بعض “ متأسرلي ” المنطقة المحتلة 48 / د. فايز رشيد

د. فايز رشيد ( الإثنين ) 7/1/2019 م …




بالطبع, فإن أهل مكة أدرى بشعابها, لكن, فإن أية خطوة سياسية لبعض أهلنا في المنطقة المحتلة عام 1948 يجب أن تقاس بميزان الذهب, من حيث مدى خدمتها لقضيتنا الوطنية, وحقوق شعبنا ومشروعنا الوطني أولا. ومن ناحية ثانية مدى استفادة العدو الإسرائيلي منها, وبخاصة في ظل تغوله واستشراسه وعنجهيته في تكريس الممارسات العنصرية ضد أهلنا في ذات المنطقة المحتلة عام 48, وإصراره وممارسته اليومية لسرقة المزيد من الأراضي في الضفة الغربية في استيطانه البشع, وسنّه لقوانين متتالية على أن دولته المحتلة ستقام على كامل أرض فلسطين التاريخية, كما حرب الإبادة الجماعية التي يمارسها ضد عموم شعبنا على مدى قرن زمني. نقول ذلك حول وجود النواب العرب في الكنيست الإسرائيلي. وفي الوقت الذي لا ننكر فيه خدماتهم البسيطة لمدننا وقرانا في المنطقة المحتلة عام 48, فإن العدو الإسرائيلي يستفيد من وجودهم بإسباغ “الديموقراطية” على دولته العنصرية, متشدقا بأن من يسميهم بـ”الأقلية العربية” ـ رغم أنهم أهل البلاد الأصليون ـ تمارس حقوقها في دولته الفاشية. رغم كل ذلك, نحترم خيارات أهلنا هناك, ومن الخطأ افتعال معركة معهم على خيار اتخذوه، وبخاصة أن كافة الأحزاب الإسرائيلية هي ضد وجود النواب الفلسطينيين في الكنيست, وتنادي بعدم السماح لهم بخوض انتخاباتها.
من ناحية ثانية, فإن العدو الإسرائيلي في انتخابات الكنيست السابقة عام 2015 رفع نسبة الحسم للأحزاب في دخولها للكنيست من 2% إلى 3.25% للحد من دخول الأحزاب العربية إليها, الأمر الذي دعا كل الأحزاب العربية إلى دخول الانتخابات بقائمة موحدة, هي “القائمة العربية المشتركة” التي حققت 13 مقعدا, وهي تتكون من الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة, والتجمع الوطني الديموقراطي, والحركة العربية للتغيير, وكانت بالنسبة لترتيب القوى هي الثالثة. لقد تم التعديل القانوني بمبادرة من النائب اليمين المتطرف افيجدور ليبرمان, الأمر الذي دعا أهلنا إلى زيادة الضغط الجماهيري والإعلامي بضرورة توحيد القوى بين الأحزاب التي تمثل العرب في الكنيست. وبالإضافة إلى أن قسما من القوائم العربية كانت مهددة بعدم تجاوز نسبة الحسم فيما لو ترشحت منفردة. وساعد على الوصول إلى الاتفاق لجنة وفاق شعبية تشكلت من قبل شخصيات اعتبارية وأكاديمية تولت مساعي الوساطة بين الأحزاب.
