الحزب الشيوعي اللبناني والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين : إلى السلاح .. إلى السلاح!! .. إعلان سياسي مشترك
عقد الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني حنا غريب، مؤتمراً صحافياً، في مركز الحزب في الوتوات، بالاشتراك مع نائب الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الرفيق أبو احمد فؤاد، في مركز الحزب – الوتوات، لمناسبة الإعلان السياسي المشترك بين الحزب والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين حول المقاومة العربية الشاملة،أطلق خلاله نداء إلى الشعوب العربية، داعياً “الشيوعيين والوطنيين للاستعداد لحمل السلاح ومقاومة أي عدوان صهيوني محتمل على لبنان وجنبا إلى جنب مع كل فصائل المقاومة والجيش اللبناني”.
إعلان سياسي مشترك
واختتم اللقاء بإعلان سياسي مشترك بين الحزب الشيوعي اللبناني والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وفيما يلي نصه الكامل:
إن التطورات التي تتوالى في المنطقة والعالم، تؤشر إلى أحداث وتبدلات عميقة على كل الصعد،تحت ضغط التداعيات المستمرة لأزمة النظام الرأسمالي العالمي، وانتقال العالم من نظام القطب الواحد إلى نظام متعدد الأقطاب.لقد سعت الولايات المتحدة الأميركية إلى إدارة هذه الأزمة على النحو الذي يؤبّد قيادتها للنظام العالمي الراهن، من خلال التراجع المتدرج عن عدد من الاتفاقات الدولية الأساسية،وتوسيع نطاق العقوبات الاقتصادية، والتدخلات والتهديدات العسكرية والحروب العدوانية. إن هذا النهج الذي يهدّد الاستقراروالسلم العالميين، ويشجّع على إطلاق مشاريع التفتيت والتقسيم بشكل مباشر أو عبر الوكلاء، يضع منطقتنا العربية في قلب الصراع، وفي مرحلة انتقالية، بنتيجة تلك المشاريع الإمبريالية من جهة، وأزماتها الداخلية الحادة من جهة أخرى.
إن استمرار مفاعيل المشروع الإمبريالي الأميركي والملتحقين به من كيان صهيوني وأنظمة رجعية عربية –والذي يستهدف المنطقة ككل بمزيد من الاحتلال لدولها وتقسيمها إلى كيانات طائفية ومذهبية وأثنية، ونهب ثرواتها، وإفقار شعوبها، وإقامة القواعد العسكرية فوق أراضيها، والتصفية الكاملة للقضية الفلسطينية وإنهائها- أدى إلى تقسيم السودان والصومال، وسيؤدي إلى تفاقم الأوضاع، وازدياد المخاطر التي تهددسوريا ولبنان والعراق وفلسطين واليمن والأردن ومصر…واقعٌ تتقاطع حوله ومن أجله، مسارات أكثرية الملفات، المشتعلة والباردة والمؤجلة، والذي يتبدى اليوم بالمواجهات الحاصلة على أكثر من جبهة ومنطقة، سياسياً وعسكرياً واقتصادياً سعياً لإسقاطه، لكنه بالمقابل، يمكن أن يفتح مساراًلتسويات في بعضها، على قاعدة تأمين مصالح بعض أطرافه، أو أقله تفاهمات محدودة حول قضايا معينة أو مناطق محددة، تفرضها موازين القوى الحالية.
فإذا كان الطابع السياسي والعسكري يطغى على معظم أو على كل هذه الملفّات، فإن تفاقم أبعادها الاقتصادية والاجتماعية يكاد لا يقلّ تفجّراً، مع التأكيد، على أن هذا التفاقم، هو في الأساس، نتاجٌ لسياسات الهيمنة الإمبريالية ولسياسات الأنظمة العربية التابعة لها. كما أنه نتاج – في جانبه الذاتي – لأزمة حركة التحرر الوطني العربية، التي لم تستطع قياداتها التي وصلت إلى السلطة، في بعض البلدان، من تحقيق مهام التحرر الوطني والاجتماعي.
