«حماس» والخطيئة السورية / إيلي شلهوب

 

 

إيلي شلهوب ( السبت ) 10/1/2015 م

زيارة خالد مشعل لطهران قاب قوسين أو أدنى من التحقق. حديث عن عودة حمساوية إلى حضن محور المقاومة والعود أحمدُ. طهران لا ريب ستحتفل بعودة كهذه، في حال نجحت، ومعها قيادة «حماس».

منبع سرور الأولى واضح، في النهاية سيف معها أفضل ألف مرة من سيف عليها، فضلاً عن استثمار طويل الأمد في تلك الحركة يفرض العقل التجاري البسيط، وفقاً لحسابات الربح والخسارة، بذل المستحيل لكي لا يضيع سدى. الكلام ليس عن التسليح فقط، وقد كان بعضه خوّة، بل عن تنشئة وتدريب ونقل خبرات قتالية وصناعية عسكرية… إلخ.

هذا من دون أن ننسى طبعاً أن «حماس»، رغم كل شيء، ترابط عند الثغور الأمامية في مواجهة العدو الإسرائيلي وسلخها عن هذا المحور كان خسارة له، بغض النظر عن اصطفاف الحركة اللاحق، خاصة إذا ما أخذنا بالاعتبار ما تمثله فلسطين في الايديولوجيا والوجدان الإيرانيين.

ومع ذلك، فإن تجربة السنوات الثلاث الماضية لم تمر بلا أثر في نظرة الجمهورية الإسلامية إلى «حماس». لا بد أن القيادة الإيرانية فقدت الثقة بتلك الحركة التي يعتقد كثر أنها لن تتورع عن تكرار الممارسة نفسها إذا ما توافرت لها الفرصة من جديد. وحدها البرغماتية السياسية الإيرانية هي التي أملت العمل الحثيث على استعادة «حماس»، التي يبدو أن طهران مقتنعة بأن مساوئ قيادتها السياسية لم تنتقل عدواها إلى جناحها العسكري، «كتائب القسام».

كذلك الأمر بالنسبة إلى منبع سرور «حماس». بات واضحاً أنها وجدت نفسها، بعد سنوات من أحلام حكم العالم العربي بعَلَم «إخواني»، وحيدة ومعزولة ومفلسة، مالياً وسياسياً. حتى البطولات التي سطّرتها وحداتها العسكرية (مع باقي فصائل المقاومة) في الحرب الأخيرة على غزة، لم تنجح في أن تصرفها إنجازات، لا في السياسة ولا في الاقتصاد، فضلاً عن حال الحلفاء المغلوب على أمرهم (قطر) والمتلهين في صراعات مع كل القوى الإقليمية الأساسية (تركيا). أما المظلّة الإخوانية فحدّث ولا حرج، وحالها في مصر خير معبّر. أدركت «حماس»، في آخر المطاف، أن العودة إلى الحضن الإيراني ليس سوى خيار الضرورة، وحده الذي يعيد تشغيل «العداد»، في إشارة إلى حزم الدعم المالي والعسكري.

لكن «حماس» لا بد تدرك أن حفاوة الاستقبال الإيراني تعود إلى تقاليد وأعراف، ولا تعني بالضرورة تعبيراً عن عودة الأمور إلى ما كانت عليه ما قبل ما عرف بـ«الربيع العربي»، خاصة أن الحركة الإسلامية مانعت على مدى أشهر من المفاوضات، في أكثر من عاصمة إقليميّة، ليس فقط أن تعتذر عن أخطائها حيال محور المقاومة، بل حتى إجراء مراجعة تعترف فيها بخطأ سياسات ورهانات لم تنل الحركة منها سوى الويلات.

