الأردنيّ الأصيل / فرحان الحسبان… الشهيد الذي تنبأ بالشهادة وهرع إليها
محمد الداودية* ( الأردن ) الخميس 9/7/2015 م …
*وزير أردني سابق…
== الصورة للشهيد الحسبان
نص رسالة الشهيد الى ابنته:
((ابنتي …
أكتب هذا الكتاب في الليلة الثالثة من شهر حزيران سنة 1968 عندما كنت جالسا في خيمتي، كنت أؤمن أن الموت حق وكذلك الشهادة في سبيل الحق والواجب والمسجد الأقصى فإذا وهبني الله الشهادة راجيا أن تعتزي عندما يقال اسمي واجهري بصوتك أن والدك شهيد نعم شهيد انه فارق الحياة وهو مقبل نعم مقبل وليس مدبرا وإذا قيل إن والدك فارق الحياة وهو مدبر وكان هذا صحيح لا تتعرفي إليّ ولكن وحياتك وحياة والدي الذي هو اعز وأنبل رجل بنظري لن أكون هكذا سأستشهد وأنا مقبل وبعد أن أبلي بلاء حسنا في سبيل المسجد الأقصى، وفي سبيل إزالة العار عن هذا الجيل الذي كتب الله عليه الجهاد في سبيله. كان أملي أن أراك فتاة تقولي لي بابا ولكن لنا لقاء في جنات الخلد.
ولي بعض الوصايا وهي 1- كوني في شبابك مثال الأخلاق.
2- كوني في زواجك نعم الزوجة ونعم الأم.
3- سمي ابنك فرحان كي لا تنسي اسمي وهذا أملي.
يوم الاثنين 3-6-1968 *
والدك فرحان ))
* استشهد الملازم فرحان محمد الحسبان يوم الثلاثاء 4-6- 1968 أي بعد كتابة وصيته/رسالته، بساعات.
********
رسالة / وصية الشهيد فرحان محمد الحسبان هي من الرسائل الخالدة في وجدان شعبنا، فقد كتبها هذا الفتى العشريني “الحْسِني” الأسمر الوسيم وسط تقاطع نيران حرب الاستنزاف على خط النار في أغوار الأردن -على “الشريعة”- وعلى مشارف القدس، منطلقا من 4 دوافع هي:
1 – الحق الفلسطيني الذي آمن انه له وانه مكلف باسترداده الى درجة الاستشهاد في سبيل استرداده.
2 – الواجب الذي هو على استعداد للموت في سبيل أدائه.
3 – تحرير المسجد الأقصى الذي زرناه في رحلة مدرسية معا مرة واحدة قبل احتلاله.
4 – إزالة عار نكسة حزيران واحتلال الضفة الغربية والهضبة السورية وسيناء في 5 حزيران عام 1967.
من بنى هذا “الساموراي” الأردني على حقيقة أن فلسطين أرضه وشرفه وانه مكلف باستردادها؟ من صاغ هذا الفتى الجميل وكوّنه على هذه الصلابة المذهلة؟ من صبّ في قلب فرحان هذه الجسارة الخارقة والإيمان والفداء ودم العروبة العظيمة؟ من نصّبه وكيلا عن أمته يقدم دمه وروحه من اجل إزالة عار لحقها حين النكسة؟ من غرس في قلبه أن أداء الواجب، واجب، ليبذل روحه في سبيله؟ من طوّب باسمه المسجد الأقصى ليذود عنه هذا الذود اليقظ الأسطوري حتى ” النصر او الشهادة” ؟
من يقرأ الرسالة/الوصية يلحظ كم كان فرحان فرحانا وفخورا ومزهوا وشجاعا وهو يهرع إلى الشهادة المتاحة.
كنا في ثانوية المفرق نتبادل الكتب والقصائد ونتمشى على طريق جرش في مساء المفرق النادر نقرأ كثيرا عن الشهداء: عبد الرحيم محمود “سأحمل روحي على راحتي”، وأبي القاسم الشابي “إذا الشعب يوما أراد الحياة”، ونقرأ إيليا أبي ماضي وعرارا ونتــــفكر في رســـــائل بنات ثانوية المفرق الموجـــــــهة إلينا وفيها: “غــــدا فــــي ساحـــــات الوغى، منكم الجرحى ومنا الممرضات” !!
أي قدر هذا الذي كن يبصرنه؟ وأي قدر هذا الذي خفّ إليه فرحان ابن الحادية والعشرين وهو بالكاد كحّل عينيه بنور ابنته فيحاء ابنة الـ10 شهور؟
ملاحظات: زرت المحامي محمد أحمد الحسبان زوج السيدة فيحاء ابنة الشهيد الملازم فرحان محمد الحسبان في المفرق مساء الاثنين الماضي.
كنت قد نَشرتُ صورةً عن وصية الشهيد إلى ابنته أيام كنت صحافيا وكان عليها نقاط من دماء الشهيد الطاهرة.
المحامي محمد الحسبان تزوج ابنة عمه فيحاء وأنجبا (فرحان).
الأسرة المباركة تسكن اليوم مجاورة لمسجد الشهيد فرحان محمد الحسبان في المفرق.
أنسب إلى الصديق د.محمد الذنيبات وزير التربية والتعليم أن يضم هذه الوصية إلى مناهج أبنائنا.
التعليقات مغلقة.