكية بخصوص موقفها من الحرب على سورية،بعد فشل إمريكا وحلفاءها عن تحقيق أي انجاز فعلي على الارض بسورية ،وتؤكد مراكز الابحاث هذه ان صمود سورية يهيئ الارضية لانتصارها مستقبلآ مدعومة بحلفاءها ،وهذا ما يستدعي من واشنطن ان تحسم خياراتها سريعآ ،وان تعلن موقفآ صريحآ من رؤيتها لتطور أحداث الحرب على سورية ،واشنطن بدورها بدأت تخشى من مسارات المغامرات المنفردة التركية –السعودية-الاسرائيلية في سورية ،والتي تخشى واشنطن ان تكون لها تداعيات كارثية على المنطقة والعالم ككل ،ولهذا فهي تراقب عن كثب هذه التطورات وتوصل رسائلها للجميع “مرحليآ ” أنها ليست معنية بتطور هذه الاحداث وأنه على وشك حسم خياراتها الاستراتيجية بما يخص مسارات الحرب على سورية .

اما بألنسبة لفرنسا وبريطانيا وغيرها من الدول المنخرطة بالحرب على سورية ،فقد تحدثت وسائل اعلام هذه الدول بمجموعة تقارير بما يخص معركة “الزبداني” بشكل خاص ، وتقول هذه التقارير أن تحرير “الزبداني” على أيدي الجيش العربي السوري ومقاتلي حزب الله من شأنه إحداث تغيير جذري في الخارطة العسكرية لأطراف الصراع وتقول هذه التقارير أيضا أن “الزبداني “تعتبر آخر معقل لقوات المعارضة في المنطقة أي منطقة القلمون، وتحريرها سيكون له تداعيات كبرى على الارض ،وهذا ما لا تريده هذه الدول على أقل تقدير بالوقت الراهن،ويبدوا واضحآ ان لندن هي الاخرى بدأت كما واشنطن بترتيب ملفاتها من جديد بما يخص موقفها من الحرب على سورية بعد تمدد رقعة الارهاب الذي بأت فعليآ يهدد بريطانيا بشكل صريح ،اما  النظام الفرنسي  فيبدوا انه سيبقى منخرطآ بالحرب على سورية ،لحين خوض الانتخابات الجديدة بفرنسا ،والتي من المتوقع ان تشكل وفق نتائجها المنتظرة أنعطافة كبيرة من الدولة الفرنسية اتجاه وضع حلول للحرب على سورية .

ختامآ ،على الجميع ان يدرك بأن معركة القلمون بشكل عام و “الزبداني” بشكل خاص ستكون لها الكلمة الفصل وفق نتائجها المنتظرة بأي حديث قادم يتحدث عن تسويات بمسارات الحرب على الدولة السورية وتغيير كامل ومطلق بشروط التفاوض المقبلة بين جميع الاطراف فالمعركة لن تتوقف عند حدود بلدة “الزبداني ” وسيكون لها تداعيات كبيرة على عموم ملفات الميدان العسكري السوري …

*كاتب وناشط سياسي –الاردن .

hesham.awamleh@yahoocom

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.