الملعب العربي الكبير / ابراهيم ابو عتيلة
ابراهيم ابو عتيلة ( الأردن ) الجمعة 10/7/2015 م …
ونحن نتسابق على متابعة مباريات كرة القدم ذات الجماهيرية الكبيرة وفي ملعب كبير كملعب الكامب نو في برشلونة أو ملعب سانتياغوبرنابيو في مدريد الملعبان الأكثر شهرة في العالم ، يمتلكهما فريقان سحرا الجماهير ولا يكاد بلد ما في هذا العالم إلا وجماهير كرة القدم فيه تنقسم وتتعصب لواحد من هذين الفريقين… يسحرنا الملعب ونتمنى لو حظينا بمثله ، يبهرنا حسن التنظيم ونتمنى لو نقدر على مثل ذلك … فالسيطرة على دخول وخروج الجمهور تتم بكل يسر وسهولة بالرغم من حضور حوالي مائة الف متفرج إلى بقعة صغيرة في وقت زمني لا يتجاوز الساعتين.. يستهوينا كل ذاك من حسن المنظر إلى دقة التنظيم … ونرى في ساحة الملعب لاعبين من جنسيات مختلفة يلاعبون الكرة بأقدامهم وكل بغيتهم الفوز لمصلحة أصحاب الملعب ، كيف لا وثمن أي لاعب منهم يزيد عن ميزانية دولة عربية فقيرة كجزر القمر تلك الدولة العربية الصغيرة المنسية والقابعة في المحيط الهندي …. الملعبان وطنيان أما اللاعبون فأغلبهم أجانب وعلى الرغم من كونهم أعلى سعراً إلا أنهم أكثر قدرة فنية من اللاعبين الوطنيين ، وربما لو لعب أي فريق من أصحاب الملعبين مع أي فريق وطني لتمكن من هزيمته …
ومع استمتاعي بمشاهدة لعب اي من الفريقين على ارض ملعبه الوطني يقفز إلى الذهن أحوال منطقتا العربية بملعبها الكبير ، ملعب الوطن العربي ، الملعب الأكبر من أي ملعب آخر في العالم ، فاللاعبون هنا من كل حدب وصوب وكلهم يتنافسون للفوز على أصحاب الملعب بدلاً من تحقيق الفوز لمصلحة أصحاب الملعب … صفقات شراء اللاعبين والذمم مجازة ومسموحة شريطة أن تتم من خلف الكواليس وما على اللاعبين إلا أن يتمسكوا بالصمت فنصيبهم محفوظ ومتفق عليه … هم يقتحمون أرض ملعبنا يلعبون عليها لمصحلتهم ويطالبونا بدفع كافة تكاليف اللعب بمستلزماته المختلفة وما علينا نحن إلا ان نتفرج ونصفق للفائز علينا … هم يلعبون ولا أهمية لمن يفوز فكلهم فائزون إما بالأرض أو المال والخاسر دوماً أصحاب الأرض … ولعل ما جرى من أحداث طيلة القرن العشرين والقرن الحالي لأكبر شاهد على ذلك …
سعينا إلى دولة عربية واحدة … فيجزئونا بسايكس بيكو … قلنا أن هذه كلها أرضنا .. فقضموا قطعة غالية من القلب واستقدموا لها الصهاينة من كل حدب وصوب فكل بغاة الأرض استوطنوا فيها .. قلنا حرية… فجائت اساطيلهم وجنودهم مدججين بسلاح دفعنا ثمنه سلفاً من ثرواتنا وقوتنا ففرضوا هيمنتهم على أجزاء كبيرة من الملعب وبيقنا نتباكى قائلين مازال في الأرض متسع … تنافسوا علينا وبقينا منقسمين بالتشجيع لهذا أو لذاك … يفبكرون الخلاف بينهم لاستقطاب البعض منا لأحدهم مصدقاً إداعاءاتهم بقصد أو بغير قصد … يتحاورون من تحت الطاولة ونحن جالسين نستمتع بما لذ وطاب من غذاء مستورد ومشروبات مصنوعة في الخارج فلا نرى ولا نسمع شيئاً من حوارهم … كل منهم يسعى لمصلحته مدعياً بأنه إلى جانبنا والكل يقبض الثمن … ونحن من يقوم بالدفع ..
اخترعوا أسلحة الدمار الشامل واستخدموها حجة للقضاء على الدكتاتورية فكانت بداية الانهيار الكبير وكانت النتيجة أن بالغوا في غيهم ساعين بكل قوة لتدمير نسيجا الوطني في بلادنا وتقسيمه بحجة لديانة أو الطائفة أو المذهب أو القبلية أو العشائرية أحياناً وبحجة القومية في أحيان أخرى … وفروا الأرضية والمناخ لنمو الارهاب بحجة محاربة الشيوعية دعموه ودربوه فحاربونا بسببه ودعموه سراً وهاهم يدعوا بأنهم يحاربوه على أرضنا وفي ملعبنا فحتى لو كلف الأمر آخر فرد منا فهم ليسوا خاسرين … وفروا تكنولوجيا صناعة الاسلحة الكيماوية ودربونا على صناعتها ثم حاربونا من أجل ذلك … هم يشربون الأنخاب سوياً سراً وعلانية … ونحن نذرف الدمع وننزف الدم … كلهم يهدفون لتحقيق غرضهم بتأمين موطئ قدم لهم على ارضنا وفي ملعبنا الكبير والكثيرة موارده التي تكاد تكفي جميعهم إلا نحن فهي محرمة علينا ….
اللاعبون هنا متنوعون وأسعارهم متفاوتة فمنهم التركي والايراني والاوروبي والأمريكي والكل يريد حصته … فتركيا متلهفة للحصول على حصة أكبر من الاسكندرونة .. وايران التي حصلت على الأحواز وسيطرت على العراق بعد الانسحاب الأمريكي لم تكتف بما حصلت عليه وتريد المزيد … واوروبا تنتظر حصه لها ، أما أمريكا القطب الأكبر فلا تريد إلا أن تكون الأولى دوماً وأن تحظى بكل شيء ، توزع ما تريد وتبقي ما تريد … كل ذلك واسرائيل دوماً تكسب حتى دون أن تلعب ، – على الأقل في العلن – فهي المحركة الأولى لكل ما يجري وليدها المفتاح السحري بأزراره ولاعبيه الجاهزين دوماً لاشعال النار واختلاق الفتنة … فأين نحن من كل ذلك ,,
ترى إلى متى سَنبقى نصفق ونشجع ونمول .. إلى متى سُنبقي أرض ملعبنا لللاعبين الأجانب … كل الفرق تهتم بخلق قاعدة عريضة من اللاعبين الوطنيين فهل نستطيع ان نعطي الفرصة للاعبينا الوطنيين لتحقيق الفوز لنا وعلى أرض ملعبنا ، فهم لا شك موجودون وكثر ، ونحن أمة لايعوزها العلم ولا المعرفة ولا الثروة .. وكل ما يعوزنا صدق الانتماء ، نحن أمة إن ارادت ، تستطيع ان تستغني وبكل سهولة عن اللاعبين الأجانب إن قدر لها أن تمتلك ارادتها واختيارها وخياراتها … فذلك هو سر اللعبة وهو الطريق إلى ملكية الملعب وتحقيق البطولة … فما علينا إلا |أن نبدأ ولو بالخطوة الأولى فرحلة الألف ميل تبدأ بخطوة ، ولكن كيف نبدأ ؟؟؟؟
التعليقات مغلقة.