قرار الباقورة والغمر بين الخطأ والصواب / عبدالحفيظ ابو قاعود

عبدالحفيظ ابو قاعود* ( الأردن ) الأربعاء 16/1/2019 م …




مراجعة نصوص اتفاقية وادي عربة وملاحقها رسميا وشعبيا بعد ربع قرن من توقيعها ؛ ضرورة وطنية للخروج من “الوظيفة الاقليمية ” للنسق من قبل خبراء قانونيين وساسة من مختلف المشارب القكرية والوان الطيف السياسي للخرروج بتوصيات حولها والاطلاع على مدى التزام الطرف الاخر بنصوصها، وتعاظم النفوذ الاسرائيلي في البلاد بعد العمل بها. فالسيادة  الاردنية على منطقتي “الباقورة والغمر” بموجب الاتفاقية وملاحقها غيركاملة ومنقوصة ،لاسباب غير معروفة اومبررة . لكن حين اقرت الاتفاقية ” وادي عربة/ 2 في البرلمان في العام 1994، واستكمال مراحلها الدستورية ؛ يبدو ان المؤيدين و المعارضين لم يقرأوا ولم يتفحصوا نصوص الاتفاقية  بعمق لبيان مخاطرهاعلى مستقبل البلاد السياسي.

ان ” مرجعية النسق ” اتفقت مع قيادة “الاخوان” على معارضة الاتفاقية بالشكل وليس بالمضمون ، ولم تسع قيادة “الاخوان”الى اسقاطها من حيث المضمون باتخاذ قرار تأريخي باستقالة كتلة “جبهة العمل الاسلامي ” الذراع السياسي  ل “الاخوان ”  من عضوية مجلس النواب قبل التصويت عليها لاقرارها لجر عرب الاردن الى اسقاط اتقافية وادي عربة /2عبر تحريك التيار الاسلامي والقوي الوطنية والقومية الى الشارع لاسقاطها.

” الاخوان ” قادوا “التيار الاسلامي” في البلاد في حقبة  التحالف الاستراتيجي مع النسق ضد القوى الوطنية القومية واليسارية على مدى نصف قرن من العام 1958 – 2007، بعد الحكم على القيادي المرحوم الدكتورمحمد ابو فارس وعلى ابو السكر بالحبس ، والاستيلاء على ادارة جمعية العمل لاسلامي ” الذراع الاقتصادي للاخوان ” الخزان المالي ” لتمويل مشاريعها ،حيث بدأ العمل على تحجيمهم ،وتفتيتهم الى ثلاث مجموعات متنازعة فيما بينها، وافًل نجمها بالانشطار في الشارع السياسي , لكن الملك الراحل الحسين بن طلال استطاع من خلال حزب جبهة العمل الاسلامي ،الذي رخص لهذة الغاية لتمرير الاتفاقية  بسلاسة بالاتفاق مع متزعمي الاخوان دون معارضة شعبية في الشارع ، لان  قيادة ” التيار الاسلامي ”  اكتفت بالمعارضة الصوتية ” لغم” في البرلمان دون تجيش الشارع ضدها، وكان هذا التوجه ،هو؛ المطلوب من الخارج لاقرار اتفاقية ذات طابع دولي مما يؤكد مهمة “الاخوان”  في اداء الدور والمهمة بامتياز. حيث مثل ” الاخوان”  دور “حصان طروادة”  في تمرير اتفاقية وادي عربة /2 ،وقبلت قيادتهم  بهذا “الدور والمهمة” ، لانهم في اطار التحالف الاستراتيجي مع النسق اصبح “الاخوان ” امارة داخل النسق لمواجهة القوى الوطنية والقومية واليسارية ، وتفريخ ” التكفيرالارهابي المسلح” في الاقليم، وبعد القيام بالدور بتمرير ” الوادي”2 ؛ انتهى الدورزانتهت المهمة وحان وقت الاستبدال بالاخر!!!.

