قلمي / د. أنيس الخصاونة
لم أكتب منذ حين في الموضوع السياسي وحراك الدوار الرابع، والاحتجاجات على قانون ضريبة الدخل سيئ الذكر، وقانون الجرائم الالكترونية المعادي للحريات، ولا عن مسألة عوني مطيع وربعه .لم يمنعني أحد عن الكتابة لا قبل ولا بعد عملي نائبا لرئيس جامعة رسمية.
اعتقد البعض من أصدقائي من الأحزاب السياسية والحراك الوطني الأردني بكل أطيافه أن انخفاض وتيرة كتاباتي وانتقادي للأوضاع العامة في وطني هو استحقاق طبيعي للموقع الذي أشغله ،وبالتالي صنفت ظلما بأني من الساعين للمناصب وأن الموقع الإداري يسكت من كان صوته يصدح دوما مطالبا بمكافحة الفساد ،وزيادة مساحة حرية التعبير، والاحتجاج والتظاهر السلمي، والمحافظة على حقوق الإنسان. كتبنا عدد من المقالات الناقدة فاحتج علينا رؤساء جامعات سابقين بحجة أنه لا يجوز لنا الكتابة ونحن نمارس الإدارة ،وكأن ممارسة الإدارة تحجر على فكر الشخص وتصادر حقه الدستوري في التعبير والنقد والحديث في الشأن العام.كتبنا في الجاهات العشائرية وانجذاب رؤساء حكومات ووزراء سابقين ومسئولين كبار متقاعدين وعاملين لتزعم الجاهات فهاجمونا بألسنة حادة وبتهم جاهزة وهي الخروج على المنظومة القيمية في المجتمع وعدم احترام الهامات والكرامات ..ويحكم أي هامات وكرامات تتحدثون عنها وتتغنون بها! فبعض من يوصفون بالكرامات تلاحقها شبهات فساد تزكم الأنوف، وبعض هذه الكرامات ينقصها قليلا من الكرامة وعزة النفس.. وكتبنا في شراء الشهادات الجامعية العليا فثار علينا بعض القائمين على الاتجار بها بيعا وشراء.وكتبنا عن السلطة التشريعية فغضب النواب والأعيان .أرشدوني بالله عليكم هل نكتب عن نيكاراغوا أو بوركينا فاسو حتى نتجنب غضبكم!!!
أما زملائي في مهنة التعليم الجامعي فجلهم يقدرون أننا لسنا بحاجة لأي موقع كان، فموقعنا المعنوي لديهم أكبر بكثير من المواقع الإدارية ،وبعضهم متعجل أو مجتهد بأني قد حققت ما يعتقد خطأ أنني كنت أصبو إليه ،وأن معارضتي ونقدي وكتاباتي كانت تسعى للوصول لما أراد الله أن يسند إلي . لهولاء أقول سامحكم الله والأيام تحكم بيننا فهو عهد قطعته على نفسي أن لا أكون ألا للوطن، وأن لا أقول ألا الحق ، والموقع فرصة لتحقيق ذلك ولا أقول هنا إلا ما قاله رب العزة في محكم التنزيل ” وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ۖ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ”.
أما بالنسبة لقلمي فهو منصتي التي عرفت مئات الألوف من الأردنيين من خلالها، وهي الشريان الذي تتدفق فيه ومنه الأفكار لتحاكي أفكار الأردنيين البسطاء والمثقفين ،والحراكيين والسياسيين من المسئولين،ورؤساء الجامعات ووزراء التعليم والتعليم العالي،والمزارعين، والاقتصاديين، والحزبيين، والدبلوماسيين وغيرهم .قلمي أيها الإخوة ما زال بيدي ولكنه يكتب في قضايا الطلبة ،وأعضاء الهيئة التدريسية ،والعاملين في الجامعات، والمراجعين وغيرهم يحل قضاياهم، ويتعامل مع مصالحهم وهمومهم .قلمي ما زال وسيبقى دوما في خندق الوطن.
أدبيات العمل الإداري تقتضي بالضرورة أن لا يوجه الشخص الذي يشغل موقعا نقدا لجانب أو مسألة وهو بإمكانه أن يفعل شيئا إيجابيا تجاهها من خلال ذات الموقع، كما أن احترام أدبيات العمل الجماعي يتطلب أن لا تهاجم أجهزة ومؤسسات تشترك معها في تحقيق هدف وطني بامتياز. أما الفساد والفاسدون أينما وجدوا فسيبقون هدفا لقلمي ،وستبقى كلماتي سيفا مسلطا عليهم . نعدكم بأننا سنبقى نكتب عن الوطن فلا وطن لنا غيره ،وسنبقى ننتقد من يسيء لهذا الوطن مهما علت مرتبته ،ومهما كانت قوته ونفوذه فلا شيء يتجاوز حجمه حجم الوطن ولا أحد أكبر من الوطن وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ.
التعليقات مغلقة.