إن الربط بين النضال الوطني التحرري والتغيير الاجتماعي والسياسي في بلداننا، هو جزء لا يتجزأ من النضال القومي التحرري العربي لإسقاط المشروع الإمبريالي-الصهيوني بصيغه المختلفة، لا سيما “مشروع الشرق الأوسط الجديد”. فالمعركة، في هذا المجال، واحدة مترابطة ولا تقبل التجزئة، خصوصاً أنّ المشروع الأساس يقوم على فرض وترسيخ التبعية، وتعطيل وسلب عناصر القوة الذاتية، من خلال التفتيت الطائفي والمذهبي والعرقي، ونهب الخيرات وقهر الشعوب، وشلّ الاقتصاد المنتج، لمصلحة أنماط اقتصادية ريعية ومشوّهة، تتحكّم بها العلاقات القائمة على الزبائنية والمحاباة بين أطراف السلطة ورأس المال الكبير، وهذا ما أفضى في محصلته العامة، إلى قيام نظم تابعة ومرتهنة سياسياً واقتصادياً؛ أنظمة تشكّل – من حيث دورها ووظيفتها – منصات متقدمة لهذا المشروع. وتبعاً لذلك، فقد أصبحت مهمّة تغيير هذه الأنظمة ضرورة تفرضها مصلحة شعوبنا وبلداننا، كما تفرضها متطلبات مواجهة ذلك المشروع.
إن تصفية القضية الفلسطينية عبر الصفقة الأميركية المعروفة بصفقة القرن، هو مقدمة رئيسة لإدماج الكيان الصهيوني بالمنطقة من بوابة التطبيع، كمدخل لإنهاء الصراع واحتواء روح المقاومة وإخمادها، واستيعاب كل القوى التي تحمل لواءها. وتنذر هذه المقدّمة في فصولها اللاحقة بإنهاء الحقوق الوطنية الفلسطينية، المتمثلة بحق تقرير المصير وبناء الدولة الديمقراطية العلمانية على كامل التراب الفلسطيني وعاصمتها القدس،وبحق العودة ورفض التوطين، كما ستؤدي، وفي الوقت نفسه، إلى ترسيخ سياسة الفصل العنصري، والذي تمت قوننته بما يسمى “بقانون القومية”، وسلخ الفلسطيني عن أرضه ووطنه وفكفكة وحدته المجتمعية والسياسية، وصولاً إلى فصل غزة عن الضفة، وشطب الهوية الفلسطينية، التي جسدتها نضالات الشعب الفلسطيني في ثوراته وانتفاضاته المتلاحقة، ومشاريع الإلحاق والتبعية التي أسقطتها انتفاضته الأولى.
وهذا الواقع يؤكد استحالة الوصول إلى حل سياسي، أو حتى المراهنة عليه، مع الكيان المحتل، لأن طبيعة الصراع معه هي وجودية وليست على الحدود، ما يعني أنّ المطلوب هو حلول جذرية وشاملة؛ فاستهدافات هذه الصفقة تطال المنطقة برمتها وليس فلسطين وحدها، ما يستوجب التصدي له من خلال العمل على إطلاق وبناء جبهة مقاومة عربية شاملة على كل الصعد، وبمختلف أشكال النضال المشروعة، في مواجهة أهدافه الاستيطانية والجيو-سياسية والاقتصادية والاجتماعية، ودعماً لقضايا التحرر الوطني في بلداننا العربية، ونصرة لقضية فلسطين وشعبها كي لا يُترك وحيداً في هذه المعركة. وأيضاً مع لبنان في ظل التهديدات الإسرائيلية المتكررة والخروق المتواصلة لسيادته، والمعرّض دوماً لاعتداءات صهيونية، ما يستوجب منّا التأكيد، وكما كان إطلاق جمول رداً طبيعياً على الاحتلال، فإن أي اعتداء سيواجه بالطريقة نفسها.
من هنا تصبح ضرورة تلازم ذلك العمل مع تطوير أساليب النضال وتنويعها، وتحديداً في بلدان المواجهة المعرّضة للعدوان المباشر، بغية التصدي الناجح لمفاعيل تلك الصفقة، التي من المحتمل أن يطغى عليها، في الأمد القصير والمتوسط، الطابع العسكري. وهنا يأتي دورنا كقوى مقاومة بإمكانياتها المتاحة، وبالتنسيق في ما بينها، لتأمين أفضل شروط المواجهة، والعمل على تصعيد التحركات الأهلية والشعبية بهدف حشد وتعبئة طاقات شعوبنا – وبخاصة شبابنا – واقتصاداتنا ومؤسساتنا ومنابرنا الثقافية والإعلامية في مواجهة التطبيع بكل أشكاله، بالتزامن والتضامن مع العمل المقاوم في الداخل الفلسطيني ضد الاحتلال وضد نظام الفصل العنصري الذي يستهدف فلسطينيي الـ48.
