وجوه متعددة لانتصار واحد / د. يحيى محمد ركاج

 

د. يحيى محمد ركاج * ( سورية ) الأربعاء 8/7/2015 م …

*باحث في السياسة والاقتصاد

إن إخفاء المعلومة الصحيحة أو إنقاصها يعتبر أحد أنواع الكذب الذي يتجاهله الناس عادة في أوقات الرخاء والسلم، ويتعمدونه في أوقات الاضطرابات والحرب، لأن إخفاء المعلومات التي من شأنها أن تحدث فتنة أو تحبط المعنويات المرتفعة للمواطنين، أو من شأنها أن تحقن دماء الأبرياء يعتبر من باب الضرورة والإنسانية، وفي الوجه المقابل للحقيقة فإن إخفاء معلومات الانتصارات والفرح في أوقات الحروب يعتبر من باب الخيانة التي تمتهنها بعض الأدوات الإعلامية عمداً أو جهلاً، بل تستخدمها في كثير من الأحيان بعض القنوات المعادية كوسيلة للحرب النفسية الموجهة لمن تعلن حربها عليهم، ولنا في سلوك قنوات الإعلام المعادية لسورية شواهد وأدلة كثيرة.

إن المتابع لتطورات الأحداث في منطقة شرق المتوسط يشاهد انتصارات واضحة للعيان في الحروب التي تقودها شعوب هذه المنطقة ضد العدوان الأنجلوسكسوني المدعوم من الصهيونية العالمية ومن تبعهم من الخونة الأعراب، ولعل أفصح هذه الانتصارات في كتابة العزة للأمة العربية ولشعوب هذه المنطقة هي إنجازات الجيش العربي السوري والقوات العراقية وحلف المقاومة التي وحد جهودها الجيش السوري والقيادة السورية في جبهات متعددة، كما يدرك أيضاً أهمية بعض الانتصارات التي قد لا تبدو واضحة للعيان لعامة الناس لبعدها عن النواحي العسكرية والميدانية، أو لبعدها عن الحيز المكاني لأرض المعركة التي تشهد ملاحم البطولة والفداء.

إن أولى هذه الانتصارات التي قد لا تبدو للوهلة الأولى ذات أهمية بالنسبة لمعركتنا في سورية على وجه الخصوص والمنطقة العربية وحلف المقاومة على وجه العموم كانت في نتائج الانتخابات التي شهدتها بعض الدول وما آلت إليه الأحداث من اختراق في القرار السياسي المعادي لسورية والمقاومة، وإن كانت نتائجه ليست ذات تأثير سريع في مجمل التطورات الإيجابية للأحداث لكنها ذات عامل موجه في تحديد ملامح النصر السوري والعراقي القادمين.

ثاني هذه المؤشرات هو الانتكاسات التي عانى منها النظام المالي العالمي في الفترة الماضية والتي فرضت على الكثير من الدول المنخرطة بالعدوان على سورية والمنطقة سلوكاً اقتصادياً ومالياً مغايراً لما هو مقرر وفقاً لسياساتها الليبرالية، والتي تُوجت بسلوك غير مألوف لليورو مقابل المنفعة الحدية لسلوك المستهلك والمستثمر الأوروبي على حد سواء.

ومن هذه المؤشرات أيضاً هو التقادم الزمني للأحداث التي تشهدها اليمن وما آلت إليه هذه الأحداث من انكسارات لدجل القوة والهيمنة وصناعة القرار العالمي، وافتضاح أكثر لمبررات السيطرة على الممرات المائية والنقاط الجيوستراتيجية في المنطقة العربية والعالم.

ولعل أحدث هذه المؤشرات وأكثرها اهتماماً عالمياً في هذه الأيام هو نتيجة الاستفتاء اليوناني على الهيمنة الانجلوسكسونية والمتمثلة في رفض الشعب اليوناني للمقترحات والإصلاحات الأوروبية، وهنا موضوع في غاية الأهمية لما يمثله هذا الرفض من نقطة انتصار قوية للحرب الباردة الجديدة بين الدب الروسي وحلفائه في منظومة البريكس في مواجهة هذه الهيمنة من جهة، وفي الحرب الاقتصادية الدائرة بينهما من خلال المواجهة بين بنك التنمية الذي أقرته دول البريكس وبين الدولار وأدواته غير النزيهة من صندوق القد الدولي والبنك الدولي وباقي المؤسسات الداعمة له من جهة أخرى.

إن المواجهات الدائرة في شرق المتوسط عموماً وفي سورية على وجه الخصوص تجسد الحرب العالمية بين القوى الكبرى الراغبة في السيطرة على العالم والتي تمثل الجمهورية العربية السورية بصمود شعبها وبسالته نقطة التحول المفصلية فيه ، وما المؤشرات التي قمنا بعرضها هنا إلا جزءاً يسيراً من مؤشرات انتصار سورية المنعكسة سريعاً على القرارات العالمية، والتي للأسف لا تنعكس بالوتيرة المتسارعة نفسها على الأرض السورية لأنها المذبح الرئيس لقربان التقرب من الله في السيطرة على العالم، حيث أن الأضحية هي النفايات البشرية التي تم تصديرها إلى سورية، وأن شهداء الأمة الذين ورد ذكرهم في الأثر في أخر الزمان هم بواسل سورية وأبناؤها البررة.

عشتم وعاشت الجمهورية العربية السورية

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.