هذا هو العرس العربي الفلسطيني الذي لا ينتهي .. وسيصل الحبيب الى الحبيب شهيدا او عائدا لبيته – شريفا! / ديانا فاخوري
ديانا فاخوري ( الأردن ) السبت 29/12/2018 م …
في مثل هذه الايام من كلّ عام، نستذكر معا مشهد المخلّص الذي ولد في فلسطين .. في بيت لحم .. في مغارة .. في مذود تحميه عائلة وتدفئه برموش العيون .. تلتف حوله حيوانات أليفة تردّ عنه الصقيع بلهاثها .. يترك الرعاة قطعانهم ويأتون لرؤيته ..
ليلتها، قاد المجوس الى بيت لحم نجم في السماء فسجدوا للطفل العجائبي وقدّموا هداياهم .. اما هيرودس فيأمر بقتل أطفال بيت لحم .. يأتي ملاك ليأمر مريم ويوسف بالخروج إلى مصر ومعهما يسوع .. تكاد لا تمضي بضعة أشهر إلا وتعود العائلة إلى فلسطين فيكبر الطفل ويصبح معلماً، ليرتقي شهيدا او شريفاً كما يفعل أشرف، صالح، مجد، محمد، جاك، علي، بشار و،و،و .. انهم يرتقون بكل شرف، وهيرودوس وبيلاطس ونتنياهو وكوشنر يحاولون تسلق نعالهم بكل ذل وخسة!
وها هي مراكز الدراسات والتوثيق تكسف عن ارتقاء نيف و٦٠ طفلاً فلسطينياً معظمهم خلال مسيرات سلمية، واعتقال ما يزيد على 900 طفل في الضفة الغربية منذ بداية العام الجاري لا يزال حوالي ٢٥٠ منهم في معتقلات الاحتلال في ظروف قاسية وغير إنسانية .. وبدورها قالت الحركة العالمية للدفاع عن أطفال فلسطين ”إن قوات الاحتلال الإسرائيلي تسعى لتحويل أطفال فلسطين إلى معوقين من خلال استهدافهم بالرصاص الحي والمتفجر” مؤكدة أن انتهاكات قوات الاحتلال جسيمة وخطيرة جدا وعلى المجتمع الدولي التحقيق فيها ومحاسبة مسؤولي الاحتلال على ارتكابها وتوفير الحماية الإنسانية والقانونية للأطفال الفلسطينيين!
“هذا هو العرس الذي لا ينتهي
في ساحة لا تنتهي
في ليلة لا تنتهي
هذا هو العرس الفلسطينيّ”
وبالاذن من محمود درويش، سيصل الحبيب الى الحبيب شهيدا او شريفا – عائدا لبيته، كما عاد المسيح .. وطوبى لشيء لم يعد غامضا .. طوبى لشيء سيصل!
طوبى للتحرير على أيدي رجال الله في الميدان وطوبى لانتصار الدم والحجر على ألميركافا، وإف ـ 35 الشبحية، وأسلحة الدمار الشامل الإسرائيلية بيولوجيا، كيماويا، ونوويا
اما المسيح فلن يهدأ، وأما الاحتلال الصهيوأمريكي فلن يهنأ!
وها هو خالد بن الوليد يصطحب صلاح الدين الأيوبي إلى القدس ليضعا نفسيهما وكل السيوف بتصرف يسوع الذي أعلن أنه قد ولى زمن “أدر خدك الأيسر لمن لطمك على خدك الأيمن”، وجاء زمن كسر اليد قبل أن تمتد للخد الأيمن!
جاء خالد ومعه صلاح الدين الى القدس بحشد شعبي يوم امتطى المسيح صهوة جواد مار جريس واستل سيف مار بطرس ليهجم على اللصوص ويطردهم من الهيكل بعد أن خذلته فقاعات التواطؤ اللغوية وقنابل التآمر(ك) الصوتية، وبعد اعتبار قضية القدس مجرد قضية ثقافية فتتمثل بعض الدول في بعض مؤتمرات القمة الاسلامية بوزير الثقافة مثلا!
قدم خالد ومعه صلاح الدين الى القدس بحشد شعبي يوم أعلن المسيح مقاومته لتقديم ايران باعتبارها العدو والخطر الداهم بدل إسرائيل بمشروعها الاستعماري التهويدي!
عاد خالد بصحبة صلاح الدين والحشد الشعبي الى القدس يوم أعلن المسيح عزمه إسقاط صفقة او صفعة القرن لتصفية القضية الفلسطينية!