قد يساجل البعض بأن «حماس» بقيت طوال الوقت حركة مقاومة وإن غادرت محور المقاومة الذي تعود إليه هذه الأيام. يبني هذا الفريق على وقائع الصراع مع إسرائيل التي شنّت منذ انطلاق «الربيع العربي» عدوانين على غزة (2012 و2014) تصدّت لهما «حماس» (وباقي الفصائل) بشراسة. صحيح أن في هذا الكلام بعض الحقيقة، لكنه يغفل الجزء الأكبر منها. وهذا الجزء يتعلق حصراً بسؤالين: الأول، كيف يمكن لك أن تكون حركة مقاومة وتعمل على تقويض المحور الذي يدعمها مباشرة وعبر الانضمام الى المحور الذي يعاديها؟ أما السؤال الثاني فيتعلق بالمهادنة التي مارستها حركة «الإخوان المسلمين»، و«حماس» مكوّن عضوي فيها، لأميركا ومعها إسرائيل بحجة «التمكين». وما رسالة الرئيس المصري السابق محمد مرسي الى «صديقه العزيز» شمعون بيريز إلا انموذج لهذا النهج.

لكن على فرض تحقق المراد، وجرت «مصالحة طهران» على أكمل وجه، هل في ذلك نهاية لمشاكل «حماس»؟ مشاكل بلغت حداً اضطرت فيه الحركة الإسلامية إلى اللعب في الدائرة المحظورة ومغازلة محمد دحلان، غريمها الذي فتح زنازين السلطة لقادتها، غير الذين جعلهم أهدافاً مكشوفة أمام العدو الصهيوني.

تخطئ «حماس» إذا ما اعتقدت أنها بخطوتها تلك فقط يمكنها أن تضع حداً لعزلتها وتستعيد زخماً افتقدته يوم عصفت بها نشوة «الانتصارات الإخوانية»، في أكثر من بلد عربي، خاصة مصر وتونس. فعلى أهمية تلك النقلة باتجاه الجمهورية الإسلامية، إلا أنها ليست كافية. مباركة طهران وحدها لا تعيد إليها شرعية المقاومة. أصلاً كل حرب تموز وآب الماضيين لم تشفع لها، لا عند الأنظمة ولا عند الشعوب العربية. عقدة رفح بقيت على حالها ولا من مدافع عن «حماس» في هذه القضية. كل من تطوع لمقارعة النظام المصري كانت حجته غزة وأهلها، لا مقاومتها. هذا إن لم نقل إن حكام القاهرة، إذا ما جرى تقييم سلوكهم من زاوية أمن قومي مصري بحت، تصبح تصرفاتهم مبررة ومفهومة. السبب من وراء ذلك الخطيئة التي ارتكبتها «حماس» في سوريا. لا يمكن لهذه الحركة أن تكون «إرهابية» في دمشق ويطلب من القاهرة أن تعاملها على أنها فصيل مقاوم. ليس منطقياً أن يكون سلاحها «سلاح غدر» في بلاد الشام، ويُستغرب كيف لا يصنّف سلاحاً للدفاع عن فلسطين في أرض الكنانة. ليس معقولاً لقادتها أن يكونوا خونة في عاصمة الأمويين وشرفاء في عاصمة المعز…

من هنا يمكن الاستنتاج أن «حماس»، مهما فعلت لتلميع صورتها، سواء انطلاقاً من صحوة ضمير وعودة صدوقة إلى مربع المقاومة، أو تكتيكاً مصلحياً أملته الضرورات والتطورات، فليس أمامها من خيار سوى التكفير عن تلك «الخطيئة السورية»، بالاعترف بالذنب أولاً، والاعتذار عنه ثانياً، فعلاً لا قولاً.

كثيرة هي السبل لتحقيق ذلك مع حفظ ماء وجه الحركة الإسلامية. لعل أحد أبرز الخيارات المساعدة في تحقيق المصالحات الداخلية ودفع التنظيمات المتظللة بعباءة «الإخوان» إلى خارج دائرة القتال، خطوات لا بد أن تعطي المدافعين عن المقاومة الحجة للوقوف إلى جانب «حماس»، كحركة فلسطينية، في وجه كل من تسوّل له نفسه المس بفصائل المقاومة.

……………………………..

……………………………..

