محاولة إسقاط الرابع / د. منذر الحوارات
د. منذر الحوارات ( الأردن ) الإثنين 17/12/2018 م …
تنويه للقراء غير الأردنيين : هذا المقال للكاتب المحترم مغرق في المحلّيّة ( الأردنية )، وعليه لا بد من توضيح بعض المفردات الواردة في متنه …
* الرابع : الدوار الرابع في جبل عمان ، حيث مقر رئاسة الوزراء …
فجأة يتم استدعاء العديد من الشباب للاجتماع والحوار مع رئيس الحكومة دولة عمر الرزاز، السبب محاولة لاحتواء الدعوات للاعتصام في الدوار الرابع، احتجاجا على قرارات حكومية ورفضها، والمطالبة بإسقاط الحكومة وبتغيير جوهري في السياسات بشكل عام يشتمل النهج الذي تُبنى عليه ابتداءً من آليات صناعة القرارات الى لحظة تنفيذه وما بعد ذلك.
كانت تلك الدعوة على عجل، شملت النشطاء الحركيين على مستويات عديدة، رُفضت الدعوة من قبل اغلب الناشطين المعروفين والذين كان لهم وجود يمكن قياسه على الارض خلال سنوات الربيع العربي .
وكانت اسباب الرفض عديدة، تتخلص في ان الحكومة اجرت العديد من اللقاءات مع قطاعات نقابية وسياسية واقتصادية، ولم تأخذ نتائج تلك اللقاءات على محمل الجد، ولقاء جديد، لن يكون له اي اثر ملموس على قرارات الحكومة، سوى انها سوف تتباهى مستقبلاً انها حاورت جميع اطياف المجتمع ولا لوم عليها او على رئيسها، هذا كان ماثلاً امام العديد من قيادات الحراك، والذين لم تغب عن اذهانهم الكيفية التي تعاملت فيها الحكومة مع حالات الغضب في المحافظات، حيث مضت قدماً باتخاذ قرارها بدون ادنى اعتبار لحالات الهيجان الشعبي تلك.
بالإضافة لذلك رفض الحراكيين اي حوار مع الحكومة، طالما زملائهم رهن الاعتقال، بسبب موقفهم المعادي للسياسات الحكومية، وطالبوا بإطلاق سراحهم قبل اي حديث، يضاف الى ذلك المطالبة بإسقاط قانون الجرائم الالكترونية، والعودة عن قانون الضريبة المرفوض بشكل واسع، والذي اسقط حكومة الملقي قبيل اشهر.
كان ذلك الرد الذي اعتمده اغلب النشطاء وأصدروا بياناً بذلك مقروءاً ومكتوباً ، ولكن فوجئ الجميع ان الاجتماع يجري الحديث عنه وأن ثمة حضور للعديد من النشطاء، ومنذ اللحظة الاولى تبين ان الاجتماع والذي افتقد الى أبجديات الحوار الحقيقية، كان مرتباً له لغايات استثمار لاحق لوقائعه.
حينما ابتدأ الرئيس الحديث مال كلامه لصيغة الوعظ والتمنيات، اكثر منه طرح اجندة واضحة، ماذا تريدون وماذا يمكن ان نفعل، ليس ثمة جدول اعمال وليس من طاولة بأي شكل، اي لا اعتراف بالجالسين انهم أطراف سياسية لها مطالب.
بعد ان أتم الرئيس مواعظه بدأ الحضور بالحديث بسقوف تجاوزت حدوداً كثيرة، وبدت كمن يبثون همومهم، ولكن بعنف وصل لحد تعنيف الرئيس وحكومته، انتهى الاجتماع بعد هذا الكرنفال الخطابي بدون ان يستطيع اي احد الحديث عن اي نتائج يمكن رصدها.
تلى ذلك اجراء العديد من اللقاءات التلفزيونية مع عدد من اعضاء من فريق النشطاء، رُصدت فيها هفوات عديدة، تم نشرها بعناية فائقة مع التركيز على كل حرف، وكانت الأخطاء كثيرة لدرجة الاحراج .
لكن السؤال ماذا ارادت الحكومة من ذلك ؟ الإجابة الظاهرة انها ارادت الحوار مع القوى الرافضة لسياساتها، ولكن هل كانت تلك هي الحقيقة ؟ بدون شك لا، فتسلسل الاحداث اللاحقة يشير ان الهدف الأساسي هو ايجاد شرخ داخل القوى الشبابية المحركة للشارع، يؤدي الى انقسامهم وتشتت قوتهم، والثاني هو ايجاد حالة من الشك في جدية امتلاك هذه القيادات لبرنامج سياسي يمكن البناء عليه ومحاورته، وكانت الطريقة الاستعراض الخطابي الذي ميز اللقاء واحد من الأدوات التي استخدمت حكومياً فيما بعد.
