شعب اليونان يوجه صفعة للغرب برفضه سياسة الاذلال / كاظم نوري الربيعي

 

كاظم نوري الربيعي ( العراق ) الجمعة 10/7/2015 م …

قد يعتقد البعض  ان التطورات التي شهدتها اليونان والانهيار الاقتصادي الذي لحق  بها واوصلها الى ماهي عليه الان كان عفويا ولاتوجد اسباب تكمن  وراء ذلك لاسيما  تلك  الاسباب التاريخية  القديمة  التي كانت من صنع الغرب وخاصة بريطانيا وغيرها التي تقف وراء ماحصل وجعل الشعب  اليوناني يكفر حتى” بما يطلقون عليه ” مسمى الحياة المرفهه لشعوب القارة الاوربية”” ضمن الاتحاد الاوربي” الذي تلهث وراءه تركيا دون ان  تحقق حلمها “   وهو  مسمى يتناقض مع واقع الحال حتى على مستوى” الديمقراطية” فهي ديمقراطية مقننة بل  باتت مفروضة في ظل قوانين وضوابط وشروط  لاتقل ايذاء للشعوب عن ما يجري   في الانظمة والحكومات الدكتاتورية .

 ومن هذا المنطلق اخذت الولايات المتحدة الامريكية  تروج لهذا الديمقراطية  وتفرضها على الشعوب  حتى لو تطلب  ذلك استخدام القوة  المسلحة ” وعلى طريقة ” اتريد ارنب اخذ ارنب اتريد غزال اخذ ارنب” والا فان النظام الذي يحكم البلاد اذا لم يرتض بذلك  عليه ان يواجه” جيشا غازيا  بل  جيوش  غازية ” لفرض الديمقراطية  المتامركة التي يجني ثمارها شعب  العراق الان ” دما ودمارا وموتا مجانيا واقتصادا منهارا  ” وكذلك ليبيا  التي تعيش اوضاعا كارثية منذ اسقاط نظام القذافي .

  وكل الشعوب التي تعرضت بلدناها للتدخل العسكري بحجة التخلص من  الانظمة  الدكتاتورية التي كانت تحكم  سواء  كان ذلك التدخل  العسكري امريكيا وبريطانيا كما حصل في العراق عام 2003 او تدخلا عسكريا تقدمت الصفوف فيه فرنسا الساركوزية بالتنسيق مع واشنطن  وساندته  بقية عواصم التامر على الشعوب  او  غربيا .

دبلوماسي امريكي سابق هو” وليم بولك” كان اكثر وضوحا وصراحة عندما  عزا ماوصلت اليه الاوضاع في اليونان الى” القمع السياسي” الذي تقوم به الدول الكبرى متدخلة في اليونان ومساهمتها في النظام السياسي المختل”.

 وللوضع  في اليونان قصة قديمة   فالالمان نهبوا في السابق  كل شيئ من  اليونان وفق التقارير الموثقة سواء في الصناعة والنقل البري  والمواد الغذاية وان    موسليني نفسه اقر بان الالمان اخذوا من اليونانيين حتى احذيتهم لكن شعب اليونان تمكن من التخلص منهم دون عون او مساعدة من الغرب.

 اما تشرشل زعيم  بريطانيا الاسبق فقد حاول خلال الحرب العالمية الثانية  ان يوجه  القوات المتجهه الى ايطاليا  بالتوجه الى اليونان وكان مدفوعا من تزايد اليساريين داخل حركة المقاومة اليونانية وحتى اساليب الاذلال الاخيرة التي مورست من قبل الغرب والاتحاد الاوربي ضد اليونان  تاتي  على خلفيات تاريخية قديمة لان شعب اليونان لم يمد يده” الى الغرب” في نضاله ضد المحتلين الالمان بفضل وجود تيار يساري تقدم المقاومة في البلاد وتطور ليتسلم قادته امور البلاد بانتخابات ” ديمقراطية حقيقية” اوصلتهم الى سدة الحكم اخيرا وهو ماجعل الغرب يتحرك بالضد رغم كون اليونان عضوا في الاتحاد الاوربي لكنه ” اي الاتحاد الاوربي “مارس سياسة تكبيل وتقييد ازاءها  مستغلا الاوضاع الاقتصادية فيها .

فقد حرك ادواته وفي مقدمتها البنك الدولي الذي يعد مؤسسة للضغط على الدول لايقل ضغطا عن ممارسات واشنطن العسكرية وحليفاتها من  العواصم الغربية  .

 بريطانيا كما هو معروف حولت مسالة اليونان الى الامريكيين بعد الحرب العالمية الثانية فكان مبدا ترومان لمد القوى الاخرى لمنع انتصار اليساريين وقد انتصرت الاموال الامريكية بشكل مؤقت وتواصل الامر بعد انضمام اليونان الى الاتحاد الاوربي  حتى انتصار االيسار الراديكالي بقيادة حزب سيريزا الذي جاء بعد  سنوات من تفاقم المعاناة اثر الانهيار المالي في البلاد عام 2008.

كان  هناك شعورا بالغضب  من استهانة الغرب بالشعب اليوناني وهو الذي جعله يصوت بلا ” وهي ” لا “  لها اكثر من معنى وتتجاوز ” مسالة” القيود المالية والقروض الى استمرار وجود  ” اليونان في اتحاد تاسس على اساس التكافؤ لكنه يمارس حقا سياسة  انتقائية في التعامل مع الدول الاعضاءفيه .

فكانت النتائج ليس في صالح ” الاتحاد الاوربي  نفسه” .

 الرئيس اوبا نفسه خشي من  ” ال ” لا” اليونانية وحث دول الاتحاد على ترتيب الامور بما يخدم استمرا ر وجود اليونان ضمن “  الاتحاد الاوربي” .

الموقف الامريكي جاء للخشية من ان تفلت اليونان وقد تعقيبها دول اخرى مما يفضي الى تمزق الاتحاد الاوربي الذي تسعى واشنطن دوما الى  تحويله الى مجرد ” اداة طيعة” لتنفيذ مشاريعها ومخططتتها ” في اوربا و العالم وليس من باب الحرص على وحدة الاتحاد.

  بالمفهوم العام كانت” ال” ” لا” اليونانية صفعة وجهت الى سياسات  جميع دول الاتحاد الاوربي   فضلا عن الولايات المتحدة الامريكية التي تتخذ من دول الاتحاد اداة  للضغط هنا وهناك بما في ذلك توجيه الضغط على ” روسيا وبقية الدول التي لاتروق سياستها للعم سام”.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.