لاتتمنوا وتنتظروا وتحلموا بسقوط سورية..فالتمنيات بضائع الحمقى / هشام الهبيشان

 

هشام الهبيشان* ( الأردن ) الإثنين 13/7/2015 م …

في هذه المرحلة الصعبة من عمر الحرب المفروضة على الدولة السورية بكل أركانها، يتضح ان إستراتيجية شركاء الحرب على سورية بدأت تفرض واقعآ جديدآ لطريقة ادارتها ومخطط سيرها،فما يجري الان على الارض السورية ،لا يدخل الا بخانة حرب استنزاف لسورية ودور سورية بالمنطقة، وقوة سورية الاقتصادية والعسكرية والإقليمية، وتضارب مصالحها القومية مع تحالف التآمر على سورية، أميركا واسرائيل وفرنسا وبريطانيا وغيرها، الى جانب وكلائها من العرب والمتأسلمين الجدد، الذين شكلوا حلفا تآمريآ بدأ بما يقارب  التسعون دولة،واليوم وبعد فشلهم بتحقيق اي أنجاز على الارض السورية يهيئ لاسقاط الدولة السورية ،نرى أنهم يترنحون لا وبل ينتحرون على الارض السورية .

اليوم وبعد اربعة اعوام من الحرب على سورية فمن الطبيعي أن تفرز هذه الحرب مجموعة حقائق على أرض الواقع السوري، الذي عصفت ومازالت تعصف به حرب هوجاء، فهناك اليوم من  خمسة وعشرين إلى ثلاثين الف مسلح اجنبي يقاتلون الى جانب المجموعات المسلحة  المتطرفة في سورية، وهناك اليوم من 78 إلى 86 دولة تواصل تصدير مجموعات هائلة من مواطنيها المتطرفين الى سورية، وكأن سورية اليوم اصبحت مقبرة لحثالات العالم الخارجي،ونفس هذه الحقائق تقول أيضآ ان هناك اليوم من 76 الى 85 الف “ثورجي سوري” يقاتلون الجيش العربي السوري، معظمهم أدوات بأيدي اجهزة مخابرات الدول المشاركة بهذه الحرب المفروضة على الدولة السورية .

 وان هناك من 28 الى 36 جهاز مخابرات غربي وعربي واقليمي يعمل اليوم داخل الجغرافيا السورية، وان هناك فرق موت متنقل تشرف عليها أجهزة مخابرات واستخبارات الدول الشريكة بالحرب على الدولة السوري ، وان هناك تقارير تثبت أن هذه المجاميع المسلحة تسلح وتدرب ويستقطب مقاتلوها بمبالغ ضخمة تتجاوز الخمس عشرة مليار دولار سنويآ، والممول الرئيس تحالف بعض دول الخليج والنظام التركي والحكومة الامريكية والفرنسية بشكل خاص، هذه الحقائق كادت في مرحلة ما أن تنجح بإسقاط سورية في أتون الفوضى الشاملة، لولا يقظة الدولة السورية منذ اللحظة الأولى لانطلاق هذه الحرب، وعمق تحالفاتها مع بعض القوى الاقليمية والدولية.

 وقد أدركت الدولة السورية حجم الخطورة المتولدة عن هذه الحرب مبكرآ، وتنبهت مبكرآ لخطورة ما هو قادم، فبدأت العمل على ثلاثة خطوط: محاربة الإرهاب، المضي بالإصلاح، ومحاربة الفساد،وبذات الأطر لم تكن سورية الدولة مقتنعة بجدوى بعض المسرحيات الغربية، مثل مؤتمرات جنيف، مؤكدة اكثر من مرة ان مستقبل السوريين يقرره السوريين، وان الحوار هو سوري -سوري تحت سماء سورية وفوق ارض سورية، وكل انسان سوري وطني شريف مدعو ليكون طرفا في الحوار، لكن في تلك المرحلة، برزت الى الواجهة فئات من المجتمع السوري استغلت هذا الظرف الصعب من عمر الدولة السورية، والتقت اهدافها وحقدها وكراهيتها مع اهداف وحقد وكراهية اعداء سورية لتدميرها ونشر فكر الارهاب والقتل والتدميرفي سورية.

