كيف لأسير ان يكون حراً.. الجزيرة تتعرى مجددا وأحمد منصور شاذ باحتراف / محمود عبد اللطيف
محمود عبد اللطيف ( الجمعة ) 10/7/2015 م …
برغم إن المقدم المصري «أحمد منصور»، بدء حلقة برنامجه التي حقق فيها مع العقيد الطيار السوري «علي عبود»، بتنويه على إن اللقاء أجري بموافقة الطيار السوري ودون إلزام من قبل جبهة النصرة التي تختطفه،
إلا أن اللقاء لم يكن سوا تحقيق مسجل تلفزيونياً، وبطريقة تفتقر إلى أبسط أدوات المهنية التي يحتاجها الصحفي ليكون محايداً، وعلى إن الجزيرة لم تكن إلا ممثلة لقطر وراعية للإرهاب، فمن الطبيعي أن يقرأ الخطاب الطائفي للإخواني «أحمد منصور»، الذي يعتبر نفسه صحفياً وفق مفاهيم الإخوان لهذه المهنة، ومحاولا -المنصور- أن يصور الجيش السوري على إنه جيش “قاتل” على الرغم من إن قطر نفسها تعرف إنها تكذب، لكن المثل الشعبي يقول” إن لم تستح فأفعل ما شئت”، ليكون الإخونجي أحمد منصور الأكثر احترافية في الشذوذ عن أخلاق الصحافة.
اللقاء الذي بدء بالسؤال عن الاسم والرتبة والمهمة، كان تحقيقاً مخابراتياً من قبل المنصور لتقديم معلومات علنية لكل الميليشيات المسلحة حول المطارات السورية، وكأن المنصور ضابط موساد إسرائيلي، ويحاول أن يصل إلى المعلومات التي بحوزة الطيار السوري حول سلاح الجو السوري، ولم يكن المنصور في تحقيقه مع المنصور إلا ناطقاً رسمياً باسم جبهة النصرة، وليس غريباً على هذا الرجل، لكن كيف لمخطوف مهدد بالموت في كل لحظة أن يكون حراً في اختيار إجاباته، وهل يتوقع عاقل أن يقول علي عبود إن جبهة النصرة تنظيم إرهابي، أو أن يقول على سبيل المثال ” لم نقصف مدنيين”، والسؤال الأهم الآن، أن الطيار السوري المخطوف أجاب على الكثير من الأسئلة التي وجهت إليه بطريقة لم ترضي أحمد منصور الذي حاول استفزازه كثيراً بجمل من قبيل “أنت طيار من 25 سنة وعلوي ولا تعرف، أو لم ترى، أو مازالت مجرد طيار..”، لكن العبود كان وطنياً، ومهنياً على الأقل، حينما رد عليه في كثير من المواقع بصورة لا ترضي داعمي الإرهاب، والسؤال اليوم، يقول، ما هو مصير الطيار المخطوف بعد اللقاء..؟، ألم يتعرض للتعنيف من قبل “معتدلي النصرة”، لأنه لم يجب كما كان مقررا أن يجيب.ما يوضح أن الطيار السوري كان مجبراً على إجابات محددة هو التركيز على أسئلة حول “العقيدة القتالية” للجيش السوري في محاولة لتصوير هذه العقيدة على إنها مبنية على الأساس الطائفي، مع إن الجواب البسيط يأتي من وجود مختلف أبناء الشعب السوري في خطوط القتال، وإذا ما كان القتال طائفياً، بمعنى أنها حرباً بين “السنة والشيعة” كما تجهد وسائل الإعلام الخليجي لتصوير هذه الحرب على إنها صراع طائفي، فما هو رد الجزيرة فيما لو سألت عن السبب الذي يدفع أهالي مدينتي “الحسكة – السويداء”، في قتالهما للميليشيات المسلحة، على الرغم من “التباين الطائفي” بين المدينتين، لكن الانتماء الوطني لأبناء هذه المحافظتين أكبر من الانتماء الطائفي.
