“اسرائيل” تحترق بلهيب تموز مرة أخرى / راسم عبيدات

 

راسم عبيدات ( فلسطين ) الإثنين 20/7/2015 م …

تموز/2006،قررت “اسرائيل” تغيير قواعد اللعبة في الجنوب اللبناني،وإنهاء وجود المقاومة وحزب الله،وإبعاد خطرها لسنوات طويلة عن شمال فلسطين،وأمريكا وقوى الإستعمار الغربي ومعها جوقة المطبلين والمنهارين العرب من مشيخات النفط والكاز الخليجية وعدد آخر من أنظمة النظام الرسمي العربي،أعطوا الضوء الأخضر لذلك….معتقدين ومتوهمين بأن القضاء على حزب الله سيدق مسماراً آخر في نعش النظام السوري وسيخضع ايران،وسيخلق شرق أوسط جديد خالي من قوى المقاومة،قيادات عربية “كرتونية” تأتمر بأمر “اسرائيل”،هيمنة وسيطرة أمريكية مطلقة على المنطقة….ولكن لم يتم استولاد الشرق الأوسط الجديد الذي بشرت فيه “كونداليزا رايس” وزير الخارجية الأمريكية أنذاك،ومنيت “اسرائيل” بهزيمة نكراء بعد ثلاثة وثلاثين يوماً من القتال الضروس مع المقاومة اللبنانية،في مقدمتها حزب الله اللبناني،في وقت كانت تعتقد فيه “اسرائيل” ومعها حلف العدوان الأمريكي والغربي والعربي،بأن المعركة ستحسم خلال عشرة أيام على الأكثر،وجاء تقرير لجنة “فينوغراد” الإسرائيلية حول حرب تموز وإعتراف جنرالاتها وقادتها الأمنيين والعسكريين بالهزيمة والفشل ليؤكد الهزيمة والفشل الإسرائيليتين،وبدلاً من أن يتراجع دور حزب الله والمقاومة،وجدنا بأن الحزب تحول الى قوة إقليمية في المنطقة،وأصبح حلف المقاومة من طهران وحتى الضاحية الجنوبية مروراً بدمشق أكثر ثباتاً ورسوخاً،توحد في المعارك والميدان في أكثر من ساحة ومعركة في القصير..في القلمون…والقنيطرة ضد العدوان الإجرامي الذي تتعرض له سوريا وقوى المقاومة من قبل تحالف عريض تقوده أمريكا والغرب الإستعماري..ويشارك في تنفيذه تمويلاً وتسليحاً وتوفيراً للدعم اللوجستي والإستخباري والقواعد والملاذ الامن والإقامات وحرية الحركة،وفتح الحدود لإدخال المرتزقة والجماعات الإرهابية والتكفيرية من مختلف دول العالم جماعات التتريك الحالمة بالخلافة في أنقرة  على حساب الدم والجغرافيا العربية وغرفة عمليات “موك” في الأردن وجماعة (14) آذار في لبنان.

الهزيمة العسكرية التي منيت بها “اسرائيل” في تموز /2006 ،لا توازيها سوى هزيمتها السياسية بتوقيع الإتفاق الإيراني- الأمريكي حول الملف النووي الإيراني في تموز لهذا العام،اتفاق أحدث زلزالاً في اسرائيل، وليصفه قادتها بالكارثة،اتفاق سيبني عليه تغيرات ومعادلات وتحالفات جيو استراتيجية في المنطقة،اتفاق سيكرس ايران قوة اقليمية متسيدة في المنطقة،وبإنتصار ايران سيتعزز دور حلف المقاومة في المنطقة،وسيكون العد النهائي للعدوان على سوريا،سوريا التي سيصبح دورها حاسماً في المنطقة،كذلك حزب الله سيصبح واحداً من المعادلات الهامة في المنطقة،لكي يتحول دوره من دور محلي الى دور عربي وإقليمي.

“اسرائيل” المصدومة من هذا الإتفاق،لم تنفع معها كل التطمينات الأمريكية،حول تعويضها عسكرياً عن هذا الإتفاق بتزويدها بأحدث ما  هو موجود من سلاح في الترسانة الأمريكية،وكذلك أحدث المقاتلات (أف 35)،ولا التطمينات البريطانية والألمانية والفرنسية بالإلتزام بأمنها وحمايتها والدفاع عنها،فإيران قيادتها تقول بأنها لن تغير موقفها من “اسرائيل” وستواصل دعم حلفائها والوقوف الى جانبهم في سوريا ولبنان واليمن وفلسطين،والدول التي تبعث لها بالتطمينات قبل أن يشرع في رفع العقوبات الإقتصادية والمالية عن ايران يستعد قادتها ووزرائها للهرولة الى طهران،لكي يحجزوا حصصاً لهم في المشاريع الضخمة التي ستستثمر في القطاعات المختلفة الإيرانية من نفط وغاز وبتروكيماويات وصناعات مختلفة  وإعادة تاهيل قطاع الطيران المدني والمصارف والبورصة..الخ.

التداعيات للإتفاق النووي الإيراني ستكون كبيرة في المنطقة على المستوى الإقليمي والعربي،والمعادلات والتحالفات والتغيرات الجيو سياسية ستحصل، والأوضاع في المنطقة قبل تموز لن تكون على ما هي عليه بعد تموز،وتوقيع الإتفاق ترافق مع تقدم كبير في الحرب على الجماعات الإرهابية “القاعدة” ومتفرعاتها من “داعش” و”نصرة” وغيرها  في العراق وسوريا،الانتصارات الميدانية سوف تضيف قوة جديدة للاتفاق الإيراني مع الغرب، وسوف تتبدّل المواقع ويتغيّر الخطاب السياسي، النجاح الذي تحقق في فيينا سيعطي روسيا وإيران وسورية أفضلية في العمل على إنهاء الحرب على سورية ووقف تدفق الإرهابيين وأموال الإرهاب. ولا بدّ أن يعيد المجتمع الدولي حساباته من أجل وقف العدوان على اليمن وإنهاء مجازر القتل الجماعي التي تُمارَس ضدّه.

 

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.