إذن، فكلُّ الشعب السوداني شيوعيون / بشير إدريس محمد زين
بشير إدريس محمد زين ( السودان ) الخميس 31/2019 م …
لم يعُد مناسباً، ولا معقولاً، ولا قابلاً للتصديق أن يظل (إخوانُنا الإسلامويون) يسوِّقون، ويروِّجون عن الشيوعية من الأباطيل الساذجة، والترُّهات الفطيرة مما كانوا يسوِّقونه عنها في بدايات نشأتهم، في خضم مناطحتهم لها!
في بلادِنا مثلاً، الشــيوعيون، وعلي مستوي المعايشة اليومية، هم أعفُّ لساناً، وأطهرُ يداً، وأشمخُ أنفاً من غالب (الإسلامويين) وبما لا يُقارن، وهم أعفُّ منهم كذلك عند المغنم..هذه حقيقةٌ مجردة، يعرفها السودانيون جميعاً، من منطلق معايشتهم (للشيوعيين) في الأفراح، والأتراح، وفي المدارس، والمكاتب، والبيوت، وفي كلِّ مناحي الحياة السودانية اليومية..ولقد صرح بذلك جهاراً، وبصدق، كثيرٌ من (الإسلامويين) ممن إنفتح أفقهم، وإستنارت ضمائرهم، وزالت غشاوةُ الغيِّ والتغبيش عن أعينهم..
وأنا شخصياً سمعتُ أحد (الأخوان المسلمين) يقول: ليتهم يولُّون وزارة المالية هذه لأحد الشيوعيين لأنهم لن (يأكلوها)! ولقد سَعَت الإنقاذ بالفعل، ولكن بلا نجاح، لتولية الأخ الدكتور العالم (اليساري) عبدالله آدم حمدوك وزارةَ المالية فرفضها بأنِفةٍ، وشموخٍ، وكبرياء!
ومع كثرة، وطول ما تلوّث (الإسلامويون) من أهلِ الإنقاذ بالفساد، وباللصوصية الوقِحة، والجريئة، ولكننا لم نسمع أبداً، وحتي الآن بشيوعيٍ واحد تمَّ إتهامُه بفساد، لا في عهدهم هذا، ولا في أي عهدٍ سياسيٍ آخر!
ومن جهةٍ أخرى، فلم يعُد أحدٌ في السودان يخيفه أن يقال له إنّ فلاناً هذا شيوعيٌّ (فيتضاير) منه خوفاً علي أخواته، وزوجته، وبناته، كما كان يشيع ذلك عنهم (البوق الإعلامي الإسلاموي) الساذج القديم..وأصبح الناس يعلمون بيقين أنَّ الشيوعيين أطهر، وأعف، وأرعي للأخلاق ممن طفحت الصحف السيارة بأخبار فضائحهم، ونزواتهم، وتهافتهم، ووقوعهم علي الأعراض في مكاتب الدولة، وفي البيوت، وفي الجامعات، والمدارس، وفي الخلاوي القرآنية، وفي المراقص والبارات!
العجيب أن كثيراً من (الإسلامويين السذَج) ما يزالون يعتقدون أن جماعتهم هم أطهرُ الأطهار، وأتقي الأتقياء، وأوفي الأوفياء، وكأنهم لم يستيقنوا بعد أن الناس قد علِموا عنهم أنهم ليسوا إلا مثلَ أناس، وأنهم أقلّ من أكثر الناس، وربما أنهم أدناهم في مراتب الأخلاق، وفي مراتب الدين نفسِه!
الحقيقة المعلومة هي أن (الإسلامويين) كانوا قد نجحوا تاريخياً في (شيطنة) الشيوعيين..ولكن، هذه الحقيقة قد تغيرت كما قلنا، لأن الدنيا نفسها قد شملها التغيُّر المحتوم، وأن الشيوعية لم تعد بُعبعاً يخيفُ الناس كما صوروها لهم قبلاً..ولهذا فعليهم أن يدركوا كذلك أن الناس (مثلهم مثل الشيوعية)، قد تطوروا، وعلِموا، ووعوا، وأتسعت معارفهم، وتمددت مداركهم، ولم يعودوا بذات السذاجة، والجهل، وبساطة الإدراك التي سوَّقوا لهم خلالها ضلالاتهم عن الشيوعية منذ ستين أو سبعين عاماً..تلك الضلالات التي لم تعُد تنطلي علي رعاة البقر في البوادي السودانية البعيدة..
وعليهم أن يدركوا كذلك، أنَّ الذين يتظاهرون ضدهم الآن، ويعارضون سياسات حكومتهم، ويهتفون ضدها، ويحرِّكون الجماهير الغاضبة عليها ليسوا هم الشيوعيين وحدهم، وإلا لكان كلُّ الشعب السوداني شيوعياً، ولكن الصحيح أن الإنقاذ، وطوال عمرها المديد، قد نجحت في خلق أطيافٍ مطيّفة أخري من الخصوم، والغضبي، والمظاليم غير الشيوعيين!
وأصبح معلوماً الآن أنَّ الحكومة عندما تُردِّد ببلاهة، أن الذي يقود المظاهرات، ويهتف، (ويخرِّب ويحرِق) هم الشيوعيون فهي فقط تهرُب من حقائق يعرفها الجميع إلي أكاذيب يعرفها الجميع..هي تهرُب، وتتهرب من الإعتراف بمرارة الوضع الذي يعانيه كل الناس، ويتظاهر ضده كل الناس، لأنها في الحقيقة شمِلت بشَرِّها العميم المؤمنَ من الناس والكافر، والبرَّ والفاجر، والأسودَ والأحمر فثار ضدها كل هؤلاء جميعهم..
وعلي (إخواننا الإسلامويين) أن يحدِّثوا معلوماتهم، وأن يواكبوا، لأنَّ أكاذيب الأربعينات لم يعد يصدِّقُها جيلُ الألفينات الذي يتظاهر ضدهم الآن، ويزمع أن يقتلع حكومتَهم.
التعليقات مغلقة.