البحرين.. : أنا “أبو البراء” وعائلتي كلنا “دواعش”
الأردن العربي – مرآة البحرين ( الثلاثاء ) 21/7/2015 م …
فيما كانت المصادر الحكومية البحرينية تقول : إن “الفكر الداعشي ليس له مستقر في البحرين” وأن الاتهامات التي تساق بشأن تواطؤ الحكومة ليست سوى “عملية ممنهجة” تقوم بها جماعات المعارضة لوضع البحرين على أجندة الرصد الدولي للتيارات الإرهابية. وفيما كان كذلك، كانت أخبار الإرهابي البحريني سلمان عليان تركي العشبان المعروف أيضاً بـ”أبي البراء البحريني” و”أبي ذر البحريني” تطير من مدينة الفلوجة في العراق يوم الاثنين الماضي، معلنة عن مقتله فيما أسماه التنظيم “عملية انغماسية” في إشارة إلى وفاته لدى قيامه بتنفيذ إحدى العمليات الانتحارية.
الحقيقة أن المعلومات التي كتبها “أبو البراء” نفسه وقام بإلقامها في حسابه على شبكة التواصل الاجتماعي قبيل مقتله كفيلة بكشف المزيد عن خطورة التيارات المتطرفة في البحرين مما ينبغي له أن يفاقم “التوتر” لدى صحيفة الديوان وكتّابها ويفرض عليهم القيام بالمزيد من الجهد في عمل كتاب “الهوم وورك”.
لقد وضع العشبان “أبو البراء” تفاصيل مثيرة عن رحلته إلى الجهاد في سوريا وعملية تجهيزه التي تمّت في البحرين والتحاق جميع أفراد عائلته به.
وذكر أنه تلقى مبلغ السفر البالغ مائتي دينار من “رجل أرسلت له أحد أصدقائي ليقول له إن هنالك شاباً يريد الذهاب لسوريا ولا يملك المال”. ويقول العشبان إن الرجل رفض منحه المال في البداية “بحجة أنه لا يعرف من سيذهب وأنه لن يعطيه إلا إذا عرفه”. لكن بعد أقل من ساعة “جاء الرجل الذي أرسلت له صديقي وأخبرني أنه سيعطيني أي مبلغ أريد وسيجهزني فانشرح صدري”.
وفي روايته يدلي العشبان بالمزيد من المعلومات حول “شقة يتواجد فيها الشباب كانت محطة الانطلاق”. إذ يقول بهذا الصدد “في يوم 15 أغسطس/ آب (2013) كنت في شقة مع أصحابي ثم ذهبت للبيت لعلّي أودع أمي فلم أجدها. عدت للشقة التي يتواجد بها الشباب وكانت هي محطة الانطلاق وشنطتي هناك”. كما يذكر بأن “أحد أصحابي جاء ليوصلني للمطار”.
في الشهادة يكشف العشبان عن أنه منذ اللحظة التي تحركت فيها الطائرة اتخذت رحلته إلى سوريا الطريق إلى العلنية. إذ يقول “عندما تحركت الطائرة في المدرج وضعت صورة التذكرة والجواز في حسابي بالإنستغرام لأخبر أهلي عن طريقها إني ذاهب لسوريا”. تفاصيل مثيرة رواها العشبان عن كيفية تلقي عائلته للخبر والمحاولات التي بذلت من جانبهم لإثنائه ما إن وصل إلى مطار اسطنبول. يشير مثلاً إلى تلقيه مكالمة من عائلته؛ حيث أُخبر بوفاة والدته ثم إصابة والده بجلطة. لكن حين تبين لعائلته عدم اقتناعه واستشعاره كذبهم بادرت أمه بالكلام معه قائلة “إنها لن تسامحني”.
لكن ممانعة عائلته ومحاولات إثناءه لن تلبث بعد ذلك – على الأرجح بعد أشهر من وصوله إلى سوريا – أن تشهد انقلاباً دراماتيكياً. لم يفلحوا في إثناء “أبي البراء” عن الذهاب إلى سوريا. من مطار أسطنبول إلى بيت تابع إلى الجيش الحر ثم إلى يد جندي في “داعش” ثم إلى “مضافة استقبال المهاجرين”. الانقلاب الدراماتيكي الكبير وقع حين قررت عائلته نفسها بمن فيها أمه وأخوه الذي يعمل في الجيش البحريني الالتحاق به بعد ذلك. وهذا ما شكل موضع احتفاء كبير به في صفوف التنظيم. لقد ذهب “أبو البراء” وحيداً وسط “خذلان” عائلته لايعرف الطريق ولا “المنهج”. وانتهى إلى جندي في ما يسمى بـ”دولة الخلافة” مع جميع أفراد عائلته.
وحول ذلك يقول العشبان نفسه “الآن ولله الحمد والدتي جاءت لرؤيتي في الشام فتمنهجت وأصبحت مع “داعش” (…) وأخي كان جندياً للطاغوت والآن ترك جيش الطاغوت وهو على المنهج”. إلى أن يقول “وأهلي كلهم مع “داعش” مع إنهم ليسوا على المنهج”.
لقد وضع سلمان عليان تركي العشبان المولود في العام 1995 في منطقة الرفاع الواقعة جنوبي البحرين بنفسه قصة انضمامه وأفراد عائلته إلى تنظيم “داعش”. وحتى من لم يلتحق منهم فإنهم كما يقول “مع داعش مع إنهم ليسوا على المنهج”. لكن في المقابل ماذا تقول الحكومة البحرينية ؟ ببساطة: إن شبكة إعلامية مترابطة بحرينية وإقليمية تابعة إلى المعارضة تحاول ربط البحرين قسراً بجماعة “داعش” في الوقت الذي لايوجد متسع اجتماعي في البحرين للجماعة. وتقول الكاتبة في الصحيفة سوسن الشاعر “إنها عملية ممنهجة تترتب عليها تبعات دولية مهمة تصنف السلطات على إثرها تصنيفاً خطيراً”.
في الحقيقة، إذا كانت هناك عمليّة ممنهجة فعلاً لربط البحرين بجماعة “داعش” فهي تلك الألاعيب التي وظفتها السلطات الأمنية في استثمار التنظيمات المتشددة. لقد سبق للكاتبة نفسها أن هددت بـإحياء “القاعدة” بهدف خلط الأوراق أمام المطالبات المتصاعدة بالديمقراطية واحترام حقوق الإنسان في البلاد. وقالت في مقال 21 مارس/ آذار 2013 أثار كثيراً من الانتقادات إن “حلم تصفير الدولة الذي تدفع به الولايات المتحدة الأميركية في البحرين عن طريق الدمى التي تحركها يعني باختصار أن تضع الشيعة في مواجهة السنة وإحياء القاعدة”.
في هذا الوقت بالذات كانت إحدى أقوى حملات دعم الجهاد الخليجية تقام في البحرين تحت اسم “تجهيز غازي”.
وبعد خمسة أشهر من نشر هذا المقال بالتمام سافر سلمان عليان تركي العشبان إلى “الأرض المباركة”.
مرآة البحرين
التعليقات مغلقة.