العقول المحتلة والمختلة .. والاستغناء عن ديمونا / نارام سرجون
نارام سرجون ( سورية ) السبت 11/7/2015 م …
ما أصعب الجلوس الى البلهاء والانصات لحديثهم الأبله الذي ليس فيه الا كلام مضغه المحتالون ورطبوه بلعابهم وأدخلوه في اشداق البلهاء ليمضغوه أيضا لنا .. وما أقسى على الأذن أن تستمع الى البلهاء من باب حقهم في الحوار والجدال وأنت تعلم أنك تحاور أبلها أو بلهاء .. وتستمع الى كلام بلاستيكي وكلام مصنوع من اطارات السيارات المهترئة يمضغه الأبله ويلوكه ويبتلعه أمامك ولايغص به وأنت ترى الكلام يمر ببطء في عنقه كما يمر جرذ مبتلع في عنق أفعى .. وهذه حالة نمرّ بها دوما عندما يكرر البلهاء كل مايقال في المحطات الاعلامية وخاصة الخليجية والاسلامية والناتوية عن تفسيراتهم للحياة والسياسة والدين ..
عندما تدرك هوية من يحشو عقول هؤلاء بالمفاهيم تعرف لماذا ينهض الخراب فقط في الجمهوريات العربية ويطلق على هذا الخراب (الربيع العربي) .. وتدرك لماذا لاتتفتح زهرة واحدة في الصحراء ولابين حقول النفط حيث حقول الفساد ومزارع العائلات الأميرية وحقول الاسر المالكة والممالك القروسطية .. وتفهم أكثر سبب ذلك الجنون الذي يدفع المسلمين لأن يهدموا بلدانهم بلدا بلدا .. ومدنهم مدينة مدينة .. وديارهم دارا دارا .. ويشردوا عائلاتهم وأطفالهم وكأنهم أمم من البلهاء ..
ولكن عندما تعرف من يصنع للآذان الكلام ويصنع للعيون ولائم الأخبار تفهم كيف يصبح العالم كله قرية للبلهاء .. فيصبح هاجس الانسان في الاسكيمو أن يسقط صدام حسين لا أن يصطاد دبا قطبيا ولافقمة يأكل منها لحمها وشحمها .. ويقلق مواطن في الكونغو من مفاعل ايران النووي لا من آلاف القنابل النووية في أميريكا .. ويتحول رئيس استثنائي كالرئيس الاسد الى رمز من رموز الشر والقتل في العالم ..ويطوف نتنياهو رسولا للحب والسلام بين العواصم ..
في عالم كهذا لايسمح فيه للفطرة بان تنطلق وتنمو ولايسمح لخبر أن يمر دون أن يرغم على أن يقول مالايريد ان يقول .. كي يتم احتلال العقول .. فتصبح فلسطين تحتل اسرائيل .. وتصبح اسرائيل تدافع عن العرب والمسلمين وتحمي المسجد الاقصى من ايران .. ويصبح الرئيس الأسد عدو الاسلام في العالم قاطبة ونتنياهو صديق المسلمين العظيم وحامي الاسلام والمسلمين ..
انه احتلال العقول .. الذي حل محل احتلال الأرض .. وهذا أخطر من العقل الميت أو المحنط لأن العقل المحتل يصبح ملكا للعدو .. يقاتل به .. ويدفع به الى حقول الألغام ليتناثر أجزاء وشظايا وهو يشق للعدو الطريق الآمن .. والعقل المحتل لايمكن أن يدافع عن أرض محتلة .. بل العقل الحر هو من يرى احتلال الأرض .. أما العقل المحتل فيدافع عن السلاسل والقيد والسكاكين التي تذبح العنق التي ترفع الرأس والذي يحمل العقل .. والعقل المحتل يستجدي احتلال أرضه بالناتو ويتوسل التخلص من استقلاله وسيادته بحجة الحرية والخلاص من الاستبداد .. فتفهم لماذا يصبح الخليج العربي محتلا وهو مسرور ويباهي بالاحتلال .. ولماذا يتحول بقية العرب الى سكان الخيام ولاجئي قوارب يموتون في عرض البحر ويطعمون أسماك البحر من لحوم أبنائهم .. وتفهم لماذا يتحول مثقفو العرب الى قفف ملأى بالمهانة والاستجداء والرثاثة الفكرية وهم يتغزلون بالحرية التي سيصنعها لهم الفصل السابع وقاذفات بي 52 .. ويصبح تافه ومهرج مثل فيصل القاسم منظرا ثوريا للثورات العربية لايقل عن وزن تروتسكي ولينين .. وينسى الناس جمال الدين الافغاني ومحمد عبده .. ويصبح الاتجاه المعاكس وضيوفه البلهاء .. بديلا عن مقدمة ابن خلدون .. باسم مقدمة ابن القاسم ..
وفيما يلي رابط يضم معلومات مهمة تسلط الضوء على صناع الأخبار الكبار في العالم .. أي الفرقة التي تتولى احتلال العقول .. ودهس العقول .. وربط العقول بالحبال كما تربط البغال والثيران وتجرها الى حيث تريد .. ومن ثم صناعة الرأي العام في العالم .. وصناعة الحكام .. وصناعة البدهيات .. وصناعة الثقافات وتنميط البشر والأديان .. والأنماط السلوكية .. وتفصيل تهم الشر والفساد .. والباس المجرمين لباس الثوار الأحرار .. المعتدلين ..
