لحظة عودة / محمود غريب
محمود غريب ( الأربعاء ) 9/1/2019 م …
لم تبخل الدول التي قادت منذ البداية الحرب الكونية على سوريا باي نوع من انواع الدعم العسكري والسياسي والمالي لاذرعها، وقد اصبح ذلك واضحا على شكل مقترح غربي وتحت مسمى”مجموعة أصدقاء سوريا”، ولتبدأ بعقد اجتماعاتها بشكل دوري منذ فبراير/شباط ٢٠١٢، متعهدة بالسعي لإسقاط الدولة السورية ودعم المعارضات ماليا وعسكريا وسياسيا.
و اجتمعت ١١٤ دولة حول العالم في المغرب في اطار ما سمي المؤتمر الرابع لأصدقاء سوريا، وتعالت فيه “كلمات نارية” تحمل التهديد والوعيد لدمشق، وبعد عام كان حال الجمع بان غاب اكثر من مائة وتقلص الى 11دولة فقط وهم المنخرطون فعلا ويقودون الحرب على سوريا واستمروا في رهانهم التدميري رغم التبدلات الكبيرة في الميدان. وكان من ابرز سمات مراهنتهم انه ترافق مع تنافس من بعض دول منطقة الخليج الفارسي فيما بينها في صراع حول من يكسب اكبر قدر من المجموعات المسلحة التي يشغلها على الجغرافيا السورية وتم ضخ الاموال . وعلى سبيل المثال وصل المبلغ إلى ثلاثة مليارات دولار تقريبا بغضون عام ٢٠١٣. وبالتزامن بدات واشنطن برنامج تسليح للمجموعات المسلحة عن طريق المخابرات الأميركية، وكان أحد أكثر البرامج كلفة في تاريخ المخابرات الأميركية، ليصل إلى مليار دولار سنويا بحلول عام ٢٠١٥ .
كانت هذه مجرد اشارة الى جانب بسيط من حجم التدخل فضلا عن دور تركي وهي التي تملك اطول حدود مع سوريا حيث اصبحت ممرا لكل من كان يريد حسب زعمهم الجهاد بكل انواعه في سوريا من شرق وغرب الدنيا ناهيك عن غرف العمليات المعلنة والمستترة . ولكن ماذا انتج كل ذلك فمن الناحية الذاتية، انتج أمراء حرب، مع تمويل كبير، مُغرٍ إن جاز القول، و هدفهم يحدده المشغلون ويتلخص في حجم الصراعات التي دارت وتدور بين ما يقودون من مجموعات وكتائب وفيالق وفرق واحزاب وجبهات مع خليط من الاغراب. صراعات تنوعت وشملت كل المناطق التي كانت تحت سيطرتهم والملفت ان الخطاب المتشدد والمعتدل حسب تعبير بعض الرعاة لهذه المجموعات انتج نفس الشراسة في التعاطي مع بعضهم البعض مع التسليم بعدائهم جميعا للحكومة السورية مع غياب اي مشروع سياسي لاجنحتهم السياسية ان وجدت فيما العسكرية انشغلت بكل انواع الغزوات والحروب وتقاطعت بطريقة هستيرية حيث تتبدل الولاءات بين عشية وضحاها واخر ما يهمهم هو انه هناك وطن اسمه سوريا . وغالبا ما كانت الغزوات والحروب لسببين، اما تصفية حساب مشغل مع اخر او كسب نفوذ وتقاسم غنيمة هنا او هناك. وفي مشهد تفردوا به ومترافق مع تناطحهم هو حجم المعاناة التي يحملونها في كل جولة للمدنيين الذين تقطعت بهم السبل او كانوا لسبب او اخر اسرى في ميادين وساحات واحياء تقاتلهم حيث لاتوجد احصائيات بعدد القتلى الذين ازهقت ارواحهم نتيجة لذلك حيث تنوعت الميادين كما الاسماء ففي الجنوب بين النصرة و”داعش” تارة والنصرة و”داعش” على حدة والكتائب المختلفة والمتشعبة هناك تارة اخرى وصولا الى ريف دمشق وغوطتها بين فيلق الرحمان وجيش الاسلام الى القلمون ,فيما امهات معاركهم ربما في ادلب واريافها وبعض من ارياف حلب وحماة حيث تجمعوا ليبدؤوا سلسلة من التصفيات المتنوعة والشريك في كل مرة جبهة النصرة على مختلف تسمياتها منذ بداية تشكيلها واخر مسمياتها هيئة تحرير الشام والتي ناطحت كل المجموعات في مناطق نفوذهم من كل المسميات والتوجهات من احرار الشام الى الجبهات والكتائب والحركات واخير وجهت حرابها الى الزنكي المتحالف معها سابقا في خطوة اعتبرت انذاك تمردا على انقرة وضمن المشهد نفسه وما إن تمكنت هيئة تحرير الشام من السيطرة على مواقع الزنكي أحد مكونات ما تسمی الجبهة الوطنية للتحرير غربي حلب، بعد معارك استمرت لخمسة أيام قتل فيها من قتل وخلفت اضعافهم جرحى، حتى بدأت الهيئة تحشد ضد حركة أحرار الشام وصقور الشام في ريفي إدلب وحماة، وسط تهديدات تطالب بالتسليم أو الحرب.
مشهد یعیشه کل سوري بغض النظر عن قربه او بعده منه ليصل بقليل من الوقت في العودة الى الذات وفي حالة انتماء للوطن وكأنه كان يراد لنا الدمار. نعم الدمار لبلد فيه من الحياة والمستقبل الكثير الكثير .
التعليقات مغلقة.