من “حلف وارسو – 14/5/1955” الى “بلف وارسو – 13/2/2019” .. فخامة الاسم لا تكفي، وكالزبد ستذهب جفاءً! / ديانا فاخوري
ديانا فاخوري * ( الأردن ) الأربعاء 16/1/2019 م …
من “حلف وارسو – 14/5/1955” الى “بلف وارسو – 13/2/2019” .. “فخامة الاسم لا تكفي”، وكالزبد ستذهب جفاءً، ولن تمكث في الارض!
جاء في الموسوعة ان حلف وارسو أو معاهدة وارسو (اسمها الرسمي معاهدة الصداقة والتعاون والمساعدة المشتركين) هوً منظمة عسكرية سابقة لدول أوروبا الوسطى والشرقية الشيوعية. أسست هذه المنظمة عام 1955 لتواجه التهديدات الناشئة من أعضاء حلف شمال الأطلسي (الناتو) وكان من أبرز المحفزات لإنشائها هو انضمام ألمانيا الغربية لحلف الناتو بعد إقرار اتفاقات باريس. استمرت المنظمة في عملها خلال فترة الحرب الباردة حتى سقوط الأنظمة الشيوعية الأوروبية وتفكك الاتحاد السوفيتي (عام 1991) ووقتها بدأت الدول تنسحب منها واحدة تلو أخرى، وحل الحلف رسميا في يوليو 1990.
انهم يستعيرون الاسم ويستعمرون الموقع وفي ظنهم الِاثم ان “فخامة الاسم تكفي” متغاضين عن قوله تعالى في الآية 17 من سورة الرعد: “فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً ۖ وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ ۚ كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ ب الأمثال”. وهذا “بلف وارسو” المزمع مناقشة تأسيسه في 13/2/2019 ان هو الا “بلف” جديد في محاولة اخرى يقوم بها المحور الصهيواعروبيكي لتشكيل بديل او حاضنة لـ “6 + 2” قبل ان تصبح “6 + 2 + 1” بتسلل اسرائيل اليها في عملية اغتصاب تتمخض عن “الناتو العربي” المسخ بعد “منتدى غاز الشرق المتوسط” التطبيعي بامتياز تغطية للتغول النفطي الصهيوني .. كل ذلك على وقع طبول فزاعة الأجندة الإيرانية والتهديد الفارسي كما كررت سابقا! وهكذا يتوسل الأميركيون أدوات جديدة لترميم نفوذهم وحماية مكانتهم الدولية في سياق التقهقر القومي وعلى حساب التراجع العربي! من بولتون الى بومبيو الى هيل و”الترامبيات” – فقاعات الصابون اليومية، محاولات بائسة لاحتواء تداعيات القرار الأميركي بالانسحاب من سورية .. ذلك القرار الذي احرج إسرائيل وحلفاء امريكا في المحور الصهيواعروبيكي واوقع الرعب في قلوبهم .. محاولات مستميتة لتهدئة الروع وشد العصب فالطمأنة واستمرار “البلف” تهويلا بالخطر الإيراني الفارسي، والمقاومة الوطنية بطليعتها حزب الله، فالتحشيد لمواجهة هذه الاخطار ضمانا للمصالح الاسرائيلية، وتأمينا لأهداف أميركا الاستراتيجية!
تحالف عربي صهيوني علني يشكل إطارا لتكتل إقليمي تقوده “الويلات المحتدة الأميركية” لتصفية القضية الفلسطينية بحجة مجابهة ايران الفارسية الشيعية والتصدي لحزب الله والحلفاء في المقاومة الوطنية، وبتمويل استنزافي خليجي تحتاجه امريكا سيما مع تراجع مشاريع المحور الصهيواعروبيكي في سورية والعراق ولبنان وتعثرهم في اليمن وتخبّطهم بشتى أنواع الضغوط الداخلية والخارجية. مرة اخرى يراهنون على دور خليجي تمويلي يؤدي الجزية “صغورا” على هيئة هبات ومساعدات لدول المحور الصهيواعروبيكي في “العالمين العربي والإسلامي” ويقوم ببث الفرقة وزرع بذور الفتنة دينيا وطائفيا من ناحية، وعرقيا وقوميا من الناحية الاخرى ومؤمّناً، في الوقت نفسه، للأميركيين قواعد ومواقع استراتيجية تناطح إيران!
