نظرة على الاتفاق النووي الايراني – الغربي / ابراهيم ابو عتيلة

 

ابراهيم ابو عتيلة ( الأردن ) الخميس 16/7/2015 م …

بعد مفاوضات ماراثونية ترقبها العالم أجمع أُعلن عن توقيع الاتفاق النووي بين ايران والخمسة زائد واحد ، ومع توقيع هذا الاتفاق أخذ كل طرف من الاطراف يعبر عن انتصاره ويتفاخر بإنجازاته ، فايران تتباهى بانها رفعت الحصار، وحررت أموالها من البنوك الغربية ،  وضمنت حسب قولها الاعتراف بها كقوة نووية قادمة ، فيما يتغنى الطرف الآخر بما أنجز وبأنه لجم القوة النووية الايرانية إلى حين ، بحيث لم تعد ايران تشكل خطراً نووياً سواء على الغرب أو دول الجوار مع التأكيد على ضمان أمن العزيزة ” اسرائيل” فكل ما يهم الغرب هي دويلة الكيان الصهيوني وليس غير ذلك …

نصر ايراني – غربي معلن ،  وترقب وتحفظ عربي من دول الجوار التي تباينت مواقفها من بين مرحب ومتحفظ ، فيما رفض الصهاينة هذا الاتفاق ووصفوه بالأسوء …  روحاني – طريف يتباهون ، ولا يقل عنهم بالتباهي أوباما وكيري وهولاند ، وحالة ومن الرضا على صعيد الروسي والصيني ، وقبل أن ندرك فحوى الاتفاق أو نطلع على تفاصيله قام الكثير من الكتاب العرب بتحليل هذا الاتفاق بين مؤيد ومعارض أو مستنكر ، فاليساريون والمتعاطفون مع ايران وما يسمى بمعسكر المقاومة رحبوا بهذا الاتفاق واعتبروه نصراً مؤزراً ، مقابل صورة عكسية لدى معارضي السياسة الايرانية في المنطقة ، وأخذ كل طرف – إن جاز التعبير –  يقسو بألفاظه ضد الطرف الآخر … فكالعادة ، نحن متسرعون بأحكامنا وتغلب علينا العاطفة على ما نتخذه من مواقف .

وفي ظل الحيرة التي تسود الجميع وحلة عدم اليقين ومع متابعة ما رشح حتى الآن من محتوى الاتفاق يتبين :

1.     وافقت ايران على السماح للمفتشين التابعين للأمم المتحدة بمراقبة المواقع العسكرية الإيرانية، ويمكن لإيران أن تبدي الاعتراض على بعض طلبات دخول هذه المواقع.

2.     التوقيع بين وكالة الطاقة الذرية وايران على خارطة طريق لحل عدد من القضايا العالقة.

3.     وافقت ايران على بند يشير أن العقوبات يمكن أن تعاد خلال فترة 65 يوماً عند حدوث أي خرق للاتفاق.

4.     وافقت ايران على بقاء الحظر الأممي على تصدير الأسلحة اليها لمدة خمس سنوات ، وبقاء الحظر على تصدير الصواريخ إليها لمدة ثمانية أعوام بعد الاتفاق.

5.     وافقت إيران على عمليات تفتيش أممية مفاجأة للتحقق من التزامها بالقيود الصارمة التي فرضت على نشاطاتها النووية.

6.     الاتفاق ينص على أن طهران لن تسعى أو تطور أو تحصل على سلاح نووي مهما كانت الظروف .

7.     سمح الاتفاق لطهران بالاحتفاظ بأكثر من 6000 جهاز طرد مركزي، بعد أن كانت مطالب الطرف الآخر بتخفيض عددها إلى ألف جهاز فقط.

8.     يتبين من الاتفاق بأنه لن تكون هناك حربٌ غربية على إيران كما انه لن تكون هناك عقوبات على إيران (لأي سبب، بل إن الاتفاق يحوي بنوداً تمنع إعادة فرض العقوبات بصورٍ أخرى، ويطالب أميركا بالامتناع حتى عن الجهود الدبلوماسية والاقتصادية لتقليص مبيعات النفط الايراني ) ــ

9.     يضمن الاتفاق أن لا يقوم البرنامج النووي الايراني بإنتاج بلوتونيوم ذي استعمال حربي، أو كميات من اليورانيوم تكفي لإنتاج قنابل نووية ، أو بتخصيب ما يكفي من اليورانيوم لإنتاج قنبلة ذرية.