والمستغرب ان نواب كتلة جبهة العمل الاسلامي قاطعوا الجلسة ، التي القى فيها الرئيس الامريكي الاسبق بيل كلنتون كلمة امام البرلمان الاردني في اليوم التالي لتوقيع الاتفاقية في منطقة “الحويرة ” بوادي عربة .ولم يقاطع نواب جبهة العمل الاسلامي جلسة اقرار اتفاقية وادي عربة/2 ،الامر ،الذي يعكس غياب البعد الاستراتيجي لتوجهات متزعمي “الاخوان ” حول اتفاقية تعترف بيهودية “الدولة العبرية ” في فلسطين المحتلة ، كما لم نر اي موقف سلبي من حركة  “حماس” الذراع العسكري ل “الاخوان ” تجاة وادي عربة/2 ، وذلك لسبب انها ابرمت اتفاقا امنيا وسياسيا مع حكومة الشريف زيد بن شاكر في العام 1992.

لقد ارتضى ” الاخوان ” القيام بهذا الدور والمهمة ” حصان طروادة  ” ، لتمرير اتفاقية ” وادي عربة” ،ومهمات اخرى منها ؛ وأد الحياة الحزبية والسياسية منذ العام 1958، لمواجهة القوى الوطنية والقومية واليسارية بالتكفير والتهميش .

والغريب ، انه لم يقم نواب كتلة “حزب جبهة العمل الاسلامي ” في حينه في تنوير الجماهير بعامة والتيار الاسلامي بخاصة عن مخاطر ملحقي “الباقورة والغمر” في انتقاص السيادة الاردنية عليهما ، لكن قيادة الاخوان لجأت الى الشارع بعد ربع قرن لاثارة موضوع “الباقورة والغمر” الى السطح  للضغط  على النسق باخطار الاخر بعدم تجديد تأجيرهما ، حيث لم يكن هذا التوجه من الحكمة بمكان!!!.

هل اخطأت “حكومه الرزاز” في قرارها حول انهاء العمل بمحلقي” الباقورة والغمر”!!!،ولم تتجه الحكومة ذاتها ، ومعها الحراك الشعبي الثائر للاصلاح العام وتغيير النهج السياسي والاقتصادي الى اعادة النظر في  اتفاقية  وادي عربة/2 برمتها وعرضها على الاستفتاء الشعبي، لان المادتين ؛ الثامنة والتاسعة من وادي عربة على سبيل المثال لا الحصر ؛ تحتاجان الى ملحقين اضافين لادارة وضبط عملية الولاية الاردنية على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس المحتلة لانهاء انتهاكات المستوطنين للحرم القدسي الشريف ومعالجة عملية التوطين ل ” اللاجئين!!!، ولم يجر الاردن الرسمي والشعبي  جردة حساب للارباح والخسائر لانهاء العمل بمحلقي “الباقورة والغمر”.وما قدرة  الاردن الرسمي والشعبي على حوض معركة السيادة الكاملة عليهما مع إسرائيل ؟!!!.

فالحكومة الاردنية مطالبة بدراسة ملفات ” الباقورة والغمر” والولاية على المقدسات الاسلامية بعمق وتجيب على سؤال مهم ، هو ؛ لماذا وافق الملك الراحل الحسين بن طلال على هذين  الملحقين؟!!!.

وهنا يثور سؤال اخر عن ماهية مسؤولية “متزعمي” الاخوان ”  في عدم  اثارة مخاطر هذين الملحقين على انقاص السيادة فحسب ، بل مخاطر تأجيرهما بدون مقابل؟!!!،وهل انهاء العمل بهذين الملحقين باهمية بمكان من الولاية على الاماكن الاسلامية المقدسة في القدس المحتلة.

خوض معركة استعادة السيادة علي “الباقورة والغمر” ، يكون  بتأليف  فريق تفاوض قوي ووازن من الخبراء مع الاخر، وعدم الاكتفاء بالاعلان عن انهاء العمل بالملحقين!!!،حيث تكمن اهمية هاتين المنطقتين لاسرائيل ، مقابل اهمية ” الولاية المنقوصة ” للاردن على الاماكن الاسلامية في مدينة  القدس المحتلة.