 ومع كل هذا وذاك،صمدت سورية ،رغم حجم الدمار والدماء التي سفكت فيها،ومع استمرار فصول الصمود السوري أمام موجات الزحف المسلح إلى العاصمة دمشق من الجنوب السوري،وإلى مدينة حلب من بعض أريافها، وانكسار معظم هذه الموجات على مشارف دمشق وحلب، ومع عجز الدول الشريكة بالحرب عن احراز أي اختراق يهيئ لإسقاط الدولة السورية، انتقلت الدول الشريكة بالحرب على سورية إلى حرب استنزاف لكل موارد وقطاعات الدولة السورية ، في محاولة اخيره لتسريع إسقاطها، لكن سورية بكل اركانها ورغم حرب الاستنزاف التي تستهدفها، تبرهن الان انها ما زالت قادرة على الصمود ،رغم ما جرى مؤخرآ بادلب وتدمر ، والدليل هو قوة وحجم تضحيات وانتصارات الجيش العربي السوري، بعقيدته الوطنية الجامعة،والتي ساهمت بصد هذه الغزوة الاخيرة التي أستهدفت سورية كل سورية ،وها هي طلائع الجيش العربي السوري على ابواب تدمر وقريبآ بادلب ،وهذا بدوره سينعكس بظهور حالة واسعة من التشرذم في ما يسمى بقوى المعارضة المسلحة المتطرفة وداعميها .

 فتشرذم المجاميع المسلحة في مقابل صمود وصعود قوة الجيش السوري على الارض، تطور إن استمر فمن شأنه ان يضعف الجبهة الدولية الساعية إلى اسقاط الدولة السورية بكل الوسائل، ومع استمرار تحركات الجيش العربي السوري مؤخرآ على البؤر المسلحة في شمال غرب  العاصمة دمشق  “الزبداني والقلمون الشمالي الغربي ” ،واستمرار الصمود بدرعا والقنيطرة وحلب والحسكة واللأذقية وحمص وحماه وريفها خصوصآ ،فهذا الصمود بدوره سيحبط ويزيد من تذمر شركاء هذه الحرب على سورية، مع الاخذ بعين الاعتبار حجم وعمر المعركة.

 ختامآ ،نرى اليوم بوضوح  ان بعض القوى الشريكة والركيزة الأساسية في الحرب على سورية بدأت تتحول بمواقفها، وتراجع رؤيتها المستقبلية لهذه الحرب،وهذا التحول لم يأت إلا بصمود وبانتصارات الجيش العربي السوري الميدانية وتضييقه الخناق على المجاميع المسلحة المتطرفة في الكثير من المناطق السورية،وبإلنسبة للمجاميع المسلحة المتطرفة  التي تمعن بقتل واستهدف مقومات الحياة للشعب السوري فهذه لا ينفع معها إلا تلبية الإرادة الشعبية وفرض الاستقرار بالقوة لأن ذلك هو واجب الدول التي تعيش تحدي الفوضى والتمرد المسلح والإرهاب ، وهذا هو الحل السياسي لمثل تلك الحالات ، وعلى المحور الأخرفقد بات في سورية شرطآ لا بد منه لتقدم العملية الإصلاحية المفتوحة أمام كل جهة وطنية ترغب في المشاركة وتحمل المسؤولية الوطنية على أساس خيار “الاستقلال والمقاومة” فذلك هو حد الفرز بين الولاء لسورية أوالارتباط بشركاء الحرب على سورية، ولكل من يتمنى ويتساءل عن موعد سقوط سورية ،اقول له ،سورية لن تسقط ليس لأن العدو لا يملك الأسلحة والأدوات للعدوان عليها وضرب بنيتها التحتية فهذه نراها اليوم تعمل بكفاءة، لكن سورية لن تسقط لأن فيها شعب أدرك بحسه وضميره أن ما يدور فوق أرضه ليس له علاقة بما بتطلع إليه بل يهدف لتدمير بلده،وتكامل هذه الشعب بغالبيته اليوم مع الجيش والقيادة ،هو من سيسقط احلام وإوهام وإماني كل المتأمرين على سورية …..

*كاتب وناشط سياسي -الاردن .

[email protected]

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.