تشويشٌ لطيف على صوت ماجِدة / روني ألفا

  روني ألفا ( الإثنين ) 31/12/2018 م …
لا أريدُ التشويش على طنطورة. ليس على طنطورة فلسطين بالطبع والتي لم يبلغها صوت ماجدة الرومي. لا ولا أريدُ التشويش على طنطورةِ المملكة. حسناً فعلَ أمراؤها بتشريع الغناء في الهواء الطلق على مرأى من العالم للمرة الأولى.
سأشوّشُ بمحبّةٍ مفرِطة على صوت ماجدة. طالبته دموع المنسيين في الأرض بأغنية فلم يُجِب. يساعدني في التشويش حشرجات أمل الحسين في اليمن قبل أن تلفظ أنفاسها. كان صوت ماجدة رغيفها قبل أن يفضّل الصوت خشبة المسرح على بلاطة الضريح.




يساعدني على التشويش أيضاً آلافُ المصاحِف التي وُضِعَت بحزنٍ وغضبٍ تاريخيَّين فوق جثامين الشهداء في غزة وطول كرم ونابلس وحيفا ويافا وجِنين والناصرة والجليل.
حرصتُ أيضاً أن أضمّ صوت فيروز إلى ترسانة التشويش لأضمن تشويشاً يليقُ بالمناسبة. خصّصتُ في جعبة التشويش “أنا لن أنساكِ فلسطين” وكلّ بطاريات صواريخ محمود درويش.
ماجدة التي يسري في عروقها دمٌ فلسطينيٌ. في ذاكرتها يستأنسُ صابونُ الناصرة بمعاصرِ الزيت ولهفة الزيتون. كانَ حليم الرومي يومَها يُطرِبُ إذاعة الشرق الأدنى في حيفا. حليم الذي لحّنَ أبا القاسم الشابّي مجسِّداً ” إرادة شعب”.
كان صوت ماجدة في طنطورة والذي سبق وواكب كرامتنا على مدى سنوات وأمدّنا بمؤونة وطنية وعربية وقومية بمثابة جنازة للقضية الفلسطينية ولمئات آلاف الأطفال في اليمن. جنازة غنائية بتخت موسيقي كامِل.
بالطبع لن ينال ذلك من تاريخ صوت ماجدة. نُتفٌ من الزمن الجميل يسكنُ مداه. شيئٌ من الخيبة أصابنا نحن الذين تذوّقنا السنباطي ونزار والأخوين فليفل في مساحات صوتها. شيئٌ من الخيبة أقولُ لأننا لا نريدُ أن نرى في ماجدة بعد طنطورة مغنِّية بشبيهاتٍ متعددات، نحن الذين نحتفظ بتاجٍ لها في مملكةِ الضمير.
لا بأس في أن تغنّي ماجدة في طنطورة. لكني سأحتفظ لنفسي بحق ملاحقة صوت ماجدة الرومي في كل محافل الحب التي شيّدناها له. سأقاضيه بتهمة إقامة جنازة متهوّرة من دون شهيد. الشهيد يا أيها الصوت الرائع ما زال يرمي بالحجارة تحت المطر. ما زال يغنّي قرب دبابات العدو: مَوطني… الشبابُ لن يكلَّ. همُّهُ أن تستقـلَّ أو يَبيد. نستقي من الرّدى. ولن نكون للعـدى كالعبيد. لا نُريد ذُلّنا المؤبّدا وعيشنا المُنكّدا. لا نُريد. بل نُعيد مجدنا التّليد. موطني الحسامُ واليراعُ لا الكلامُ والنزاعُ. رمزنا مجدُنــــــا وعهدُنــــــــا وواجبٌ إلى الوفا يهزُّنا. عِزُّنا غايةٌ تُشرف ورايةٌ تُرفرفُ. يا هَنَاك في عُلاكَ قاهراً عِداكْ… مَوطني.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.