فالطريقة الاحتفالية التي وصفت بها الناطقة بلسان الحكومة تشير لذلك، حيث وصفت ما جرى بأنه خارج حدود المألوف والأعراف الاردنية، وهو غير لائق ومدان ومنتقد مجتمعياً، وكانت تعني بذلك ان من يكون بهذه الصفات لا يجدر به ان يقود حراكاً، غايته تحقيق مصالح المجتمع وتطلعاته، ولا يحق له معارضة السياسات الحكومية الحصيفة بحسب رأيها.
هنا كانت الخطة لنسف شرعية من أسمتهم قادة الحراك، لأنهم ليسوا أهلاً لذلك كما تريد ان تروج، ودليلها كان مجريات اللقاء ذاتها .
لم يقف الأمر عند هذا الحد بل تجاوز ذلك للمحاولة المسبقة لألقاء ظلال من الشك حول التحرك المقبل في الشارع، بتعزيز المخاوف الموجودة اصلاً من اجندات خارجية تحرك الشارع، وان التحرك الداخلي مرتبط ببعض الشخصيات المعارضة في الخارج، ذات الأجندات غير الوطنية والمرهونة لمصالح غايتها النيل من الاْردن .
هنا كانت الغاية شيطنة حالة الرابع وربطها بتلك التحركات الخارجية ذات الغاية التي شُرحت سابقاً، ولتعزيز ذلك تم فرض حصار في اليوم المنشود، اعني الخميس، بحيث يكون الوصول لمنطقة التجمع اشبه بالمستحيل حتى لا يصل الا العدد القليل جداً ليقال ان لقاء الرئيس أتى أُكله، والدليل قلة المشاركين هذا من ناحية، ومن الطرف الاخر ظهرت مجموعة من المحتجين تحاول الاحتكاك برجال الامن، كل ذلك على ما يبدو لإلصاق صفة التخريب بالمحتجين، والسيدة التي أظهرتها الاشرطة المتداولة اثبتت ذلك.
القراءة السياسية لسلوك الحكومة وكوادرها توحي بأنها أعدت خطة محكمة، لإسقاط شرعية قادة الحراك، والثاني بمحاولة إسقاط رمزية الرابع في مقدرته على خض المياه الراكدة في الحياة السياسية الاردنية، ومحاولة إعادتها الى ما يعتقد الكثيرون انه جادة الصواب.
بعد ذلك كله من المستفيد ؟ أهي الحكومة ؟ ام الدولة الاردنية بمواطنيها، بغض النظر عن موقفهم من الحكومة وقراراتها ؟ ربما اوحت قلة الخبرة السياسية هذا التصرف غير الحصيف، ولكن الأكيد ان المتضرر الاول من هذا العمل هو الدولة الاردنية، والمؤكد الذي لا جدال فيه ان الحكومة نفسها لن تكسب بل خسرت الكثير الكثير، حيث بدت متخبطة غير واثقة لا تمتلك العقل الراجح لاتخاذ قرار صائب في لحظة حرجة.
فحينما تحاول عناصر في الدولة شق اي تكتل شعبي معارض، وجعله يتفتت فبدون شك ان المخاطر المترتبة عن ذلك سيكون وبالها على من بيده الامر اكثر من غيره، لصعوبة ضبط الحالة المستجدة الناتجة عن ذلك.
فما بالنا والحراك يمتلك القناعة بأنه يعيد الدولة الاردنية الى جادة الصواب، بعد ان فقدت كما يعتقد الكثيرون بوصلتها وباتت في يد أقلية لو قيس وزنها في الشارع وعلى صعيد الدولة لن يظهر مقياس الوزن اي مؤشرات تذكر على مكانة حقيقية لها.
مع ذلك حين قال احد النواب لرئيس الوزراء الحالي انه يصوت له احتراماً لإرث والده المفكر القومي الكبير، والذي كان معارضاً منهجياً وراديكاليا لمؤسسة العرش في حينه، الا يساوي ذلك إقراراً بأن خمسة عقود من الحكم قد فقدت مشروعيتها امام هذه العبارة ؟ الا يحق لنا ان نسأل بعد كل ذلك هل انقلبت الدولة على ذاتها ؟ هل قررت إدانة ماضيها ؟ هل كشطت رعيلها الاول لمصلحة جدد هويتهم وانتمائهم لا زال هلامياً غير واضح المعالم ؟
بعد ذلك ألا يكون الرابع هو التيار الحقيقي المدافع عن الدولة بإرثها ؟ الا يكون اولئك الشباب قد تحركوا بوحي من مطالب بسيطة، ولكن نتيجة عملهم ستكون اهم بكثير من تلك المطالَب ؟ انها الدولة القابلة للبقاء، ألا يعتبر من يحاول تشويه صورتهم ساعي لحرف الدولة ومؤسسات الحكم فيها عن جادة البقاء؟
تلك مجرد أسئلة تجول في خاطر بلد تحدى كل الظروف وبقي ، وباعتقادي انه سيبقى..