وهذا الأساس يجب أن يشكل منطلقاً لبناء “المشروع السياسي” القائم على المواجهة الشاملة، في الخارج كما في الداخل: أي مواجهة المشروع الإمبريالي الأم عبر تعرية أدواته المحلية وتفكيكها.ولتأمين أفضل شروط النجاح في هذه المواجهة، لا بدّ من بناء وتطوير تقاطعات جدّية مع القوى المقاوِمة التي نتشارك معها مهمة التصدي لذلك المشروع الأساس، بالنظر إلى أن أولوية هذا التصدّي تتجاوز، ولأسباب موضوعية وتكتيكية، غيرها من الأولويات. من هنا، وارتكازاً على ما سبق، يجب المبادرة بالتوجّه نحو كل تلك القوى والأحزاب اليسارية والقومية في منطقتنا، المؤمنة بهذه الخيارات، والتي يمكن أن نشكل معها مجموعة ضغط نتفق وإياها على المبادئ والعناوين، لحثّها على توحيد جهودها وطاقاتها لمواجهة المشروع الأساس وإسقاط صفقة القرن التي يُغطيها، وذلك من خلال: استراتيجية شاملة للمواجهة:
- في القضية الوطنية، استناداً إلى هويتنا الفكرية المعروفة، وموقعنا السياسي الواضح، وتواجدنا في أكثرية بلدان المواجهة، كقوى سياسية وفصائل مقاوِمة لها دورها وآليات عملها، علينا تحديد أشكال الانخراط في هذه المواجهة بما فيها العسكرية، مع التنسيق مع القوى المقاوِمة الأخرى الموجودة في كلّ هذه البلدان، وأيضاً من خلال بلورة المشروع النقيض للمشروع الأميركي من حيث الطبيعة، مشروع إنجاز مهام التحرر الوطني العربي وبناء دول علمانية ديمقراطية في بلداننا.
- التحركات الشعبية على الصعيد الاقتصادي – الاجتماعي، بحيث يصبح ملحّاً حشد وتعبئة طاقات شعوبنا في اتجاه بلورة برنامج تنموي يهدف إلى تأمين التكامل الاقتصادي – الاجتماعي بين البلدان العربية بما يعزز دور القطاع العام في مواجهة شروط البنك الدولي وغيره من الإملاءات التي تزيد من حدّة الفقر والبطالة والتخلف في بلداننا جراء مشاريع الخصخصة ونهب الثروات، ما يستدعي توسيع دائرة المنخرطين في النضال الاقتصادي – الاجتماعي لتشمل قوى سياسية وشبابية وعمالية واجتماعية متنوعة.
- التعبئة الإعلامية، التي تضطلع بدور أساسي وتتطلبالتنسيق بين مختلف الوسائل الإعلامية المحسوبة على الأفرقاء المشاركين (الإعلام المرئي والمسموع والمكتوب والإلكتروني…)، في مواجهة التطبيع الذي بدأ علنياً ويطال عدة محاور (ثقافية، إعلامية، تجارية…)، ومقاومة الغزو الفكري وعملية الترويج للمفاهيم والأفكار المضللة والواضحة الأهداف والمصدر، التي بدأت تتسلل إلى الوعي العربي، بالإضافة إلى تفعيل سلاح المقاطعة الشاملة للكيان الصهيوني والدول والمؤسسات الداعمة له.
- العمل على تأمينأوسع تحالف أممي ممكن من قبل قوى اليسار والتحرر في العالم، دعماً لقضايا شعوبنا ونضالاتها، من أجل انتزاع حقوق وأهداف وتطلعات شعوبنا في التحرر الوطني الديمقراطي والاجتماعي.
بيروت في 28/12/2018
الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني الأمين العام المساعدللجبهة الشعبية لتحرير فلسطين
الرفيق حنّا غريب الرفيق أبو أحمد فؤاد
التعليقات مغلقة.