رسائل ومغزى زيارة البشير لدمشق / خيام الزعبي
إن المتابع للأحداث السياسية في المنطقة وخصوصاً في الشأن السوري يستنتج بأن المشروع الأمريكي -الغربي يحتضر
ويلفظ أنفاسه الأخيرة، كونه لم ينجح في تنفيذ أهدافه الرئيسية في إشعال المنطقة في حرب طائفية لتحقيق أهداف ‘’إسرائيل’’ التي تعتبر الراعي الأول و الرئيسي للإرهاب في العالم، لكن الجيش السوري أخرسهم وسجل إنتصاراً باهراً وملموساً على الإرهابيين ودك حصونهم ودحر فلولهم وسيطر على المدن والقرى التي كانت تحت سيطرتهم، حيث تشير كافة المعطيات الراهنة والدلالات الميدانية إلى تصاعد المؤشر البياني لهذه الإنتصارات على أرض الواقع، وأن الإنتصار الحتمي قادم والمسألة بأكملها نحو الحسم خلال الفترة القادمة.
في سياق متصل تأتي زيارة الرئيس السوداني عمر البشير إلى دمشق لتكون منعطفا واضحاً وشفافاً وكبيراً لتطوير العلاقات السورية السودانية في المستقبل ، كما تمثل هذه الزيارة التحدي الأكبر للأنظمة المعادية لسورية وضربة سياسية سودانية كبيرة تعكس جدية المواقف السودانية تجاه سوريا، ورسالة إلى المجتمع الدولي مفادها أن السودان ثابتة في مواقفها بالنسبة لدمشق، فالسودان تشترك مع سورية في مواجهة التهديد الإرهابي باعتبارهما «في جبهة واحدة»، وأنه من مصلحة الحكومة السودانية التعاون مع الحكومة السورية في مقاومة الإرهاب ، ومن هذا الإطار فإن السودان تجري مراجعة شاملة إستناداً إلى ما تشهده المنطقة من تغيرات، إنطلاقاً من حاجتها إلى محور سوريا المقاومة، لذلك يمكن القول إن زيارة الرئيس البشير إلى سورية تؤكد أن هناك تفاهمات تصل إلى حد التطابق بين سورية والسودان وأن السودان مع دمشق في خندق واحد.
في نفس السياق إن توقيت زيارة الرئيس البشير لدمشق مهم جدا في ظل هذه الظروف الصعبة التي تمر بها المنطقة حالياً، ويمكن وضع هذه الزيارة في سياق التعاون والتنسيق والتشاور المستمر بين البلدين إزاء ما يحدث في المنطقة، لبلورة موقف مشترك وواضح من مجمل ما يجري على الساحتين الإقليمية والدولية، خاصة أن أمريكا وحلفاؤها في المنطقة يحاولون خلط الأوراق من جديد، ووضع العصي في عجلات أي جهود لإيجاد حل للأزمة السورية بما يلبي طموحات الشعب السوري بالإنتقال نحو مستقبل أفضل بعيداً عن التدخلات والإملاءات الخارجية، كما تحمل في طياتها رسائل إلى من يهمه الأمر بأن علاقات الشراكة الإستراتيجية القائمة بين السودان ودمشق متينة.
وإنطلاقاً من ذلك إن ثبات واستقرار هذه المنطقة رهين بالعلاقات الايجابية بين كل من دمشق والدول العربية، وعلى البلدان العربية التي تعيش في حالة من التردد في التعاطي مع دمشق إلا أن تعترف بقوتها سياسياً واقليمياً، وكما لجأت بعض الدول إلى لغة الحوار مع دمشق فمن المناسب أن يلجأ محور أعداء دمشق إلى المنهج نفسه وليس المواجهة أو الصراع معها من أجل تحقيق أمن المنطقة.
مجملاً…. إن إعادة العلاقات السورية السودانية تمثل في الظروف الحالية حاجة إستراتيجية للطرفين، والتنسيق بينهما سيعيد إلى المنطقة شيئاً من التوازن ومنطلقاً للتأسيس لحالة من الإستقرار في خضم المرحلة المضطربة الراهنة، بالإضافة إلى أن الإنفتاح الدبلوماسي على دمشق سيأخذ شكلاً علنياً حيث تتهيأ السفارات العربية والغربية لإستئناف نشاطاتها في سوريا، لذلك آن الأوان لنتعاون مع باقي قوى التوازن بالعالم لتجاوز أزمتنا والمضي بوطننا الكبير «سوريا» نحو المستقبل ، وبالتالي فإن كل هذه المعطيات تشير إلى أن الأيام المقبلة قد تحمل مفاجآت كثيرة، ما يعني نتائج جديدة ربما تكون إيجابية لبعض دول الإقليم في المنطقة وعلى الأخص سوريا.
التعليقات مغلقة.