التصويت على حدود النووي / د. يحيى محمد ركاج
د. يحيى محمد ركاج * ( سورية ) السبت 25/7/2015 م …
*باحث في السياسة والاقتصاد – سورية
أصبح استخدام الغرب المتصهين للشعوب العربية والإسلامية كأدوات للتدفئة والتسلية والمتعة وملء أوقات الفراغ وجني الأرباح وتراكم الثروات من الأمور البديهية في عالم السياسة الدولية ،وما يحدث من أمور مغايرة له هو من باب الاستثناءات ليس أكثر الأمر الذي ينطبق على المقاومة اللبنانية والسياسة المتكاملة بين الحكومة والشعب السوري إلى ما قبل استقبالهم بسخاء للربيع الدجال. ولعل تاريخ السياسة العالمية حافل بإضاءات من هذا النوع من الخزي أقلها في القرن الماضي والقرن الحالي ابتداء من فتوحات سايكس بيكو التي افتخر بها الشريف حسين عند تحذيره منها من قبل السياسيين الروس (السوفييت) آنذاك ،مروراً بالكثير من كذبات الاستقلال التي احتفلت بها شعوب الكثير من البلدان العربية وهماً وتضليلاً،ومروراً بالعديد من المشاريع العدوانية والاستعمارية التي كانت تُسوَّق لتقسيم المنطقة وتدميرها أو لكبح انتشار نصر عربي و إسلامي يتحقق بالمنطقة تحت مسميات مختلفة أبرزها مشاريع وتسميات الشرق الأوسط الجديد والمتجدد والكبير والصغير والأقصى والأدنى ووووو.. و”المقمط بالسرير”. وبين هذه المشاريع وتنفيذها قاسم مشترك يتمثل بكركوزات الزعامات العربية والطائفية والمذهبية تروج وتحتفل بهذه الانتصارات العظيمة التي سوف تتحقق عند تنفيذ خنوعهم لسادتهم في الغرب المتصهين.
وحتى لا أعود بالذاكرة إلى أعوام مديدة وأرهق ذاكرة شبابنا ومثقفينا الذين اعتادوا عدم القراءة الطويلة لانشغالهم بما هو أهم من مستقبلهم فلن أقف عند لويس التاسع والقرن الثالث عشر ولا بالعام 1798 ومؤتمر بال ولا بظهور ما يسمى بالدعوة الرسمية الأوروبية لمساعدة اليهود في إقامة دولة لهم فيما يزعمون أنها أرض الميعاد إبان الحملة الفرنسية بقيادة نابليون، ولا بما تلاها من أمور كثيرة لمواجهة التمدد الروسي في إيران ،أو مواجهة نظرية كون الحضارات تمر بدورات متعاقبة تنمو وتزدهر ثم تشيخ وتندثر، ولا غيرها من المشاريع المبطنة للسوق الشرق أوسطية ومشاريع النقل ومارشال ومؤتمرات المال والأعمال والعديد من مؤتمرات السلام الكاذب والاندماج والتي تصب جميعها في تحقيق هدف واحد وصلنا إليه الآن ألا وهو تقسيم المنطقة العربية وتفريق وتقسيم الشعب الواحد وجعله في حالة حرب وعداء كامل مع أخيه الذي يقاسمه الانتماء والدين والعرق وغيره. لذلك سوف أكتفي في ذكر ما وصل إلينا متأخراً جداً من محاولة تطبيق هذه المشاريع العدوانية تحت مسمى تقرير حدود الدم.
لقد تم تسريب تقرير حدود الدم لإلهاء الشعوب به وهو النسخة التي كانت محدثة من خريطة الشرق الأوسط الكبير بعدما استطاعت من خلاله القوات المعتدية والحلف الصهيوأمريكي تطبيق بعض مشاريعهم وأهدافهم بالمنطقة التي فشلوا في تطبيقها بالسابق نتيجة وعي الشعوب، وانتقلوا بعد تقرير حدود الدم إلى طرق وأساليب جديدة تستند على ما يقدمونه ويروجون له من أحداث غير اعتيادية، منها كان حادثة الإحراق الموبوءة للطيار الأردني الكساسبة، حتى أن البعض قد نوه إلى تقرير سري للاستراتيجية الأمريكية قد يطلق عليه حدود النار ليقوم على زيادة التفرقة والاختلاف بين المذاهب الدينية للدين الواحد، وقد جسدت الخطوات التنفيذية للولايات المتحدة وحلفائها هذه الاستراتيجية واقعاً عملياً خلال الفترة الماضية، لكنها فوجئت بتسارع خطوات الأحلاف التي تجابهها من حلف المقاومة ومنظومة البريكس وحلفائها الأمر الذي دفع بها إلى تسريع وتيرات استراتيجيتها لاحتواء الحراك الآخر فكان التسريع نحو الخطوات الأولى للاتفاق النووي الإيراني والذي سبقه دفع حلفائها لإذكاء التوتر في الممرات المائية في المنطقة والتي تجسدت بأحداث اليمن.
لقد اعتادت الولايات المتحدة أن تسخّر كل نقطة في السياسة لصالحها ولخدمة حلفائها مهما كانت هذه النقطة سلبية عليها، وأصبحنا ندرك في واقعنا الحالي أنه في عالم السياسة لا يهزم الكبار لأنهم لا يقامرون على أرضهم ولا يغامرون بشعوبهم، فهل نرى تقريراً جديداً في الأيام القادمة يشير إلى استراتيجية صهيوأمريكية تُبنى بنودها على الاتفاق النووي الإيراني وتقوم على تدمير ما تبقى من المنطقة وفقاً للفزاعة النووية الإيرانية والغباء المعهود للعرب، أم أن الاتفاق النووي سوف ينهي عقوداً من الإستراتيجية الأمريكية التي حددت على أقل قدير خارطة المنطقة بين تقارير حدود الدم والنار والنووي، ويكون هذا الاتفاق بداية تنفيذية جديدة لانتهاء القطب الواحد المتفرد في مصير البشر، خاصة أن تطور الحلف المقاوم وزيادة نفوذ منظومة البريكس استندتا بشكل كبير على بسالة الجيش العربي السوري وصموده وسخاء الدماء السورية في سبيل العزة والكرامة.
عشتم وعاشت سورية
التعليقات مغلقة.