في تموز … انتصارات و…كنوز / د. يحيى محمد ركاج
د. يحيى محمد ركاج * ( سورية ) السبت 18/7/2015 م …
*باحث في السياسة والاقتصاد – سورية …
يعتبر شهر تموز أو شهر يوليو أو الشهر السابع من أشهر السنة الميلادية وقد روت القصص والأحاديث التاريخية الأساطير الكثيرة عن هذا الشهر الصيفي الذي ترتفع فيه حرارة الشمس في منطقتنا العربية، حتى قيل عنه “بتموز بتغلي المي بالكوز” كناية عن قوة الشمس وتأثيرها في العباد.
لو نظرنا إلى إرثنا الحضاري وأرشيف انتصاراتنا العربية والإسلامية سابقاً في تموز لم نجد انتصاراً يذكر حتى بدايات القرن الحالي، فتاريخ الأحداث في شهر تموز لا تشير إلا لوصول طارق بن زياد لشواطئ اسبانيا، وترسيم الحدود بين العراق وإيران في عام 1937، وانتهاء الحكم الملكي في العراق وإعلان الجمهورية، والإطاحة بحكم الشاه حليف الكيان الصهيوني في إيران. في حين كان هذا الشهر سابقاً مملوءاً بالهزائم والانتكاسات من سقوط القدس بيد الصليبيين واحتلال القوات الفرنسية للجزائر وقمع ثورة القبائل فيه وإقامة أول موقع استيطاني صهيوني في الجولان، وإعلان المغرب محمية فرنسية وسقوط ميناء طرابلس ،وانفصال السودان إلى جنوب وشمال، وإنزال قوات مشاة البحرية الأمريكية في بيروت بطلب من الرئيس اللبناني كميل شمعون آنذاك في عام 1958.
ومع بدايات القرن الحالي أعاد حلف المقاومة بريق الفرح لهذا الشهر من خلال أسر حزب الله لجنديين صهيونيين الأمر الذي أدّى إلى فضح النوايا الكامنة للكيان الصهيوني بالتحضير للاعتداء على لبنان والذي أسفر عن انتصار استراتيجي حاسم للمقاومة اللبنانية تغيرت معه مجرى الأحداث السياسية في المنطقة والعالم. وتتابعت الانتصارات العربية في تموز من خلال إنجازات حلف الممانعة انطلاقاً من سورية حاضنة نصر المقاومة اللبنانية في تموز وصولاً إلى الجمهورية الاسلامية الإيرانية واحتفالها بيوم “إيرانيوم” (إيران النووية)
لقد شهد تموز بعد انتصار المقاومة أحداثاً كبيرة ومتفرقة ولكن أبرز ما تحقق في هذا الشهر وفي خضم الأحداث التي تشهدها المنطقة حدثان هامان تجلى الأول في: تقديم منهجية عمل الدول السورية في السنوات القادمة والتي تبلورت استراتيجياً في خطاب القسم الذي قدمه الرئيس السوري في 16 تموز في عام 2014، والذي يشير إلى ثبات المواقف القومية العربية لدى سورية رغم ما تتعرض له من إرهاب وما تقدمه من دماء وأرواح ثمناً لكرامتها.
وتجلى الثاني في توقيع الجمهورية الإسلامية الإيرانية للاتفاق النووي مع مجموعة الدول التي كانت تفاوضها على سلمية برنامجها النووي لمدة 12 عاماً، حيث تم توقيع الاتفاق في 14 تموز من العام 2015، وقد تضمن هذا الاتفاق نقاط تَفُوق أهمية اعتبار إيران نووية سلمية ألا وهي إطلاق يد الإيرانيين بحرّية من أجل بناء دولة قوية ذات سيادة من خلال رفع العقوبات المختلفة عليها واستبدالها ببعض القيود البسيطة.
إن تلازم هذين الحدثين بمفردهما في المنطقة كفيلان بتغيير خارطتها لصالح العرب وحلف الممانعة في السنوات القادمة، فمنهجية سورية الصمود والمدعومة بدعم إيراني أصبح غير مقيد الموارد والنشاط الدبلوماسي.
ومن جهة أخرى فإن الإنجازين الذين أشرنا إليهما لن تتركهما دول الخنوع دون منغصات فبعد خطاب القسم عملت دول الخنوع العربي ومن تتبع له من الغرب المتصهيِن لتوحيد الجماعات المسلحة تحت مسميات جديدة لتدمير ما تبقى من البنية التحتية في الدولة السورية، واليوم بعد توقيع الاتفاق النووي الإيراني في 14 تموز 2015 فإنه من المتوقع ارتفاع أصوات تجعل من إيران بعبع المنطقة والذي على حد زعمهم سيبرر للخونة الاستعانة والتحالف علناً مع العدو الصهيوني وحلفائه المعلنين، فهل سيحمل ما تبقى لنا من تموز مفاجئات أخرى في هذا العام
التعليقات مغلقة.