جاء خالد بصحبة صلاح الدين والحشد الشعبي الى القدس يوم أعلن المسيح ان السلام يمر بتحرير فلسطين – كل فلسطين من النهر الى البحر، ومن الناقورة الى أم الرشراش! هذا اذن هو المعنى التاريخي للمعارك والحروب والانتفاضات بوصفها تراكمات كمية تؤدي الى تغيير كيفي ينطوي على ازالة العدوان برمته لا مجرد اثاره!
نحن محكومون بالنصر الدائم انسجاما مع فقه المقاومة والتحرير الذي تجلى بوادي الحجير فكانت مقبرة الميركافا .. نعم أطلق العلامة عبد الحسين شرف الدين فقه المقاومة والتحرير من على منبر وادي الحجير عام 1920، أي قبل عدة عقود من انطلاق لاهوت التحرير بأمريكا اللاتينية .. وجاء حزب الله – بصحبة حركة أمل – ليكمل مكارم المقاومة الشيوعية / القومية / الوطنية بكل معانيها وأبعادها فجسد بذلك فقه المقاومة والتحرير وتوجه بنصر يدوم ويتجدد ويتعزز اصلاحآ وتغييرآ نحو دولة مدنية علمانية عادلة مبنية على الشراكة الحقيقية ومقاومة الاستغلال أنا كان مصدره – طائفيآ كان أم طبقيآ في تماه مع المشروع القومي العربي ضد خطط وخدع التفتيت والتفكيك والتجزئة والتقسيم مصححآ البوصلة وموجهآ كل البنادق نحو الصهيونية والامبريالية، ففلسطين في القلب .. والقدس قلب القلب!
اما الأردن فسيبقى وقف الله، أرض العزم .. وطنا بهيا بانتظام ولايته الدستورية، شريفاً لا نبغي ولا نرضى عنه بديلا، ولا نرضاه وطنا بديلا! و لن تقوى قوى “الزندقة” او “الصهينة” و”الصندقة” بخشنها و ناعمها على تحويل الاردن من وطن الى جغرافيا والاردنيين من مواطنين الى سكان!
اما نتنياهو ففي النفق .. وقوات اليونيفيل في النفاق!
أولا: من الواضح و الجلي أن لا مصلحة عسكرية تكتيكية او استراتيجية للمقاومة من حفر الأنفاق باتجاه الجليل!
ثانيا: صاحب المصلحة الأساسية من اثارة الموضوع هو نتينياهو في محاولة هرب للأمام من مأزق الفساد وهزيمة غزة الى جانب اشارات انبعاث انتفاضة جديدة في الضفة الغربية حيث هزت رصاصات عوفرا صورة التفوق الاسرائيلي، وأصابت الأمن الصّهيوامريكي في العمق .. وكانت قوات الاحتلال قد طاردت الشهيد أشرف نعالوة لمدة 66 يومًا، عقب تنفيذه لعملية إطلاق نار داخل المنطقة الصناعيّة الاستيطانيّة “بركان” المُقامة على أراضي مدينة سلفيت، وذلك يوم السابع من شهر تشرين الأوّل (أكتوبر) الماضي، والتي أدّت إلى مقتل مستوطنيْن اثنيْن وإصابة ثالث بجراحٍ خطيرةٍ!
ثالثا: لماذا، إذن، لا تكون اسرائيل قد قامت بحفر هذه الأنفاق في سعيها لتوسيع تفويض القوة الدولية فلا تكتفي بالمراقبة، بل تشمل المواجهة بالوكالة عن اسرائيل؟!
رابعا: لماذا، إذن، لا تكون اسرائيل قد قامت بحفر هذه الأنفاق لتكثيف الضغط السياسي على حزب الله وجر الاتحاد الاوروبي لقرار بوقف التمييز بين جناحي الحزب العسكري والسياسي ليتصدر لائحة الإرهاب الأوروبية!؟
خامسا: ماذا عن حراك وعمليات “الأنفاق” الإسرائيلية في المياه والأجواء اللبنانية!؟
اما دمشق فتبقى واسطة العقد .. فاعمق واكثر من زيارة تلك التي قام بها الرئيس السوداني الى دمشق .. وأبعد من سفارة تلك التي افتتحت مؤخراً هناك .. واطول من مجرد رحلة طيران تلك التي حملتها اجنحة الشام الى تونس الخضراء، فالطريق العربي الى دمشق فتحته انتصارات الجيش السوري والحلفاء، وفرضته هزيمة المشروع الصهيواعروبيكي بعد سنين سبع عجاف!
