هل يشرف الرئيس الأسد القمة العربية وتحصل المفاجأة الكبرى ؟ / د. خيام الزعبي
د. خيام الزعبي ( سورية ) السبت 29/12/2018 م …
قبل أيام من نهاية عام 2018، تبدو جَردة الحساب ضرورة مهمة، لتحديد بوصلة السنة القادمة، مع ما تحمله من تحديات ومآلات، فهناك تحركات متسارعة ومكثفة على أكثر من جبهة، وتصريحات لقادة سياسيين، تشير في جملتها إلى أن سورية على أبواب مرحلة جديدة، وأن مرحلة الصراعات والفوضى قد إستنفذت غاياتها بعد إصرار الجيش العربي السوري في الحسم والتوحد حول المشروع الكفيل بمجابهة الهجمة الشرسة على سورية.
الكثير من المراقبين يرون أنه بمجرد إخراج سورية من جامعة الدول العربية أصبحت الجامعة بحكم الميت الذي ينتظر إجراءات الدفن، فتعليق عضوية سورية في جامعة الدول في نوفمبر 2011 كان بمثابة نقطة تحول في تاريخ الجامعة، والصدمة التي اعتبرها مراقبون خطوة تخلو من الدبلوماسية، إذ كانت سورية من أوائل الدول المؤسسة والمنضمة إلى لواء جامعة الدول العربية حيث وقعت ضمن الدول السبع المؤسسة على بروتوكول الإسكندرية في العام 1944، في إطار ذلك هناك مجموعة أسئلة تفرض نفسها اليوم على المراقب والمحلل السياسي، لعل أهمها: هل يشارك الرئيس بشار الأسد في الدورة الثلاثين للقمة العربية المقرر عقدها بتونس يوم 31 آذار 2019؟ وذلك بعد تردد أنباء عن تسويات سياسية قد تكون قيد الإنجاز على المستوى الإقليمي خاصة بأن هناك إجماعاً بين الدول الأعضاء في الجامعة العربية على ضرورة إعادة سورية إلى الجامعة، على الرغم من أن الولايات المتحدة تضغط على الرياض والقاهرة لتأجيل الخطوة.
في سياق متصل يجري الرئيس التونسي مشاورات بشأن دعوة الرئيس الأسد، إلى القمة العربية في تونس، كما يجري التنسيق بين عدد من الدول العربية بينها تونس والجزائر لتقديم مقترح لرفع التجميد عن سورية، هذه المساعي من قبل الرئيس التونسي تأتي في إطار المشترك الذي يجمع بين تونس وسورية وهو مواجهة خطر الإرهاب الذي يضرب الدولتين منذ العام 2011 بشكل منظم و متشابه إلى حد كبير.
في نفس السياق هناك اتصالات مكثفة مع عدد من العواصم العربية، هدفها إعادة العلاقات بين دمشق والدول العربية إلى ما كانت عليه في السابق، فالموقف العربي المعادي للدولة السورية بدأ يتراجع خطوات للخلف في الآونة الأخيرة، فيما يؤشر إلى وجود علاقات خلف الستار قد تظهر إلى السطح في الأيام القادمة، بما تمثله سورية من ثقل في محيطها العربي والإسلامي وبوابة الوجود العربي والقومي في المنطقة ، فضلاً عن مواقفها المميزة تجاه القضايا القومية في معركتها ضد مؤامرة الشرق الأوسط الكبير.
إن ظهور تنظيم داعش في سورية والعراق جعل الكثير من الدول تعيد حساباتها إزاء ما يجري في سورية، فسورية باتت المفتاح لوضع المنطقة على المسار الآمن، ومن هذا المنطلق أدرك العالم متأخراً أن سورية ليست معزولة وأنها دولة مركزية في منطقة الشرق الأوسط، وما يجرى فيها له إرتداداته وإنعكاساته على المنطقة بأكملها، لذلك بات الجميع مقتنعاً بحاجتهم لتسوية الأزمة في سورية وتوحيد الجهود باتجاه وضع خطة مواجهة شاملة على كافة المستويات المختلفة هدفها الأساسي، تدمير إيديولوجية التنظيمات المتطرفة وتجفيف مصادر تمويلها.
كما أعلنَت دولة الإمارات العربيّة المتحدة إعادَة فتح سفارَتها في دمشق،هذا الحجيج السياسي والدبلوماسي إلى دمشق مِن المتوقع أن يتكثَّف مع بداية العام الجديد، وسنرى طائِرات رئاسيّة عربية تَحُط في مَطار دِمَشق حاملة قادة عرب يَطلُبون الوِد من القِيادة السورية، وكان الرئيس السوداني عمر البشير أول زعيم عربي يعانق الرئيس الأسد بحرارة على أرض المطار في دمشق، كما حطت طائرة سورية بمطار المنستير التونسي، بعد عدة سنوات من القطيعة مع دمشق، ما تم اعتباره مؤشراً إيجابياً يخدم التوجه السائد في تونس وبعض العواصم العربية، لإعادة سورية إلى محيطها العربي. ولا ننسى زيارة الوفد الأردني دمشق حيث التقى خلالها الرئيس الأسد وكبار المسئولين السوريين وذلك بعد فتح معبر نصيب الحدودي بين البلدين، وهذا اللقاء مع الأسد يصب في خط إعادة العلاقات الطبيعية بين دمشق وعمان بعد سنوات من الجفاء، بسبب الضغوطات التي مارسها حلفاء الأردن عليه، كما أن هناك دولا خليجية مثل دولة البحرين وأبو ظبي يعتزما فتح سفارتهما في دِمشق الأُسبوع المُقبِل، وجاء قرار الرئيس الأمريكي قبل أيام بسحب قواته مِن سورية ليؤكد هذه الحقيقة، ويفتح الباب على مصراعيه أمام عودَة العرب إليها.
مجملاً…. إن العرب يعودون إلى سورية نادمين، لأن الجيش انتصر على المؤامَرة، وقيادتها صمدت ولم تتراجَع رُغم ضخامة المخَطَّط الاستعماري الذي كان يُريد الإطاحةَ بِها، وباختصار شديد إن عودة سورية إلى مقعدها في جامعة ا لدول العربية سيشكل صفعة جديدة للأعداء وهو الذي يستطيع الآن أن يقيم توازناً جديداً في المنطقة وأن يحدث تغييراً مهماً في معادلة إدارة الصراعات، وعاملاً أساسياً في قيادة الدفة العربية، لذلك من المتوقع أن يتم الترحيب بالرئيس الأسد في الجامعة العربية ليشغل مقعده مرة أخرى بين قادة العالم العربي وأن يقدم الأسد على كل ما هو في صالح العمل العربي والوحدة وتشجيع هذه الأجواء الجديدة.
وأخيراً أختم بالقول...إن استعادة دمشق لمكانتها العربية والدولية يعيد بريق الريادة مرة أخرى في المنطقة رغم التدهور الحاصل في بعض الدول العربية، لكنها قادرة على استعادة الزمام ولململة شتات النظام الإقليمي العربي من جديد وتثبيت أركانه بالتنسيق والتعاون مع القاهرة.
التعليقات مغلقة.