فجأة يتم استدعاء العديد من الشباب للاجتماع والحوار مع رئيس الحكومة دولة عمر الرزاز، السبب محاولة لاحتواء الدعوات للاعتصام في الدوار الرابع، احتجاجا على قرارات حكومية ورفضها، والمطالبة بإسقاط الحكومة وبتغيير جوهري في السياسات بشكل عام يشتمل النهج الذي تُبنى عليه ابتداءً من آليات صناعة القرارات الى لحظة تنفيذه وما بعد ذلك.
كانت تلك الدعوة على عجل، شملت النشطاء الحركيين على مستويات عديدة، رُفضت الدعوة من قبل اغلب الناشطين المعروفين والذين كان لهم وجود يمكن قياسه على الارض خلال سنوات الربيع العربي .
وكانت اسباب الرفض عديدة، تتخلص في ان الحكومة اجرت العديد من اللقاءات مع قطاعات نقابية وسياسية واقتصادية، ولم تأخذ نتائج تلك اللقاءات على محمل الجد، ولقاء جديد، لن يكون له اي اثر ملموس على قرارات الحكومة، سوى انها سوف تتباهى مستقبلاً انها حاورت جميع اطياف المجتمع ولا لوم عليها او على رئيسها، هذا كان ماثلاً امام العديد من قيادات الحراك، والذين لم تغب عن اذهانهم الكيفية التي تعاملت فيها الحكومة مع حالات الغضب في المحافظات، حيث مضت قدماً باتخاذ قرارها بدون ادنى اعتبار لحالات الهيجان الشعبي تلك.
بالإضافة لذلك رفض الحراكيين اي حوار مع الحكومة، طالما زملائهم رهن الاعتقال، بسبب موقفهم المعادي للسياسات الحكومية، وطالبوا بإطلاق سراحهم قبل اي حديث، يضاف الى ذلك المطالبة بإسقاط قانون الجرائم الالكترونية، والعودة عن قانون الضريبة المرفوض بشكل واسع، والذي اسقط حكومة الملقي قبيل اشهر.
كان ذلك الرد الذي اعتمده اغلب النشطاء وأصدروا بياناً بذلك مقروءاً ومكتوباً ، ولكن فوجئ الجميع ان الاجتماع يجري الحديث عنه وأن ثمة حضور للعديد من النشطاء، ومنذ اللحظة الاولى تبين ان الاجتماع والذي افتقد الى أبجديات الحوار الحقيقية، كان مرتباً له لغايات استثمار لاحق لوقائعه.
حينما ابتدأ الرئيس الحديث مال كلامه لصيغة الوعظ والتمنيات، اكثر منه طرح اجندة واضحة، ماذا تريدون وماذا يمكن ان نفعل، ليس ثمة جدول اعمال وليس من طاولة بأي شكل، اي لا اعتراف بالجالسين انهم أطراف سياسية لها مطالب.
بعد ان أتم الرئيس مواعظه بدأ الحضور بالحديث بسقوف تجاوزت حدوداً كثيرة، وبدت كمن يبثون همومهم، ولكن بعنف وصل لحد تعنيف الرئيس وحكومته، انتهى الاجتماع بعد هذا الكرنفال الخطابي بدون ان يستطيع اي احد الحديث عن اي نتائج يمكن رصدها.
تلى ذلك اجراء العديد من اللقاءات التلفزيونية مع عدد من اعضاء من فريق النشطاء، رُصدت فيها هفوات عديدة، تم نشرها بعناية فائقة مع التركيز على كل حرف، وكانت الأخطاء كثيرة لدرجة الاحراج .
لكن السؤال ماذا ارادت الحكومة من ذلك ؟ الإجابة الظاهرة انها ارادت الحوار مع القوى الرافضة لسياساتها، ولكن هل كانت تلك هي الحقيقة ؟ بدون شك لا، فتسلسل الاحداث اللاحقة يشير ان الهدف الأساسي هو ايجاد شرخ داخل القوى الشبابية المحركة للشارع، يؤدي الى انقسامهم وتشتت قوتهم، والثاني هو ايجاد حالة من الشك في جدية امتلاك هذه القيادات لبرنامج سياسي يمكن البناء عليه ومحاورته، وكانت الطريقة الاستعراض الخطابي الذي ميز اللقاء واحد من الأدوات التي استخدمت حكومياً فيما بعد.