وفي هذا المقال تجد أن معظم صناع الرأي والثقافة والتفكير في العالم هم من اليهود الأشكيناز .. وهذا بالطبع ليس جديدا .. لكن من الضروري أن نعيد التذكير بهذه الحقائق كي نوقف اسطوانات الاعجاب بالحرية والديمقراطية الغربية والشفافية .. وأناشيد التمجيد والتقديس للاعلام الحر والعقل الطليق .. وكي نوقف اسطوانة الاستبداد وصناعة الثورات التي صارت مملة .. لأن الاستبداد هو مايجري على العقول .. التي يتم احتلالها بالمعنى الحرفي للكلمة .. فالى جانب احتلال الأرض نحن نعاني من احتلال العقل الذي يتحرك بالريموت كونترول من قبل هذه الفرق الخاصة وكوماندوس الاعلام الغربي الذي يعلمنا مايريد لنا ان نتعلم .. ونقرأ مايريد لنا أن نقرأ .. وهو الذي يحلّ في وعينا الإسلامي محل جبريل في غار حراء ويقول لنا: اقرأ .. واسمع .. وانظر .. فصرنا نقرأ مايريد هؤلاء منا أن نقرأ .. لا ماأرادنا الله أن نقرأ في الغار .. وصرنا لذلك لانفكر ولانسمع ولانرى ..
https://thezog.wordpress.com/who-controls-the-news-part-1/
هذا غيض من فيض .. والنتيجة هي أنه لاتوجد عقول طليقة في العالم مهما سمي هذا العصر بعصر الحريات .. بل عقول محتلة .. فالعقل الأسير هو العقل الذي تقيده السلاسل وتمنحه من التجول بحرية وترسم له أقفاص .. ولكن العرب انفردوا وتجاوزوا العالم كله ومرحلة احتلال العقل .. ووصلوا الى مرحلة اختلال العقل .. وصاروا بجدارة .. أصحاب العقول المحتلة والمختلة .. فهم الوحيدون الذين يحتل الغرب بلادهم وهم مسرورون .. وهم الوحيدون الذين يخسرون كل الحروب ضد أعدائهم ولكنهم يكسبون كل حروبهم ضد بعضهم .. وعندما ينتصر بعضهم انتصارا الهيا يهاجمونه كما يهاجمون ذئبا .. وهم الوحيدون الذين يرون ان الله لايرضى في السماء ولايستوي على العرش الا اذا ذبحوا بعضهم كل صباح وكل مساء .. وهم الوحيدون من بين شعوب العالم الذين قدموا آلاف الانتحاريين فقط ليقتلوا بعضهم .. وهم الوحيدون الذين لايزالون يبنون الحدود والحواجز الرملية والخنادق بين شعوبهم فيما العالم يهدم الحدود .. وهم الوحيدون الذين يدافعون عن الزنا والدعارة باسم جهاد النكاح .. وهم الوحيدون الذين يؤيدون جبهة النصرة ولكنهم يدعون على داعش بالهلاك رغم أن لافرق بينهما الا كالفرق بين الليكود وشاس .. وهم الوحيدون الذين يقودهم جاسوس اسرائيلي وعضو كنيست اسرائيلي وهم لايزالون يسمونه (مفكرا عربيا) .. وهم الوحيدون الذين يعيش قادة ثوراتهم في قصور الملوك وفنادق النجوم وعواصم الجنس لا في الجبال والأحراش .. وهم الوحيدون الذين يصومون في رمضان عن الطعام ولكنهم لايغمدون سيوفهم في رمضان ولاينزلون الرحمة بينهم بل تحشو طائراتهم افواه الأطفال الصائمين في اليمن بالقنابل وقت الافطار ووقت السحور .. وهم الوحيدون الذين ينتجون مثقفين يمجدون العبودية للناتو ويمجدون استبداد الغرب من أجل الفوز بكرسي بلدية .. وهم الوحيدون الذين يرون في تدمير مدنهم ونسف مشافيهم ومدارسهم وجيوشهم مفخرة وتحريرا ودروسا في الحرية والايمان .. وهم الوحيدون الذين لايدافعون عن نبيهم ودينهم الذي تلعب به مخابرات الدنيا وتصوره دينا يحب السبايا والعبيد والجنس الحرام والقتل بل يصدرون فتاوى التكفير بحق بعضهم وينسفون مساجد بعضهم .. وهم الوحيدون الذين ينسبون كل خطاياهم وهزائمهم الأخلاقية الى الاستبداد فقط وليس الى عقولهم المستبدة والمحتلة ..
ان مادمرته العقول المحتلة والمختلة في بلادنا يفوق ماكانت ستدمره مئتان من الرؤوس النووية التي قيل ان مفاعل ديمونا أنتجها .. وان كانت من نصيحة اقدمها للاسرائيليين فهي أن يفككوا وهم مطمئنون أسلحتهم النووية فلا حاجة لهم بها بعد اليوم .. فهم محاطون بأمة من العقول المحتلة .. والنفوس المحتلة .. ولاشك أن احتلال النفوس أمضى من احتلال القلاع ..
التعليقات مغلقة.