على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي ؛ لقد تلاشت في حقبة “وادي عربة /2″الطبقة الوسطى واتسعت فئات الفقر وزادت نسبة البطالة بين الرعية وارتفعت نسب التضخم وبقيت الاجور على حالها ، وتعالت الاصوات في الميادين العامة  لاصلاح النهج السياسي والاقتصادي، والمطالبة بتغيره، وساد “الامني على السياسي” ، بحيث اختلت  معادلة التوازن الاقتصادي بفرض ضريبة القيمة المضافة ” المبيعات ” بنسب عالية ، التي ادخلت الرعية في حالة الافقار والافساد والتوجه نحو الافلاس والانهيار ، وخصخصت الاصول الانتاجية وازداد النفوذ الاسرائيلي في مؤسسات النسق السيادية .

لقد اصبحت البلاد على ” الحافة الكبرى” ، وفئة “تجار السياسة” تتعالى صدى اصواتها في منابر صالونات عمان للحديث عن عملية اصلاحية  مزعومة ، والاصلاح يبدأ بهذة الفئة نفسها ، لانها مسؤولة عن احداث ” الحافة الكبرى” في البلاد، التي عنوان برامجها العريض ؛ الفساد والافساد واغتصاب المال العام ، والفقر والقمع الناعم.

–   الباقورة والغمر ليست بالاهمية بمكان من الولاية المنقوصة على الاماكن الاسلامية المقدسة في القدس المحتلة والحرم الابراهيمي في الخليل المحتلة ، مما يوجب اعادة النظر بكافة بنود اتفاقية “وادي عربة/2 ،واخضاعها الى الاستفتاء الشعبي ،لان الظروف الموضوعية مواتية لالغائها او تعديلها على اقل تقدير.

–   يتوجب على الحكومة ان تكون على درجة عالية من الحكمة والشجاعة ، وان تضع الملك بمخاطر توجهه بشأن الغاء ملحقي “الباقورة والغمر” ، لان الغاء  اتفاقية وادي عربة برمتها اقل خطورة من الغاء العمل بهما ، لان الحكومات اصبحت اصغر وهياكل لا روح فيها ،تلبي توجهات سياسية غير رشيدة ، حينما حدثت مذبحة قبية زار الملك الراحل الحسين بن طلال قطعات عسكرية في الواجهة الامامية من الجبهة في الضفة الغربية ، التي حدثت بها المذبحة الصهيونية ،وكانت حماسة الجند عالية الى حد مطالبة الملك بالهجوم على العدوللانتقام من العدو، فأستجاب الملك لرغباتهم الجياشة غير المدروسة لتبعات العملية ، وامر بالهجوم المعاكس على الاعداء، لكن فطنة رئيس الوزراء انذاك ،الذي كان برفقته، حيث  نبه الى مخاطر هذا التوجه الملكي، واسدل الستار على الامر.

– ان الدروس والعبر  المستفادة من مآل اليه ؛ الزعيم الفرنسي الراحل شارل ديغول مؤسس الجمهورية الخامسة عندما منع بيع طائرات الفانتوم لاسرائيل بعد عدوان 1967 ، حيث واجه في العام  1968 ، بانتفاضة طلابية وعمالية ادت الى استقالته من الحكم في العام 1969، واين نحن من ديغول منقذ فرنسا من الاحتلال الالماني وتأسيس حكومة المنفى ، واقامة الجمهورية الخامسة؟!!! .

– الاسباب الموضوعية والعوامل المساعدة، التي حدت بالقبول بقرار الرباط 1974، والى اعلان فك الارتباط الاداري والقانوني مع الضفة الغربية المحتلة 1988،وتعليماته ، اللذين مهدا لاوسلو 1993، ووادي عربة 1994 ؛ اصبحت الان غير متوافرة في هذه المرحلة التاريخية ، مما يوجب الغاء اتفاقية وادي عربة برمتها وليس الغاء العمل بملحقي الباقورة والغمر من خلال عرضها على الاستفتاء الشعبي العام.

– الحراك الجماهيري من حقه المطالبة باستكمال السيادة على منطقي الغمر والباقورة ، مع تأييدنا الكامل لمطالبه في تغيير النهج ، لكنه لم يطور المطالبة بالغاء الاصل بالاستفتاء الشعبي على اتفاقية وادي عربة/2 برمتها ,لان حقبتها ادخلت البلاد في الافقار والافساد والقمع الناعم.