في مسألة ثانية، ركز المنصور على سؤال حول أحد القادة الميدانيين السوريين، وهو العقيد “سهيل الحسن”، والغريب أن يركز على محاولة نشر المعلومات الميدانية حول تحركات مجموعة هذا العقيد الذي يشكل اسمه لدى “جبهة النصرة” عامل خوف تبعاً للانجازات التي حققها، كما إن المنصور في جزئية من “تحقيقه” مع العقيد الأسير، كان يركز على قضية “البراميل المتفجرة”، وعلى استخدام “غاز الكلور”، ولم يضع المذيع الإخواني، في حساباته كل ما قدمته الحكومة السورية عن هذه النقطة تحديداً للأمم المتحدة، ولم يضع المنصور في حساباته إن الأمم المتحدة ومجلس الأمن لو لم تكن قاطعة بأن الدولة السورية لا تستخدم غاز الكلور، لتحولت إلى أزمة تتدخل بها بالدرجة الأولى الولايات المتحدة الأمريكية كرأس حربا، في مواجهة الدولة السورية، ولكن “صحافة الإخوان” المسلمين المبنية أساساً على فكرة تكفير الآخر، ومحاولة توجيه المجتمع السوري إلى فكرة واحدة فقط، هي أن الصراع في سوريا هو صراع بين طائفتين، بشكل أساسي.
المعلومات التي حاول المنصور أن يصل إليها، أو حاول أن يصدرها «المنصور»، عن الدولة السورية، بأنها تستقدم طيارين ومقاتلين من “روسيا وإيران”، لم تكن إلا محاولة فاشلة من المذيع الإخواني لتوجيه المجتمع الدولي إلى نقطة مفادها أن الدولة السورية من دون حلفائها ستكون ضعيفة، وغير قادرة على المواجهة، ولكن أجوبة الطيار الأسير كانت برغم اضطرابها غير قادرة على إعطاء معلومة حقيقة عن الجيش السوري، فليس من المعقول أن يكون الجيش السوري قد فقد 90 بالمئة من طائراته خلال الحرب، مع إن عودة بسيطة إلى أرشيف الحرب على سوريا والكشف عن كل الحالات التي ادعت فيها الميليشيات إسقاط الطائرات السورية أو تلك التي أكدتها الحكومة السورية، لتبين إن عددها قليل جداً، ولا يمكن أن يكون مؤثراً على قدرات جيش مثل الجيش السوري، ثم لماذا كل التركيز من قبل المنصور على سؤال: من يقوم بتجهيز ما أسماه المتفجرات، محاولا أن يدفع العبود إلى أن يلصق هذه البراميل بالخبراء الإيرانيين، لكن الجواب جاء مغايراً تماماً، بأن أي ضابط اختصاص من سلاح الكيمياء في الجيش السوري قادر على تحضير هكذا برميل فيما لو وجد، كما إن العبود الذي من الواضح إنه كان في جلسة تحقيق لا في جلسة حوارية، أصر على إن التقسيم الطائفي غير موجود ضمن الجيش السوري، وإن الطياريين من «السنة»، يقمون ببمارسة مهامهم القتالية ضد أماكن وجود التنظيمات الإرهابية.
ما تحاول الجزيرة أن تقوم به في الفترة الأخيرة، هو تحويل جبهة النصرة إلى “معارضة معتدلة” أو خيار على مبدأ “أفضل الأسوء” بالنسبة للإدارة الأمريكية كي يقدم لها الدعم اللوجستي المستمر، فالجزيرة لم تعد تستحي من تسمية جبهة النصرة بـ “الثوار”، ولم تعد تخجل من المجاهرة بالعلاقة ما بين الحكومة القطرية وجبهة النصرة، وعلى اعتبار أن الجبهة من ضمن التنظيمات المصنفة على إنها إرهابية، فلما لم تتم محاسبة قطر وفق للقوانين التي سنها مجلس الأمن، خاصة /2170-2178/، كما إن القانون الجنائي الدولي من المفترض أن يلزم الصحفي “أحمد المنصور” بكشف مصادره وطرق اتصاله بتنظيم جبهة النصرة، ولكن يبدو أن الموساد الإسرائيلي نفسه من يقوم برعاية “المنصور” بشكل مباشرة.لكن، ويوماً بعد آخر، تؤكد الجزيرة على إنها المنبر الرسمي لكل التيارات الجهادية، وعلى إن الحكومة القطرية باتصالاتها بالتنظيمات التكفيرية بما فيها القاعدة وطالبان وجبهة النصرة وداعش، وعلى ذلك ما السبب الذي يدفع المجتمع الدولي للصمت حيال التصرفات القطرية.
التعليقات مغلقة.