عامٌ مضي وآخر أقبل / داليا عطية




 داليا عطية ( الأربعاء ) 2/1/2019 م …

عامٌ مضي وآخر أقبل، وبينهما أيّام وشهور شهدت ضحكات، ودموع، وانتظار، هناك من رحل فودعناه، وهناك من باع فخسر بقائنا، وثقتنا فيه، هناك من حمل إلينا الفرح، وهناك من صنعه، وهناك من سلب الروح زادها عندما غادر الحياة غير مودع، ولا مُنذر قبل الرحيل، هناك أحلام أتت، وأحلام لم تأت بعد، هناك خطوات ثابته مرينا بها، وهناك خطوات يجب ألّا نندم عليها، فلولاها ما تعلمنا الأفضل، وما أبصرنا الحقيقة كاملة وعن قرب!

عامٌ مضي وآخر أقبل، وبينهما تقلّب الفؤاد كثيرًا بين الرغبة، والنفور بين الخيال الذي أصبح واقعًا نلمسه، والتفكُّر بعدما وجدناه، إنها المسئولية تضع الإنسان صامتًا حين يلقي ما تمني، وما انتظر تحقيقه، إذ يقف حائرًا بين ضالته التي وجدها، وعالم جديد يتحمل وحده مسئولية قرار السفر إليه .

عامٌ مضي وآخر أقبل، وبينهما ابتسامات نجاح شهدها الجميع، صنعتها تضحيات خلف الأضواء، تضحيات الأهل الذين قدّموا راحتهم فداءً لتلك النجاحات المتواصلة، والأحبّة الذين ما بخلوا علينا بوجودهم وقت الحاجة إليهم، إلي ذراعيهم، إلي قلوبهم، إلي كلماتهم الطيبة التي دائمًا ما كانت زادًا لنا في الرحلة، ودافعا للأمام .

عامٌ مضي وآخر أقبل، وبينهما طاعة الله تشهد تقصيرنا تارة، وثباتنا علي مااستطعنا قضائه تارة، تأخذنا الدنيا في متاهاتِ العلم، والعمل، والأهل، والأحبة، والأصدقاء، وتُنسينا هذه المتاهات حق الله فتعيدنا إليه الابتلاءات نادمين علي التقصير، راجين رحمته وغفرانه، فلا يردنا خائبين، إنه هو الرحمن، الرحيم، فاحرص دومًا في كل يوم، وكل شهر، وكل عامِ جديد ألا تُضيّع حق الله.

عامٌ مضي وآخر أقبل، وبينهما العمر في إضافة، فإما أن تستمتع بمرور الأيام، أو تعيشها بروتينية لتصبح شاحبة، واهِنه، لا مذاق لها، فتخسر كثيرًا من المشاعر، وكثيرًا من الزمن، وكثيرًا من الحياة، تخسر روحك نعيم الرضا بما تصنع، وبما تفعل، ويخسر فؤادك لذة الشعور بالذات في كل لحظة تقضيها في فعل ما تحب، وبرفقة من تُحب، وتخسر خانة العمر الخاصة بك أيامًا كان من الممكن قضاؤها بتفاصيل أكثر تزيد العمر عُمرًا رغم مرور الزمن، فاحرص أن تعيش العمر كما تريده أنت،وليس كما يريدونه لك، ولا يفوتك غذاء روحك، وقلبك، وعُمرك، بما يُسعده!

عامٌ مضي وآخر أقبل، وبينهما العقل ينضج، فلم يعد يغضب، ولا يفسر، ولا ينتظر، فقط يُبصر الأشياء من بعيد، أو حتي من قريب، ويراقب خطواتها، فإذا ما رآها تُقبل عليه لم يعد فرحًا بذلك، فقد علمته الحياة أن اللحظات الأخيرة هي الحاسمة، ولربما فرح بهذا القدوم وصدمته اللحظات الأخيرة بمنعه ! وإذا ما رآها تبتعد عنه، رفع بيده تجاهها، مؤديًا لها السلام، مُرددًا :” لو كان خيرًا لبقي”.

عامٌ مضي وآخر أقبل، وتتغير أحلام، وتتبدل رغبات، وتظل أخري ثابتة، دون اعوجاج، تطلُبك في كل لحظة، وكل عام جديد، ولا تتغير رغبتك تجاهها، لا بمرور الزمن، ولا بتبدّل الأشخاص، فاحفظها، وحافظ عليها، تلك هي الأحلام الحقيقية التي تكمُن سعادتك في تحقيقها، وتتحقق متعتك حين تلاقيها، فلا تهملها، ولا تهمل ذاك الصوت الذي يهمس لك بها دائمًا في صباحك، وفي مساؤك، وعندما تأتي الفراش، لأنه صادق فكن مثله صادقًا في سعيك، ابق وراء أحلامك باحثًا، وطالبًا، وراجيًا قدومها.

كل عام وانتم بخير

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.