ثوب السناتور رشيدة المطرز / رشاد ابو داود

نتيجة بحث الصور عن ثوب رشيدة ي

رشاد ابو داود ( الأردن ) السبت 12/1/2019 م …



رشاد ابو داود

لم أرَ في حياتي أجمل منهما، ثوب أمي وثوب رشيدة طليب. الأول فتحت عيني عليه، والثاني فتح الكونغرس الاميركي ليُجلس على احد مقاعده أول فلسطينية عربية وهي السناتور رشيدة.
ثوب أمي كان جميلاً. في الصيف أبيض مطرزاً بخيوط من حرير أحمر أو أزرق بلون السماء أو برتقالي بلون برتقال يافا. لكأنها كانت تحتفظ باللون بعد أن سرق الصهاينة البرتقال و الارض و السماء.وفي الشتاء أسود أو كحلي لكن دائماً، الالوان هي هي، والجمال هو الجمال.
لكل مدينة وربما قرية فلسطينية ثوبها وتطريزه الخاص بها.فيكفي أن تنظر الى المرأة لتعرف من أي قرية هي،وان تشابهت الاشكال و الالوان الا ان ثمة ما يميز احدها عن الآخر. وأكثر ما يميز الثوب «القبة» أي الصدر. وهي من أكثر أجزاء الثوب الفلاحي غنى بالتطريز. وتغطي صدر المرأة من الحزام حتى رأس الكتفين، بينما تقل عرضاً عند الصدر عدة سنتميترات من الجوانب. وتحتوي القبة في الثوب المطرز على أنواع كثيرة من العروق والعناصر الزخرفية التي تتفاوت في عرضها، حيث تشتمل على السناسل والعروق الرفيعة. ومنها عرق الكرز وعرق الزنبق وعرق الجورية والقرنفلة و الدالية والهدهد والطاووس و الحمامة.
تعددت الاثواب والتطريزات لكن الخيط الاول كنعاني.اذ ان ثمة من انواع الاثواب الفلسطينية ما يطلق عليه الثوب التلحمي او ثوب المَلكَة و هو ثوب عريق قديم، كان زيًا خاصًا بملكات الكنعانيين في فلسطين، مخطط بخطوط داكنة تميل في معظمها إلى اللون البني القريب من الأحمر؛ تتداخل في وسطه قطع الساتان بألوان بهيجة؛ أما الأحمر البرتقالي او الناري، وفي صدر الثوب يستخدم قماش القطيفة التي عادة ما تطرز بخيوط بارزة وبأشكال دائرية تستخدم فيها الألوان البراقة الذهبية أو الفضية، وقد كانت قديما تصنع من الذهب والفضة، وتوضع في وسط كل شكل دائري قطعة من المجوهرات، تليق بأهمية الملكة صاحبة الثوب، كالزمرد أو الياقوت؛ أما باقي أجزاء الثوب فتمتاز بغزارة التطريز واستخدام أنواع متعددة من الرسومات، تدل على المناطق التي تخضع لحكم الملكة الكنعانية.
الثوب ليس مجرد قطعة جمالية ولوحة ترسم بالابرة والخيط بل سطور من التاريخ تشهد على حقب من الزمن مر بها الشعب الفلسطيني. فهناك ما يطلق عليه الثوب الرومي (تأثراً بالعهد الروماني ) الذي يشبه قماشه قماش ثياب الراهبات البيضاء أو السوداء. وقد ظل منتشرا في شمال ووسط فلسطين، وما زالت بعض كبيرات السن يحتفظن به ويرتدينه في المناسبات الهامة.
تستعمل المرأة الفلسطينية نوعين من الثياب هما: ثياب العمل، وثياب المناسبات. وتخصص لثياب المناسبات أفضل الأقمشة، وتبالغ في الاهتمام بتطريزها أو تقصيبها؛ أما ثياب العمل فتكتفي بتطريزها بحرير أقل كلفة، وبنماذج أكثر بساطة.
وفوق الثوب ترتدي المرأة الفلسطينية أنواعًا من المعاطف الصدرية وهي تشبه ما يلبسه الصيادون في عكا وحيفا ويافا، وتكون مغلقة من الأمام والخلف وبدون أكمام، بينما الأكتاف تكون مفتوحة، لتسهيل عملية ارتدائه، وتصنع من قماش الحرير المخلوط مع الساتان، أو ما يعرف بالتقصيرة وترتديها فوق الثوب في مناطق بيت لحم والقدس وقرى غزة؛ وهي مصنوعة من قماش القطيفة الزرقاء أو الحمراء، وهو عبارة عن معطف، أجزاؤه الأمامية مفتوحة، والأكمام تكون إما نصف كم، أو أكمامًا طويلة.
لقد قامت إسرائيل بتسجيل أثواب فلسطينية باسمها في الموسوعات العالمية، مثل ثوب عروس بيت لحم المعروف باسم (ثوب الملكة) الذي سجلته إسرائيل باسمها في المجلد الرابع من (الموسوعة العالمية). كما قامت مؤخرا شركة الطيران الاسرائيلي (العال). بسرقة الثوب الفلاحي الفلسطيني وارتدت تطريزات منه موظفات الشركة على متن طائراتها كثوب يعبر عن التراث الإسرائيلي.
بعد ان فشل تحرير فلسطين انطلاقاً من العواصم العربية فانه ربما يتم من العاصمة الاميركية واشنطن. فثمة فلسطينيون و فلسطينيات من حملة الجنسية الاميركية والقلوب الفلسطينية يبدعون ويعرفون كيف يحملون قضية فلسطين الى الشعب الاميركي. فهذه جمانة مصطفى علي عايد من كليفلاند اوهايو (24 سنة) تفوز بلقب «أصغر طيار» من بين قائمة افضل الطيارين في اميركا. وهذه «بي.دي.اس»حركة مقاطعة اسرائيل التي تكشف اكذوبة اسرائيل وتحقق نجاحات باهرة في اميركا واوروبا والعالم.
رشيدة طليب النائب اليمقراطي عن ولاية متشيغان التي فازت في انتخابات التجديد النصفي دخلت الكونغرس بالثوب الفلسطيني وأزالت اسم «اسرائيل» عن خارطة العالم التي على مكتبها ووضعت اسم فلسطين.
قد لا تعيد رشيدة أرض فلسطين لكنها أعادتها الى الكونغرس الاميركي المؤسسة الدستورية الاولى في الولايات المتحدة والهيئة التشريعية.
فرحلة الألف ميل قد تبدأ..بثوب.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.