– اجراء مراجعة شاملة لوادي عربة من حيث الارباح والخسائر، ضرورة وطنية ، لابد منها لانقاد البلاد والعباد من تداعياتها واثارها السلبية ،للخروج من حالة العقم السياسي والاحتقان الداخلي ،وتصدع الجبهة الداخلية وانهيارالسلم الاهلي ،والخروج من الوظيفة الاقليمية والاحلاف الاقليمية المشبوهة.

– التفاوض بين الاطراف المتنازعة ؛علم وفن وله رجالاته ، لاننا لم نعرف خلفيات وضع ملحقي الباقورة والغمر بهذا الشكل والمضمون ،مما يتوجب اجادة هذا العلم والفن من قبل المفاوضين المحليين لاستكمال السيادة الوطنية علي الاراضي منقوصة السيادة في حال السير باستكمال انهاء العمل بهما.

– القادة  العمالقة ، هم ؛ الاستراتيجيون في الحكم والمبادرة ويقدرون الزمان والمكان لاتخاذ القرار المناسب ، ومن حق الملك الاستجابة لمطالب الحراك الشعبي المتنامية ، لكن قرار حكومة الرزاز بوقف العمل بملحقي “الباقورة والغمر ” من وجهة نظرنا خطأ استراتيجيا ، وزمانه ليس في اللحظة التاريخية ، وقرارسياسي غير رشيد ،لان مراجعة اتفاقية وادي عربة /2؛ ضرورة وطنية لاحداث علاقة متوازنة مع الاخر، وذلك اضعف الايمان.

– لقد كان قادة التيار الاسلامي ومعهم قادة التيارات القومية والوطنية حينما اقر هذين الملحقين واتفاقية وادي عربة/2 برمتها ومخاطرها في غفلة من الامر قبل ربع قرن!!!،حيث ارتكب قادة هذه التيارات الاسلامية والقومية والوطنية خطيئة كبرى في التصويب السلبي على “وادي عربة/2 ، وعدم الاستقالة من مجلس النواب باللجؤ الى الشارع لمناهضة” الوادي” 2، لكن ” الاخوان ” ارتضوا بان يكونوا ” حصان طروادة ” بالقبول بالقيام ب”الدور والمهمة” عن علم ودراية وليس عن قصد  لعدم ادراكهم مآلات الامور في النهاية.

– ان “الضفة الغربية” وديعة عند ” الهاشمين ” الى حين تحرير فلسطين المحتلة ، الامر ، الذي يوجب اعادة الوديعة لاصحابها ، من خلال الحرب اوالتفاوض ، فاعادة النظر بقرارالباقورة والغمر يكون مفتاح الحل لايجاد التوازن في العلاقة مع الاخر، لكن اصرار ” قيادة فتح” على قرار الرباط 1974،وملحقه اعلان وتعليمات فك الاتباط القانوني والاداري؛ جعلت من الضفة الغربية المحتلة ؛ اراض متنازع عليها مع الاحتلال الاسرائيلي  بموجب اوسلو1993، الذي اعترف بيهودية الدولة العبرية مقابل ادارة مدنية ذاتية مؤقتة  تتحول الى دارة مدنية ذاتية دائمة في الاتفاق النهائي “صفقة القرن”.لان المفهوم الصهيوني لحل الدولتين في التفاوض مع منظمة التحريرالفلسطينية ؛ دولة في شرقي نهر الاردن واخرى في غربي نهرالاردن !!!، لاسباب شرحناها في مرافعات سياسية سابقة.

– طرح قرار الرباط 1974،واعلان وتعليمات فك الارتباط القانوني والاداري مع الضفة الغربية المحتلة 1988، واتفاق “وادي عربة” 1994 ، للاستفتاء الشعبي  لتحرير “الوديعة ” من المغتصب سواء بالتفاوض او الحرب ؛ امر لا مفر منه بعد سراب ما اطلق عليه  بالمن والسلوى للارادنة ، و” الدولة الفلسطينية المستقلة ” على حدود 1967لعرب فلسطين

*صحافي ومحلل سياسي

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.