رفع المستوى الدبلوماسي بین الاردن وسوریة / موفق العجلوني

د. موفق العجلوني ( الأردن ) الجمعة 28/12/2018 م …



العلاقة الاردنیة السوریة علاقة تاریخیة ، علاقة اسریة علاقة جوار ، علاقة حدودیة علاقة نسب و مصاھره ، علاقة امنیة ، علاقة مصالح مشتركة . لم یكن الاردن یوماً من الایام طرفاً في زعزعة الامن في سوریا بل على العكس اعتبر الاردن امن سوریا من امن الاردن وما یھدد سوریا یھدد الاردن . ولم یكن طرفاً او له صلة من قریب او بعید بمعاول الھدم التي حاولت تدمیر سوریا وقلب النظام في سوریا . تاریخ الاردن معروف للقاصي والداني بمواقفھ الاخویة تجاه سوریا سواء على المستوى السیاسي الرسمي او المستوى الشعبي . وان استقبال الاردن لمئات الالوف من الاشقاء السوریین واحتضانھم وتقدیم كل المساعدات الإنسانیة لھم على حساب الشعب الاردني لم یكن لولا علاقة الاخوة والقربي بین البلدین (یؤثرون على انفسھم ولو كان بھم خصاصة).
عندما تم اعتبار السفیر السوري السابق في الاردن شخص غیر مرغوب فیه بالرغم من التحفظ على تصرفاتھ المرفوضھ دبلوماسیاً جملة و تفصیلا ، حملت وزیر الخارجیة السابق السید ناصر جوده ) في مقال سابق منشور في عمون الغراء بتاریخ ٢٠١٤/٦/٣ ( المسؤولیة الكاملة للحالة التي اوصلت وزیر الخارجیھ اتخاذ قرار باعتبار السفیر السوري شخص غیر مرغوب فیه ، نتیجة افتقار وزیر الخارجة السابق السید ناصر جودة للدبلوماسیة وخصوصیة العلاقة الاردنیة السوریة وبعد النظر في العلاقات الدولیة وخاصة مع الاشقاء ودول الجوار ، وكان من باب الدبلوماسیة وخصوصیة العلاقة الاردنیة السوریة بمجمل معطیاتھا ، اضافة الى طبیعة العلاقة بین وزراء الخارجیة والاتصال المباشر بینھم ، كان من الحكمة الدبلوماسیة ان یقوم وزیر الخارجیھ السابق السید ناصر جوده بالاتصال بوزیر الخارجیة السوري المخضرم السید ولید المعلم ووضعھ بصورة تصرفات السفیر السوري وبكل ھدوء ورویة یتم.
وتعقیباً على تصریح سعادة القائم بأعمال السفارة السوریة السید أیمن علوش بخصوص رفع التمثیل الدبلوماسي بین البلدین ، انا اتفق مع ھذا الطرح من الجانب الدبلوماسي ، علماً بأن العلاقة بین الاردن وسوریا ھي علاقة اكبر من رفع التمثیل ، وان خفض التمثیل كان لظروف أمنیة خطیرة عاشتھا سوریا وفرضت على الاردن، وكان الاردن مرغماً اخاك لا بطل رغم ان الاتصالات والتشاور لم تنقطع بین البلدین .
ان عودة الھدوء والامن والاستقرار الى سوریا الشقیقة، سوریا الجار ، سوریا العراقة سوریا الجمال ، سوریا الخیر ، سوریا التاریخ والحضارة ، ھو فرح اردني سوآء على المستوى السیاسي الرسمي او الشعبي ، وكما ھي القیادة السیاسیة في سوریا دافعت بالغالي والرخیص عن سوریا ، فالأردن من خلال امكاناته واجھزته العسكریة و الامنیة والقرار السیاسي حمى سوریا على طول الحدود التي تزید عن ٣٧٥ كیلو متر و عمل على منع ایة اختراقات امنیة تجاه سوریا ، ولم یسمح لأي اطراف من داخل الاردن او قادمة من سوریا بالمساس بالأمن السوري .
الاردن یعي جیداً الظروف المؤلمة التي مرت بھا سوریا الشقیقة ومحاولات معاول الھدم الخارجیة والداخلیة واطراف عدیدة لتدمیر سوریا وتقسیمھا . الا ان سوریا بفضل رجالاتھا المخلصین استطاعت ان تصمد في وجه كافة التیارات والاعاصیر الھدامة والمغرضة ، وھا ھي سوریا العرب تعود الى الحضن العربي والذي حاولت العدید من الجھات الدولیة والاقلیمیة عزلھا عن محیطھا العربي الذي تتنفس من خلالھ وتساھم في نھضتھ من خلال التعاون والتشاور في المحافظھ على امن واستقرار المنطقة .
ومن خلال تاریخ سوریا الذي عرفتھ منذ ان كنت طالباً في الثمانیات في جامعة دمشق ومشاركتي بالعدید من اللجان العلیا الاردنیة السوریة المشتركة ولجان ترسیم الحدود خلال الفترة من ٢٠٠٦ – ٢٠٠٩ و الاشراف على ملف العلاقات الاردنیة السوریة بحكم عملي الدبلوماسي ، لن تحید دمشق عن محیطھا العربي ولن تخذل جیرانھا ، وسوف یكون مصلحتھا العلیا القضایا الوطنیة وخاصة امنھا واستقرارھا ووحدة اراضیھا وما یھم الشعب السوري الاصیل اولاً وعلاقات حسن الجوار والمصالح المشتركة وان الاردن یشكل البوابة الجنوبیة لسوریا ، كما تشكل سوریا البوابة الشمالیة
للأردن .
نزف خالص التھنئة بعودة سوریا الى امنھا واستقرارھا ووحدة اراضیھا ، والى حضنھا العربي ، وھا نحن نرى السفارات العربیة تعید فتح ابوابھا في دمشق ، وان شاء الله نري قریباً جھاز سفارتنا سفارة المملكة الاردنیة الھاشمیة وعلى راسھا سعادة سفیر المملكة ٠٠٠ على راس عملھم یمارسون مھامھم الدبلوماسیة في دمشق وفي تعزیز العلاقات الثنائیة بین البلدین الشقیقین ، وأنا متأكد أن من اولویات اجندة معالي وزیر الخارجیة السید ایمن الصفدي المعروف بنشاطه وبعد نظره اعادة السفیر الاردني الى دمشق ، وان تكتمل الصورة أیضاً بعودة كافة الاشقاء اللاجئین السورین المتواجدین في الاردن الى منازلھم في سوریا الحبیبة .
حمى الله سوریا وحمى الله بلداننا العربیة من كل سوء، وندعو الله ان یكون العام الجدید ٢٠١٩ عام خیر وامن واستقرار وتقدم وازدھار على سوریا وعلى كل بلداننا العربیة وان یعم الامن والسلام كافة بلدان العالم .

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.