أما اقليمياً فبرزت زيارة اللواء علي المملوك لمصر، بدعوة من رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية، حيث جرى البحثُ في القضايا السياسية والأمنية وجهود مكافحة الإرهاب .. ولحظة أعلنت واشنطن قرارها بالخروج العسكري من سوريا، وباشرت التنسيق مع تركيا، تعلن سوريا ومصر تلاقيهما للتنسيق كثنائي عربي محوري في رسم مفهوم للأمن القومي العربي .. وحين تتسابق الوفود العربية “وتطوي الفلا طيا” سعيا لسوريا، تعلن سورية ومصر أن الخير باجتماعهما! وبالتزامن مع الانسحاب الأميركي من سوريا، يقرر الأميركيون ملاقاة موعد نهاية العام لتحديد مصير وجودهم في أفغانستان بالذهاب للحلّ السياسي الذي ترعاه روسيا والصين وإيران وباكستان، وتتحرك ملفات الحكومتين العراقية واللبنانية الى جانب التسوية اليمنية!
اما في العيون الأوروبية، فقد بدأ الانسحاب الامريكي من العالم بعد ان شكلت امريكا بوليصة تأمين حياة الاتحاد الاوروبي ضد اخطار الاستذئاب القادمة من الشرق، وبعد ان تخففت من الريادة الديموقراطية .. وهم يرون عودة روسيا الثأرية لمسرح السياسة الدولية، وتقوقع ألمانيا داخليا، وانتفاضة إيطاليا على سياسات الاتحاد الأوروبي الانفاقية وتوجهها نحو روسيا .. وهم يرون عدة طرق تقود الى الصين، والمملكة المتحدة مصممة على الانتحار، وما يحدث في فرنسا هذه الأيام يتجاوز فرنسا .. اما الفرنسيون تحديدا فيرون في أنفسهم السد المنيع الذي يحمي الفكرة الأوروبية وانهيار فرنسا ماكرون يعني نهاية أوروبا! ولعل هذا ما يعيدنا لتقرير بيكر هاملتون عام 2006 حيث تمت الإشارة لمبدأالانسحاب من البر الآسيوي ولقرار الرئيس أوباما عام 2010 الانسحاب من العراق عام 2011 يليه الانسحاب من أفغانستان عام 2013 لكن مجريات الحرب على سورية والرهانات الجديدة للفوز بها أدت لتمديد الموعد مرتين لعام 2016 ثم لنهاية العام 2018! وها هم قد أدركوا، وان متأخرين، ان سوريا امام احد خيارين لا ثالث لهما: فإما النصر وإما النصر. فسوريا الموحّدة بشرعيتها الدستورية وجيشها القوي ضرورة دولية إقليمية يعززها المنطق الجيوسياسي والمنطلق الجيوستراتيجي وتمثلها دعوة الرئيس السوري لقيام نظام إقليمي من خلال منظومة دول البحار الخمسة التي تجمعها – من ضمن ما يجمعها – مصلحة محاربة الإرهاب! انه مشروع التعاون و التشبيك الذي اقترحه الرئيس بشار الأسد في مطلع العقد الأول من القرن الحالي (أبيض، أحمر، خليج، قزوين، أسود – منظومة البحار الخمس) استثمارا لموقع سوريا الجغرافي، ووضعها في مركز شبكة الطاقة والنقل الإقليمية.. مشروع يضم روسيا وايران وتركيا ومصر والسعودية والعراق وسوريا والجزائر واليمن تكاملا مع اوروبا المتوسطية .. أرادها منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل تعمل بالتفاوض لحل النزاعات وبالتعاون للتنمية والتقدم الاقتصادي ولضمان أمن الطاقة والملاحة .. مشروع يقوم على شراكة استراتيجية في الشرق الجديد!
نعم نحن امام احد خيارين لا ثالث لهما: فإما النصر وإما النصر!
عاشت المقاومة.. عاشت القدس كلها عاصمة لفلسطين كلها..
تعالى الله والأردن العربي
تحيا سوريا ولتحيا فلسطين والأمة!
مقال كالمحيط, ما ان تطأ قدميك شواطئه حتى تجد نفسك بقلب لجته , تحملك موجة لموجة أخرى , كقصبة تتقاذفها امواج بحار التاريخ العريق وامواج بحار الحاضرالزاخر.
وحده يسوع الناصري من سار فوق مياه بحر هائج مستقرا وثابتا..!!
ووحدها الكاتبة من الأردن, من تحاول الغوص والسباحة بمحيط امواجه تتلاطم , والغريب ان رأسها يبقى مرفوعا فوق سطح الماء..!!
سيدتي إن أوشكت يوما على الغرق سأستنجد بك..!!