فالطريقة الاحتفالية التي وصفت بها الناطقة بلسان الحكومة تشير لذلك، حيث وصفت ما جرى بأنه خارج حدود المألوف والأعراف الاردنية، وهو غير لائق ومدان ومنتقد مجتمعياً، وكانت تعني بذلك ان من يكون بهذه الصفات لا يجدر به ان يقود حراكاً، غايته تحقيق مصالح المجتمع وتطلعاته، ولا يحق له معارضة السياسات الحكومية الحصيفة بحسب رأيها.
هنا كانت الخطة لنسف شرعية من أسمتهم قادة الحراك، لأنهم ليسوا أهلاً لذلك كما تريد ان تروج، ودليلها كان مجريات اللقاء ذاتها .
لم يقف الأمر عند هذا الحد بل تجاوز ذلك للمحاولة المسبقة لألقاء ظلال من الشك حول التحرك المقبل في الشارع، بتعزيز المخاوف الموجودة اصلاً من اجندات خارجية تحرك الشارع، وان التحرك الداخلي مرتبط ببعض الشخصيات المعارضة في الخارج، ذات الأجندات غير الوطنية والمرهونة لمصالح غايتها النيل من الاْردن .
هنا كانت الغاية شيطنة حالة الرابع وربطها بتلك التحركات الخارجية ذات الغاية التي شُرحت سابقاً، ولتعزيز ذلك تم فرض حصار في اليوم المنشود، اعني الخميس، بحيث يكون الوصول لمنطقة التجمع اشبه بالمستحيل حتى لا يصل الا العدد القليل جداً ليقال ان لقاء الرئيس أتى أُكله، والدليل قلة المشاركين هذا من ناحية، ومن الطرف الاخر ظهرت مجموعة من المحتجين تحاول الاحتكاك برجال الامن، كل ذلك على ما يبدو لإلصاق صفة التخريب بالمحتجين، والسيدة التي أظهرتها الاشرطة المتداولة اثبتت ذلك.
القراءة السياسية لسلوك الحكومة وكوادرها توحي بأنها أعدت خطة محكمة، لإسقاط شرعية قادة الحراك، والثاني بمحاولة إسقاط رمزية الرابع في مقدرته على خض المياه الراكدة في الحياة السياسية الاردنية، ومحاولة إعادتها الى ما يعتقد الكثيرون انه جادة الصواب.
بعد ذلك كله من المستفيد ؟ أهي الحكومة ؟ ام الدولة الاردنية بمواطنيها، بغض النظر عن موقفهم من الحكومة وقراراتها ؟ ربما اوحت قلة الخبرة السياسية هذا التصرف غير الحصيف، ولكن الأكيد ان المتضرر الاول من هذا العمل هو الدولة الاردنية، والمؤكد الذي لا جدال فيه ان الحكومة نفسها لن تكسب بل خسرت الكثير الكثير، حيث بدت متخبطة غير واثقة لا تمتلك العقل الراجح لاتخاذ قرار صائب في لحظة حرجة.
فحينما تحاول عناصر في الدولة شق اي تكتل شعبي معارض، وجعله يتفتت فبدون شك ان المخاطر المترتبة عن ذلك سيكون وبالها على من بيده الامر اكثر من غيره، لصعوبة ضبط الحالة المستجدة الناتجة عن ذلك.
فما بالنا والحراك يمتلك القناعة بأنه يعيد الدولة الاردنية الى جادة الصواب، بعد ان فقدت كما يعتقد الكثيرون بوصلتها وباتت في يد أقلية لو قيس وزنها في الشارع وعلى صعيد الدولة لن يظهر مقياس الوزن اي مؤشرات تذكر على مكانة حقيقية لها.
مع ذلك حين قال احد النواب لرئيس الوزراء الحالي انه يصوت له احتراماً لإرث والده المفكر القومي الكبير، والذي كان معارضاً منهجياً وراديكاليا لمؤسسة العرش في حينه، الا يساوي ذلك إقراراً بأن خمسة عقود من الحكم قد فقدت مشروعيتها امام هذه العبارة ؟ الا يحق لنا ان نسأل بعد كل ذلك هل انقلبت الدولة على ذاتها ؟ هل قررت إدانة ماضيها ؟ هل كشطت رعيلها الاول لمصلحة جدد هويتهم وانتمائهم لا زال هلامياً غير واضح المعالم ؟
بعد ذلك ألا يكون الرابع هو التيار الحقيقي المدافع عن الدولة بإرثها ؟ الا يكون اولئك الشباب قد تحركوا بوحي من مطالب بسيطة، ولكن نتيجة عملهم ستكون اهم بكثير من تلك المطالَب ؟ انها الدولة القابلة للبقاء، ألا يعتبر من يحاول تشويه صورتهم ساعي لحرف الدولة ومؤسسات الحكم فيها عن جادة البقاء؟
تلك مجرد أسئلة تجول في خاطر بلد تحدى كل الظروف وبقي ، وباعتقادي انه سيبقى..
التعليقات مغلقة.