أعلنت القائمة المشتركة الخطوط العريضة لبرنامجها السياسي، وهي ترى أن تعريف الفلسطينيين في إسرائيل لذاتهم وهويتهم ينطلق من كونهم سكّان البلاد الأصليين. ومن هذه الحقيقة تنبع حقوقهم الجماعية والفردية, وتتحدد علاقتهم مع الدولة, إذ تطالب بالاعتراف بهم كأقلية قومية ذات حقوق جماعية, وبحقهم بإدارة ذاتية لشؤونهم الثقافية والتعليمية والدينية. ويؤكدون على أنهم جزء فاعل لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني والأمة العربية من حيث انتماؤهم الوطني والقومي والحضاري والثقافي .ترى القائمة المشتركة أن الحل العادل للقضية الفلسطينية يستند إلى الشرعية الدولية, من خلال إنهاء الاحتلال لكل المناطق المحتلة عام 1967, وإخلاء المستوطنات, وإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين, بمن فيهم أسرى الداخل الفلسطيني, وإقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس، بالإضافة إلى حل عادل لقضية اللاجئين, يضمن حق العودة وفق القرار 194. كما ترفع القائمة المشتركة شعار الحقوق المدنية والقومية الكاملة للفلسطينيين في إسرائيل, وتنادي بالمساواة القومية والمدنية في كافة المجالات, بما فيها سياسة الأرض وهدم البيوت, والاعتراف بالقرى غير المعترف بها في النقب, وتطالب بتوسيع المسطحات الهيكلية للمدن وتوفير أراض للبناء ومناطق للصناعة والعمل. وتدعم القائمة المشتركة مطالب مهجري الداخل بحقهم في العودة واستعادة قراهم وأراضيهم المصادرة .كما العمل على مناهضة كافة مظاهر سياسات التمييز والعنصرية ومظاهر الفاشية, وتنادي بالحقوق الديموقراطية لكافة المواطنين وفق برنامجها السياسي المعلن, تؤمن القائمة المشتركة بحق المرأة بالمساواة في الفرص, وفي الحق بالعمل والتعليم والمشاركة السّياسية والاجتماعية. وترفض كافة أشكال الاضطهاد والاستغلال والتمييز والعنف ضد النساء كان في الحيز العام أم الخاص .ترفض القائمة المشتركة الدخول في ائتلاف في حكومة إسرائيلية.
مؤخرا, كشفت القناة 20 الإسرائيلية, عن إقامة حزب عربي جديد في دويلة الكيان, يدعى “البيت العربي” يطرح نهجا سياسيا مختلفا عن القائمة العربية المشتركة, وينافسها على أصوات الأقلية العربية, لا سيما الفئة غير الراضية عن أداء القائمة العربية المشتركة وأولوياتها. وقال مؤسس الحزب المحامي المدعو أيمن أبو ريا, إن همّ الحزب الجديد وأنظاره ستكون موجهة نحو القضايا الملحة للأقلية العربية في إسرائيل, وليس نحو رام الله وغزة كما هو الحال في القائمة العربية المشتركة التي تضم الأحزاب العربية. وأشار ـ لا فض فوه!- Bottom of Form
إلى أن الاستطلاعات الأخيرة تظهر أن 40% من الجمهور العربي في إسرائيل غير راضٍ عن أداء القائمة العربية المشتركة ولن يدعمها في الانتخابات القريبة, وأن حزبه الجديد “العتيد” الذي يستند إلى رؤية واقعية سيحاول في استقطاب هؤلاء, وأن يكون بديلا مقنعا للقائمة المشتركة التي تكرر خطابا “أجوف” ـ كما سماه ـ منذ 70 عاما ولم تتقدم الأقلية العربية في إسرائيل قيد أنملة. وأعرب أبو ريا وشريكه في إقامة الحزب, الإعلامي “المتأسرل” سعيد بدران (مستشار إعلامي وصحفي سابق عمل في صحيفة “معاريف” اليمينية الإسرائيلية المتطرفة, “أنهما لن يترددا في الدخول في ائتلاف حكومي يرأسه بنيامين نتنياهو, تماشيا مع الرؤية أن العرب يشكلون نحو 20% من دولة إسرائيل, وعليهم أن يكونوا شركاء في صنع القرار”.
وقال زعيما الحزب المشبوه إنهما يحترمان حق “الشعب” اليهودي في دولة له ويحترمان رموز الدولة مثل العلم والسلام الوطني. وشددا على أن الفلسطينيين لهم زعماؤهم وعليهم إدارة شؤونهم, أما حزبهما فسيركز على شؤون الداخل للأقلية العربية. إن هم الحزب الجديد هو الهجوم على القائمة العربية المشتركة ورموزها, كما مغازلة أعتى الأحزاب الإسرائيلية عنصرية وفاشية, للحصول على دعمها وتمويل حملات التحريض التي بدأوا يشنونها على القائمة المشتركة. كتلك المحاولة التي كشف عنها تقرير للقناة العبرية 20 “تحدّث عن إقامة حزب “عربي” جديد لخوض انتخابات الكنيست رقم 20 أطلق عليه “مؤسسة المحامي أيمن أبو ريا” هدفه “طرح نهج سياسي مختلف عن القائمة العربية”. الحزب الجديد ليس بعيدا عن أيدي الموساد.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.