إطلاق “المقاومة العربية الشاملة” استجابة لمتطلبات المرحلة / د. فايز رشيد
د. فايز رشيد( السبت ) 29/12/2018 م …
الكاتب د. فايز رشيد
خلال مؤتمر صحافي عقد في بيروت بتاريخ 28/12/2018, أطلقت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين, والحزب الشيوعي اللبناني إعلانا سياسيا مشتركا بين الطرفين أعلنا فيه تشكيل جبهة ” المقاومة العربية الشاملة”. الجبهة والحزب تنظيمان أصيلان تجمعهما علاقات تاريخية ورؤية استراتيجية مشتركة في الصراع التناحري مع العدو الصهيوني, عمّداه بالتضحيات الكبيرة والكفاح الوطني التحرري – القومي العربي- الأممي الأبعاد ,أثناء نضالهما وعملياتهما العسكرية المشتركة أثناء وبعد عدوان دولة الكيان الصهيوني على لبنان عام 1982 بهدف اجتثاث الوجود الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية من أراضيه. كما كررا التجربة بشكل أكثر تنسيقا ورويّة أثناء الاحتلال الصهيوني للبنانن, فقد ناضلا سويا من خلال “جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية”, التي آلمت بعملياتها العسكرية المشتركة العدو الصهيوني وأوجعته أيّما وجع , حيث أعطت لتجربة المقاومة بعدا تنسيقيا عربيا تقدميا , وخطّت الطريق النضالي المباشر لتوسيع أطراف المقاومة اللبنانية بكافة خلفياتها الأيديولوجية , حيث أصبحت المقاومة مظهرا سائدا في لبنان, وبذلك تم إفشال الأهداف الصهيونية في لبنان العربي, وفي إعادة الوهج لشعلة المقاومة ليس على الصعيد الوطني الفلسطيني فحسب ,وإنما على الصعيد التحرر الديموقراطي العربي.
من صياغة الإسم, يلمس المراقب طبيعة التشكيل المنشأ “المقاومة العربية الشاملة”,فالمقاومة متعددة الجوانب للمشاريع الإمبريالية الأمريكية الغربية– الصهيونية – البعض عربية لتفتيت الوطن العربي وإغراقه في صراعات مذهبية , طائفية , إثنية بهدف الانزياح عن الصراع الأساس في المنطقة وهو الصراع العربي – الصهيوني, المقاومة هي الوسيلة للتصدي, المقاومة بكافة أشكالها وسبلها هي الطريق للرد والمجابهة وانتزاع الحقوق الوطنية ( ولا نقول تحصيلها, فهي من عدو كعدو شعبنا وأمتنا تنتزع انتزاعا من بين براثنه). أما العربية الشاملة, ففي الكلمتين تصوّرقومي ديموقراطي تحرري , يعيد للجهد الشعبي العربي المقاوم وهجه الذي يذكّر بالحقبة الناصرية ,إن استمرّ بجهد وإصرار على الحرص لضم فصائل عربية جديدة للتشكيل, الذي نتمنى له النجاح والتوسع. التشكيل هو استجابة لمتطلبات المرحلة وطنيا وقوميا , وبخاصة في ظل مرحلة يجاهر النظام الرسمي العربي بعلاقاته الصهيونية, وكأن أطرافه المختلفة في سباق مع الزمن لإثبات من هو الأخلص والأكثر وفاء للسيد الأمريكي وحليفه الفاشي الصهيوني, اللذان يخططان لتصفية القضية الفلسطينية من خلال :”صفقة القرن”, وصفقات مع النظام الرسمي العربي , خدمة للأمن الصهيوني, ولجعل كيانه السوبر فاشي والسوبر نازي من يقرر كتابة جدول أعمال المنطفة ويتحكم في مستقبلها وثرواتها ومصادرها الطبيعية.
جدير الأخذ بعين الاعتبار, انتصارات محور المقاومة العربية في الساحة العربية السورية ,بفضل صمود الجيش العربي السوري وحلفائه العرب والإقليميين والدوليين , وهو ما يعني أن ما يخطط لقضيتنا الوطنية الفلسطينية وأمتنا العربية من سايكس بيكو بثوب جديد ,ليس قدرا مفروضا لا مفر منه, وأن في أمتنا طاقات وقوى قادرة على المجابهة. إن تشكيل جبهة “المقاومة العربية الشاملة” كصيغة تجميعية فلسطينية – تحررية عربية هو إضافة نوعية لقوى المقاومة في المنطقة, وبخاصة أنها تأتي من طرفين مشهود لهما بالنضال الوطني الفلسطيني التحرري والديموقراطي العربي, طرفان يزاوجان ويناديان بالتلاحم العضوي بين الخاص الوطني والعام القومي والأممي الإنساتي, ولا يمتلك أحد أن يزايد على أيّ منهما. ولن ننسى ما قاله الأمين العام الأسبق للحزب الشيوعي اللبناني الرفيق جورج حاوي عن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين, من أنها “أعادت للماركسة ألقها في منطقتنا العربية”.
بالنسبة لبرنامج التشكيل المنشأ , هو برنامج عملي وطني تحرري ديموقراطي طموح, يلزمه جهد كبير لتحقيق خطواته , ومراجعة شاملة سنويا لما تم إتجازه منه وما لم يتم ضمن جدول زمني, وتحليل والاستفادة من دروس تقصيراته البرنامجية , والإصرار على المضي قدما في تنفيذ حلقاته, والاستفادة من تجارب واخطاء ودروس التشكيلات الأخرى, الذي يتسم نشاطها بالموسمية والتقليدية والروتينية , والبيانات النارية غير المنفذة ! وأختتم بمفولة شكسبير ” العبرة في الخواتيم”. نتمنى لـ “جبهة المقاومة العربية الشاملة” كل النجاحات وتحقيق برنامجها, وأن تكون نقلة نوعية في النضال الوطني الفلسطيني, الديموقراطي العربي المقاوم.
التعليقات مغلقة.