اما قدرة مؤتمر العداء والبلف هذا على تحقيق ما “أنشئ” من اجله فدونها عقبات وأسئلة .. هل تسير قطر وعُمان والكويت بدعم مشروع حرب على إيران؟! ماذا عن احتواء تداعيات اغتيال الإعلامي الخاشقجي في ظلّ استنفار الكونغرس الأميركي تسانده مجمل القوى الأوروبية معارضة وموالاة؟! هل تستقيم بهذا قيادة خليجية لحلف وارسو، وكيف يقود الخليج المنطقة وهو المتورّط بحرب اليمن وقتل عشرات الألوف من أهله؟ هل تقبل دول الخليج، بمجملها، بدور تركي – بحمولة “اخونجية” – في “بلف وارسو” هذا؟! هل تخضع تركيا، بحجمها الكبير، لقيادة سعودية؟! ماذا عن العراق بغالبيته المتحالفة مع إيران؟! وماذا عن المحور الروسي الصيني؟!
وماذا عن “قمة الرياض الترامبية” التي ضمّت 65 دولة وانعقدت لذات الأغراض ونفس الاهداف؟! اقتطع ترامب جزية تكاد تقارب حدود التريليون دولار بصفقات مع السعودية (500 مليار دولار) وقطر والإمارات والكويت – فماذا تحقق؟! وماذا سيحقق “بلف وارسو”المستنسخ كاريكاتوريا عن قمة شرم الشيخ عام 1996 ومؤتمر أصدقاء سورية عام 2012؟!
فيا قوم اعقلوا وادفعوا بمحور الأرض فيميل بكليته نحو فلسطين بكليتها .. يا قوم اعقلوا: باطل جهادكم وملغى كأنه لم يكن اذا انحرف عن بيت المقدس وفلسطين من النهر الى البحر، ومن الناقورة الى ام الرشراش .. فوجود اسرائيل يعني ديمومة النكبة .. وازالة النكبة تعني ازالة اسرائيل! نعم، يرتكز وجود اسرائيل الى وعلى سرقة ومصادرة الأرضِ الفلسطينية وطرد الشعب الفلسطيني وهذه هي النكبة فلم تكن فلسطين يوما أرضا بلا شعب لتوهب لشتات بلا أرض – ممن لا يملك لمن لا يستحق! .. إذن وجود اسرائيل هوالمرادف الطبيعي للنكبة الفلسطينية .. وعليه فان ازالة النكبة ومحو اثارها يعني بالضرورة ازالة اسرائيل ومحوها من الوجود – لا تعايش .. ولن تفلح محاولات المحور “الصهيواعروبيكي” اليائسة البائسة كما ينفذها وكلاء الداخل – بدفع الأردنيين لتلقي “صفعة القرن” صاغرين .. فكما على ثرى الأردن كذلك في السماء، و لن تحتمل السماء “صفقة القرن” التي يصفعها الأردنيون لينال الفلسطينيون، كل الفلسطينيين، حقهم بالعودة وإزالة النكبة بإزالة أسبابها وآثارها – ازالة اسرائيل، نقطة على السطر. وها هم لاجئو ونازحو الأردن ولبنان والدول العربية يتأهبون للعودة الى الجمهورية العربية الفلسطينية، وعاصمتها القدس!
أكرر ان التبعيّة ليست قدرًا، وأن الثورةَ ضرورةٌ وحتميّة – ربما برايات صفراء، لا مجرد سترات صفر – رغم جدران الفصل ومسرحيات الانفاق والنفاق ودروع الشمال وتهريج أدرعي والقواعد والقاعدة وداعش والنصرة وأخواتهم والمشتقات والملاحق الأخرى .. نعم خسئوا فالأردن اكبر من الدور المرسوم، وهو قادر، قيادة وشعبا، على احباط “القدر المرسوم” وسيبقى وقف الله، أرض العزم .. وطنا بهيا بانتظام ولايته الدستورية ومأسسة الدولة وتحصين القانون، شريفاً لا نبغي ولا نرضى عنه بديلا، ولا نرضاه وطنا بديلا! ولن تقوى قوى “الزندقة” او “الصهينة” و”الصندقة” بخشنها وناعمها على تحويل الاردن من وطن الى جغرافيا والاردنيين من مواطنين الى سكان .. تعالى الله والأردن العربي .. ولتسقط “صفقة القرن” بقرونها!
يا قوم اعقلوا، لا تدعو الخب يخدعكم ب”بلف وارسو”، وتعالوا الى كلمة سواء .. يا قوم اعقلوا .. وصححوا البوصلة باتجاه فلسطين!!
*ديانا فاخوري
كاتبة عربية اردنية
التعليقات مغلقة.