تعليق أ.د.سعيد النشائي على المقال …

لقد وصلتني مثل هذه الأخبار من بضعة أسابيع وكتبت تعليقا عليها ، ويمكن تلخيصه فى التالي:

1- تطورات السنوات الأخيرة تجعلنا لابد أن نميز بين حماس-الدوحة بقيادة مشعل وعصابته وهم عملاء وخونة ويعيشون فى حضن الجرثومة الصهيونية قطر ويخدمون العدو الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني بالضبط مثل محمود عباس وعصابته فى فتح الذين يعيشون فى حضن الكيان الصهيوني ويخدمونه ضد الشعب الفلسطيني, وبين كتائب القسام وحلفائهم فى غزة الذين قاتلوا قتال بطولى ضد الكيان الصهيوني النازي الذى سوف يزول مهما بدى الأمر غير ذلك.

2- الشعب الفلسطيني العظيم بدون قيادة وطنية ثورية شريفة وهو يحتاج قيادة على مستوى وطنية وثورية حزب الله على الأقل

3- حماس-الدوحة بقيادة مشعل وعصابته طعنوا سوريا فى الظهر فى وقت حرج رغم كل ما قدمته لهم وذلك ليس دليلا على عمالتهم وخيانتهم وأنهم جزء من المخطط الأمريكي-الصهيوني فى المنطقة فقط ولكن أيضا أنهم أغبياء مثل أمثالهم فقد إعتقدوا أن المخطط الأمريكي- الصهيوني المدعوم من الصهاينة العرب دولا وتنظيمات سوف ينجح ضد سوريا وقد فشل وسوف يزداد فشلا والتنظيمات الإرهابية ترتد على صانعيها بعد فشل وإفلاس كليهما أمام الشعوب البطلة وعلى رأسها الشعب السوري مهما كانت تحفظاتنا على النظام السوري الذى سوف يتجاوز عيوبه

4- هم جزء من الصهاينة المتأسلمين الذين يطلق زورا عليهم الأخوان وهم لا أخوان ولا مسلمين ولكن عملاء للإستعمار والصهيونية. وأمثال مشعل وعصابته لن يغيروا ذلك ولكن الوطنيين الشرفاء فى كتائب القسام يرفضون ذلك ويرفضون مشعل وعصابته وسوف يتخلصون منهم كما سوف تتخلص فتح من العميل أبو مازن وعصابته وباقي التنظيمات من أمثالهم ويكون ذلك طريق خلق قيادة جديدة أو أن تظهر القيادة الجديدة من خارج هذه الجراثيم

5- إيران دولة فعلا معادية للإستعمار والصهيونية أيا كان رأينا فى نظامها وبالتالي فهي تقابل مشعل ولكن لن تقبل حماس بقيادته وهو وعصابته يعرفون ذلك ويحاولون تحقيق الخروج الآمن لأنفسهم

6- أصبح من الواضح جدا أن التفرقة ليست بين إسلاميين وغير إسلاميين بل بين وطنيين شرفاء وخونة عملاء. فكأسلامين هنالك عصابة آل سعود وقطر عملاء للإستعمار والصهيونية والصهاينة المتأسلمين الذين هزموا فى مصر وسوريا وتونس عملاء للإستعمار والصهيونية وهنالك الجزء العميل للإستعمار والصهيونية فى لبنان هم من كل الأديان والملل وهنالك إيران وحزب الله قائد المقاومة اللبنانية المكونة من كل الملل والإتجاهات السياسية معادية للإستعمار والصهيونية. هنالك روسيا التي ليس لها علاقة بالإسلام أو عدم الإسلام تدعم محور المقاومة ضد الإستعمار والصهيونية وتركيا-أردوغان عملاء للإستعمار والصهيونية, إلخ

7- محاولة الوقيعة بين السنة والشيعة هي مؤامرة إستعماريه صهيونية بدعم من عملائهم مثل محاولات الوقيعة بين المسلمين والمسيحين ومن يعزف على هذه الحثالة فشخص أو تنظيم خائن وعميل أو غبى وجاهل وكلاهما شر. شاهدوا جوليا بطرس تغنى بعظمه لحزب الله وميشيل عون وباقي القيادات الوطنية فى الصفوف الأمامية يصفقون لها

هذه بعض النقاط التي ذكرتها فى الرسائل السابقة حول نفس الموضوع, أرجو ألا أكون قد نسيت بعضها.

سعيد النشائى

 

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.