السودان … إنها الثورة !! / عاطف زيد الكيلاني
عاطف زيد الكيلاني* ( الأردن ) الإثنين 24/12/2018 م …
* مؤسس وناشر ومدير عام ” الأردن العربي ” …
أخيرا ، ثارت جماهير الشعب السوداني في وجه النظام ( الإسلاموي ) المجرم.
فالشعب السودانيّ البطل ، يستحق بالتأكيد ما هو أفضل من البشير وعصابته .
فهل ستطيح ثورة الخبز في السودان بحكم العسكر؟!!
جاءت الأحداث الساخنه في السودان بعد سلسلة مستمرة من الأزمات الاقتصادية أبرز معالمها غلاء السلع الأساسية، كالخبز و بنزين، تبعته ندرة حادة، وانتهت بانعدام شبه كامل.
ثم جاء الحدث الأغرب في العالم وهو قيام البنوك بحجز أموال المودعين في إجراء أفقد المحللين قدرتهم على التفسير… فاضطرت الأسرة السودانية إلى توزيع أفرادها بين من يقف على صف الخبز ومن يقف على صف البنزين والغاز ومن يبيت ليلته أمام بوابة البنك، لعل البنك يتصدق عليه بحفنة من المبلغ المودع.
ثم جاءت موجة الحرائق التي يعتقد أنها من أفعال النظام، وكان آخرها احتراق أكبر الأسواق (سوق أم درمان 300 محل تقدر الخسائر ب 840 مليار جنيه).
السوداني يشعر بالإهانة ، فبلاده أصبحت مصدرا للمرتزقة الذين يقاتلون في حرب سعودية صرفة ضد الشعب اليمني.
وكل تلك الأزمات يقابلها بذخ في الإنفاق الحكومي.
اندلعت المظاهرات وانتفضت المدن بدأت بمدينة (الحديد والنار) مدينة عطبرة وقامت الحكومة بفرض حالة الطوارئ.
المواطنون لاينتظرون من الحكومة أي حلول للأزمات ولايعولون على رموز ( المعارضة الرجعية ) مثل الصادق المهدي ونداء السودان وغيرها من الشخصيات المهترئة والتنظيمات التي نخرها سوس الطائفية .
بل إن الشعب السوداني يصنفها كوجه من وجوه الأزمة، ورغم ما عرف عن السودانيين من تدين، لكنهم وبعد أن طفح بهم الكيل الجمعة الماضية، عاقبوا إمام وخطيب الجمعة وسحلوه ومنعوه من الخطبة، لأنه مهد لخطبته بعدم جواز المظاهرات وعدم الخروج على الحاكم.
الحل الديمقراطي سيواجه بصعوبات خاصة أن الكثير من الزعامات التقليدية مثل الصادق المهدي وغيره ( قد ) تعقد صفقة مع النظام على حساب آلام الشعب السوداني وتوقه إلى الخبز والحرية والكرامة .
والانقلاب العسكري مستبعد ولن يثق فيه المواطنون لأنه سيكون محاولة لحماية مبطنة للنظام، فقد أشاع النظام أن قائد الجيش يدرس إعلان تولي الجيش للحكم ورصد استهزاء الشارع لأن قائد الجيش خادما مطيعا للبشير.
بدأت الانتفاضة الحالية بالولايات (المحافظات) البعيدة عن المركز والثقل الامني، بدأت من المركز اليساري مدينة عطبرة ( مدينة الحديد والنار ) حيث العقول أكثر تقبلا للتغيير وأكثر استعدادا للفداء، وانكسر حاجز الخوف لدى المواطن العادي وبدأ النظام يعرف معنى التحدي، وجرى تحييد عدد كبير من جنود وضباط الجيش وقليل من الشرطة، ونجحت عطبرة في فرض التحرير من سلطة النظام، وقدمت عطبرة ثلاث شهداء.
بورتسودان ( صنبور ) الخزينة للنظام، ميناء السودان حيث يهرب النظام المخدرات ويعقد صفقات تهريب السلاح، بورتسودان تتألم من إهمال النظام وبالفعل نشطت اللجان وخرجت.
وقد صعدت أول روح شهيدة.
تدخل الجيش ومنع وقوع كارثة كانت ستقوم بها الشرطة.
ولتخفيف الضغط عن عطبرة وبوتسودان انطلق الشمال النوبي.
هناك كانت الشرطة أكثر كراهية للنظام الذي تسلل عشرات المرات ليحرق النخيل ويعقد صفقات لإغراق المنطقة بمياه السدود.
خلعت الشرطة لبسها العسكري وانضمت للانتفاضة، وعندما سمع الوالي بقوة الانتفاضه هرب إلى العاصمة.
اشتعلت القضارف مركز إنتاج السمسم المحصول النقدي الثاني وسرعان ما فرّ واليها للخرطوم، ثم مدينة كريمة. كان هدف اللجان في كل مدينة حرق مقر الحزب، وبالفعل احرقت مقراته في كل المدن تحركت.
الفكرة أن تكون الخرطوم الختام بعد تشتيت قوات النظام ولكن دون خمول فخرجت اللجان من الجامعات، الخرطوم، النيلين (جامعة القاهرة سابقا) وآخرهم جامعة البنات (الأحفاد).
الوضع الآن لاتوجد مدينة بمعزل عن الانتفاضة.
الآن جاري تفعيل النقابات اطباء، محامين عمال (الكتلة الاكثر تضررا من النظام).
الحكومة بدأت في حل الأزمة الشعبية بالوسائل التقليدية التي تعرفها، القمع والاعتقالات، وبثت فيديوهات لعناصر موالية للنظام تتسلم أسلحة لقمع وإرهاب المواطنين، ولكن الواضح أنه لاجدوى من مواجهة الانتفاضه الشعبية، فالشهداء بلغوا 22 شهيد والمساحات التي يتحرك فيها المنتفضون كبيرة على تغطيتها أمنيا، بالإضافة للتكتيك الذي يعتمد توقيتين للتظاهر بالليل والنهار.
مدير جهاز المخابرات والأمن عقد مؤتمرا صحفيا وألقى بأسباب الفشل على رئيس الوزراء بشكل مباشر. وحمل إسرائيل والموساد وحركة المعارض المحامي عبد الواحد النور مسؤولية المظاهرات، وقابلت الجماهير تصريحاته بالسخرية.
المظاهرات ستفضي اإلى تغيير مؤثر، سواء علي مستوى النظام أو طريقة إدارته للبلاد.
أما عن القوى السياسية، فهي تحاول ان تظهر في المشهد بعد غياب.
يستثنى منها حزبي البعث والحزب الشيوعي.
القوة المحركة والحشود معظمها غير مسيسة، وهذا ربما يصادق إحدى الدراسات عن المواطن غير المسيس ونظرية الغضب التراكمي التي توقعت سيطرة غير المسيسين على الميدان ولفظها للقيادات الحزبية.
التعليقات مغلقة.