مستقبل مظلم ينتظر الأمة / النائب الأردني حسن عجاج عبيدات

 

 النائب الأردني حسن عجاج عبيدات ( الأردن ) الإثنين 13/7/2015 م …

تواجه الأمة بجميع مكوناتها و أنظمتها وضعاً مأساوياً غير مسبوق في تاريخها . و باتت الأنظمة الرسمية تتخبط في مساراتها ، و تتصرف بعصبيات لا تجلب لها غير الكوارث و المآسي .

و إذا نظرنا إلى الأوضاع العربية القائمة فإننا لا نجد دولة واحدة تعيش منفصلة عن غيرها في أمن واستقرار . فباتت جميع الدول و الشعوب مهددة من الداخل قبل الخارج ، و أصحت تفتقد وحدة شعبها مما قد يؤدي مستقبلاً إلى اقتتال طوائفها بعضها بعضاً . أما الأحوال الحياتية و المعيشية و الخدمية ، فلا يوجد أي مظهر يدلُّ على تأمينها للمواطن ، فالبطالة و الفقر هما المدخل للقوى التكفيرية الارهابية يقابل ذلك عجز الدول في إحداث تنمية حقيقية قادرة على تأمين حاجات المواطن ، وتأمين مستقبل يكفل له حياة حرة كريمة .

لقد ساهمت الأنظمة العربية القائمة في ما وصلت إليه الأمة من انحدار وصل إلى حد الهاوية ، فهي المسؤولة عن المأساة التي تعيشها الأجيال العربية . فلا يستثنى من هذا الوضع أي نظام ، بل الجميع مساهمون و مسؤولون ، بطرق مباشرة وغير مباشرة .

لقد ظل إيمان المواطنين بالأنظمة قائماً على أنها ستنقل البلاد بالتطوير الاقتصادي و الإدارة الفعالة ، وخلق الحياة الحرة الكريمة للجميع، دون شعور بضغط يقيد حرياتهم . وظل الجيل الواعي من المثقفين الشباب ينتظر دوره للوصول  إلى المواقع المسؤولة ليساهم بنهضة بلاده ،ولكن الأبواب ظلت موصدة في وجهه من الجيل القديم الذي ساهم في تدهور الوضع القائم ، و عرقل مسيرة الاصلاح . كما عجزت الحكومات العربية عن وضع برامج التصحيح الاقتصادي ، و خطط تنمية شاملة للمجتمعات ،فتجمعت الثروات في أيدي فئة صغيرة ، و شاع الفقر و تضخمت البطالة ، و تعمقت الفوارق الطبقية بين فئات المجتمع .

أما على الصعيد السياسي فلم تسمح الأنظمة القائمة ولم تشجع القوى السياسية على النشاط في أوساط المجتمع ، كما عجزت القيادات السياسية التقليدية عن استيعاب المتغيرات السياسية و الاجتماعية في المجتمعات العربية ، مما خلق حالة من الفراغ السياسي ، الذي استغلته القوى التكفيرية و الارهابية ، و كانت نتيجة ذلك شيوع هذا الفكر في أوساط الشباب في معظم الأقطار العربية الذي بات يهدد أمن و استقرار الجميع .

أما القضية المركزية قضية فلسطين التي كانت محور نضال الأمة ، فقد أضحت في مؤخرة الاهتمامات العربية ، بل نشاهد اليوم أن بعض الأنظمة يدعو بشكل علني و بوقاحة متناهية إلى بناء علاقات مع العدو الصهيوني لمواجهة خطر المد الشيعي الإيراني المزعوم ، فلم تعد ” إسرائيل ” دولة مغتصبة لفلسطين ، بل دولة جارة مسالمة .

وهكذا ، أصبح هذا الزمن الرديء هو المسيطر على واقع أُمتنا دون أن نرى أي ضوء في آخر النفق المظلم يبعث على الأمل . لقد كان يحدونا التفاؤل في شهر رمضان الكريم أن نسمع بعض الحكام العرب يعلن عن مبادرة  للقاء عربي لإنهاء الأوضاع الشاذة للأمة ، و الانطلاق إلى إعادة بناء الكيان العربي ، للتصدي للخطر الداهم الذي يستهدف الجميع ، وبات يتمدد بأخطاره و نكباته لطمس و تدمير كل ما يواجه من بشر و حجر . ليلاقي مبادرة الرئيس الروسي الذي دعا إلى بناء حلف تشارك به سوريا و الأردن و السعودية و تركيا لمواجهة خطر داعش الارهابي و غيره من المنظمات الارهابية .

إن الوضع المأساوي للأمة العربية اليوم لا يمكن تغييره أو النهوض به إلا من خلال توحيد الكلمة تحت مظلة العروبة الجامعة لشعوب الأمة ، فقد برهنت الأحداث على أن ما وصلنا إليه من شيوع الأفكار المتطرفة القائمة على المذهبية و الطائفية و القطرية ، سببه فقدان الأمة لهويتها الحقيقية ، و تقسيمها إلى شيع و مذاهب متقاتلة .

إن المضمون القومي التقدمي للعروبة و إن الهوية العربية الجامعة التي تؤمن بوحدة الأمة بمختلف مكوناتها الطائفية و المذهبية التي تنصهر في بوتقة العروبة ، هو الذي يضمن الأمة و يحصنها من الانقسام و التشتت.

لقد أصبحت المتغيرات و الأزمات التي تداهم الأمة ، تفرض علينا أن لا نترك الأوضاع على حالها . بل تستوجب العمل على إزالة الجور و الظلم المحيط بالأمة التي وصلت إلى واقع بائس ينبئ عن مستقبل مظلم.

كما أثبتت التطورات الحالية و السابقة وما تواجهه شعوب المنطقة من مؤامرات أن لا مستقبل لمتفرج أو متقاعس ، وأن ليس أمام شعوبنا إلا المقاومة ، فهي وحدها الكفيلة باستنهاض الشعوب و توحيدها لمواجهة الأخطار و التهديدات . و أصبح الآن هو هدفنا جميعاً حماية الوطن قبل كل شيء وفوق كل شيء .

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.