10.   أعطى الاتفاق الايرانيين الحقّ في تطوير أجهزة الطرد من كلّ الأجيال، وصولاً الى IR8، خلال السنوات العشر القادمة ، حتى تكون جاهزة لاستبدال التكنولوجيا الحالية مع نهاية المدة.

11.   بحسب الاتفاق ستتمكن ايران من بناء ما تشاء من مفاعلات نووية لإنتاج الطاقة السلمية، ويكون الوقود المستورد لتشغيل هذه المفاعلات خارج حدّ الـ300 كيلوغرام من اليورانيوم المخصّب الذي يمكن لإيران الاحتفاظ به وتخزينه ( حيث سيتم  بيع الفائض في السوق الدولية ، أي أن إنّ البنية التحتية النووية الايرانية باستثناء إنتاج البلوتونيوم وتدويره ستظلّ مكتملة مع انقضاء البنود الأساسية للاتفاق بعد خمسة عشر عاماً ، وسيترك الاتفاق إيران بعد أكثر من عقد، في وضعية الدولة على عتبة إنتاج القنبلة ويشرّع هذه الوضعية .

12.   يتضمّن الاتفاق بنوداً للتعاون التقني بين إيران والغرب في المجال المدني، ليس فقط بمعنى رفع العقوبات عن تصدير الأجهزة والتكنولوجيا، بل إنّه ينص على النشاطات البحثية والعلمية التي ستستفيد إيران فيها من الغرب.

وبالرغم من عدم كفاية المعلومات المتوفرة عن بنود الاتفاق ، فإن من الملاحظ بأن ايران قد قدمت تنازلات كبيرة عما كانت تطرحه في بداية عملية التفاوض ، قابل ذلك تنازلات أقل من قبل الغرب ففترة ال 15 عاماً للقيام بانتاج البلوتونيوم أمر ورد في اتفاقات مع دول أخرى ستقوم ببناء المفاعلات النووية ن أي ان ذلك ليس مكسباً محصوراً بايران ، وسيسمح ما ورد في الاتفاق لدول أخرى في المنطقة بانتاج الوقود النووي بما في ذلك انتاج البلوتونيوم بعد مرور ذات المدة من قيام تلك الدول بتشغيل مفاعلاتها النووية .. وليس خافياً كما هي قاعدة المفاوضات أن كلا الطرفين قد حققا بعضاً من شروطهما مع افضلية واضحة في ذلك لقوى الغرب ، ولا نستطيع أن نغفل عملية الافراج عن الأموال المجمدة – وإن كانت عملية تحصيل حاصل ستترتب على أي اتفاق – حيث ستكفل سيولة هذه الأموال إلى تنشيط واضح في الاقتصاد الايراني .

        وبالرغم من كل ذلك وبالرغم من احتفال الطرفين بما أنجزاه في هذا الاتفاق ، فإن التخوف الذي يبرز لدى العديد من المهتمين بشؤون المنطقة يتعلق بالتحول المتوقع في السياسة الايرانية على المستوى الإقليمي ، وإلى أي درجة سيؤثر ذلك على الأحداث وعلى ما يجري في الإقليم .

ربما من الصعب الحكم على ذلك في هذا الوقت فالأيام القادمة وحدها ستكفل معرفة ذلك ، ولعلني اتساءل هنا ما كان يعيق التوصل لإتفاق في الفترات السابقة هو الرئيس السابق أحمدي نجاد بمعنى هل الاتفاق يدل دلالة واضحة إلى تحول عميق في المواقف الايرانية تجاه ما يسمى عملية الاصلاح ولمصلحة الاصلاحيين … وبالرغم من عدم تمكن ايران من فرض شروطها ومطالبها بالحد المعقول إلا أنني أقارن بين موقفها ومواقف العديد من أنظمتنا العربية التي سلمت كل شيء للغرب من أسلحة كيماوية وتكنولوجيا نووية وسمحت بتفتيش أكثر الأماكن خصوصية علها تحظى بحظوة لدي الغرب ، وكانت النتيجة عكس ذلك تماماً كما شاهدنا في العراق وسوريا وليبيا ، فالغرب لا يهتم ولا يراعي إلا مصلحة الكيان الصهيوني وأي عمل لا يراعي ذلك هو خط أحمر .

لننتظر بعد إعلان تفاصيل الاتفاق ونرى …

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.