السعودية تُسقط حُكماً بالإعدام عن الناشطة إسراء الغمغام
أسقطت السلطات السعودية حكم الإعدام عن الناشطة الشيعية في حقوق الإنسان إسراء الغمام، التي كانت أول ناشطة سعودية يصدر بحقها حكم مماثل، ورجحت جمعيات حقوقية أن تلك الخطوة جاءت بعد الضغوط الدولية الشديدة التي مورست على الرياض بهذا الشأن.
الغمغام (29 عاماً) مُعتقلةٌ هي وزوجها موسى الهاشم منذ ديسمبر/كانون الأول 2015، بسبب مُشاركتهما في مظاهرات عام 2011 في المنطقة الشرقية للمُطالبة بـ “وقف سياسة التمييز ضد الشيعة”. وثّقت الناشطة الشابة آنذاك المسيرات ونشرتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وطالبت النيابة العامة السعودية، أغسطس/آب 2018، بإصدار عقوبةَ الإعدام لخمسة نشطاء شيعة من المنطقة الشرقية، من بينهم الغمغام بتهمة التحريض على التظاهر ضد النظام في المنطقة الشرقية.
ومطلع العام الجاري، اختارت بي بي سي الغمغام ضمن 5 عربيات ومسلمات، في قائمتها لأكثر 100 سيدة مؤثرة في العالم عام 2018.
مخاوف رغم إسقاط الإعدام
وبحسب هيومن رايتس ووتش، فإن الغمغام هي “أولَ امرأة سعودية يحكم عليها بهذه العقوبة القصوى بسبب نشاطها الحقوقي” معتبرةً ذلك “سابقةً خطيرة وتهديداً للناشطات المسجونات حالياً المنتظرات صدور أحكام بحقهن”.
مجلة نيوزويك الأمريكية نقلت تأكيدات بخبر إسقاط حكم الإعدام نقلاً عن السفارة السعودية في لندن، التي شددت على أن “المدعي العام السعودي سيكتفي بعقوبة السجن والغرامة ومصادرة أي شيء يتبين أن الغمغام استخدمته في جرائمها المزعومة”.
ونقلت المجلة عن علي الدبيسي، مدير المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، أنه لا تزال هناك “مخاوف جدية” من سلوك الحكومة السعودية التي قد تقدم على استبدال العقوبة بالسجن ضد نشطاء مارسوا حقهم في التعبير وحسب”.
من جهتها، أكدت سماح حديد مديرة الحملات ببرنامج الشرق الأوسط في منظمة العفو الدولية، أن “الأنباء المتعلقة بإسقاط السلطات السعودية دعوتها لإعدام الغمغام تبعث على الارتياح الشديد”. لكنها أشارت في الوقت نفسه إلى أن الناشطة الشيعية: “لا تزال تواجه حكماً غير معقول بالسجن لمجرد مشاركتها في تظاهرات سلمية”.
وفي الوقت نفسه، أفاد مركز الخليج لحقوق الإنسان بأن المحكمة لم تعد تسعى إلى الحكم بإعدام الغمغام، لكن لا يزال مرجحاً أن “تواجه حكماً بالسجن لمدة طويلة”.
كما دعا المركز السلطات السعودية إلى “إسقاط جميع الاتهامات ضد الغمغام وغيرها ممن اعتقلوا بسبب ممارستهم حقهم في حرية التعبير”.
وسبق أن أشار موقع “ميدل إيست آي”، إلى أن الغمغام تنحدر من عائلةٍ فقيرة، لذا لم تتمكن طيلة فترة احتجازها من توفير أتعاب محامٍ للدفاع عنها، لكن عدة مُحامين تطوعوا للدفاع عنها بعد أن أثارت قضيتها جدلاً واسعاً.
الأقلية الشيعية..أحكام مشددة وتمييز
أصل الوجود الشيعي في المملكة يرجع إلى استقرارهم في شرق الجزيرة العربية في أواخر القرن الثالث الهجري. إذ سيطر القرامطة، المنتسبون للفرقة الإسماعيلية، على المنطقة التي كانت تعرف بالبحرين، وتتمثل اليوم في مملكة البحرين والقطيف والأحساء.
وتقدر نسبة الشيعة في السعودية حالياً بـ 15% من إجمالي السكان، ويتركز بعضهم في المدينة وجنوباً في عسير وجيزان ونجران، وغرباً في جدة وينبع. وتتعدد انتماءاتهم المذهبية بين الإمامية (الجعفرية) مذهب الغالبية منهم، والإسماعيلية والزيدية.
أسقطت السلطات السعودية حكم الإعدام عن الناشطة الشيعية في حقوق الإنسان إسراء الغمام، التي كانت أول ناشطة سعودية يصدر بحقها حكم مماثل، ورجحت جمعيات حقوقية أن تلك الخطوة جاءت بعد الضغوط الدولية الشديدة التي مورست على الرياض بهذا الشأن.
تعد الأحكام المشددة وخاصةً الإعدام ضد الشيعة شائعة في السعودية ذات الأغلبية السنية. وفي تقريرها السنوي عن العام 2012، أكدت هيومان رايتس ووتش أن أبناء الطائفتين الشيعية والإسماعيلية يعانون تمييزاً يصل حد الاضطهاد أحياناً.
وتعد الأحكام المشددة وخاصةً الإعدام ضد الشيعة شائعة في السعودية ذات الأغلبية السنية. وفي تقريرها السنوي عن العام 2012، أكدت هيومان رايتس ووتش أن أبناء الطائفتين الشيعية والإسماعيلية يعانون تمييزاً يصل حد الاضطهاد أحياناً، لافتةً إلى أن من يفصح عن معتقداته الشيعية بشكل سري أو علني يتعرض إلى الاحتجاز أو الاعتقال وخاصة في الحرم المكي والمدينة.
وأوضح التقرير أن التمييز “الرسمي” ضد الشيعة يتضمن “الممارسة الدينية والتربية والمنظومة القضائية”، كما يعمد المسؤولون الحكوميون إلى “إقصاء الشيعة عن بعض الوظائف العامة والرفض العلني لمذهبهم”.
كما وجهت انتقادات للمحكمة الجزائية المتخصصة في قضايا الإرهاب، لإصدارها الأحكام القاسية في “مقاضاة المعارضين السلميين بدلاً من الإرهابيين” بحسب المنظمة نفسها في وقت لاحق.
وأقدمت المملكة في يناير/كانون الثاني 2016، على إعدام رجل الدين الشيعي البارز نمر النمر و47 آخرين بينهم رجل مصري وآخر من تشاد، بالتزامن في 12 موقعاً في المملكة، عقب إدانتهم بالتورط في الإرهاب ودعم تظاهرات عام 2014 في المنطقة الشرقية.
وكان الشيخ النمر أحد أبرز زعماء الأقلية الشيعية في المملكة، قد عبر بشكل علني عن شعور الشيعية بأنهم “مهملون وضحايا التمييز” في السعودية وكان له تأثير كبير على أتباعه الذين خرجوا في تظاهرات حاشدة اعتراضاً على إعدامه.
بالعودة إلى الغمغام، فهي ليست المرأة الوحيدة القابعة في السجون السعودية بسبب آرائها ومواقفها الحقوقية “السلمية”، هناك قرابة 13 سعودية بانتظار صدور أحكام بحقن، من بينهن لجين الهذلول وعزيزة اليوسف وإيمان النفجان ونوف عبد العزيز ومياء الزهراني وهتون الفاسي وسمر بدوي ونسيمة السادة وأمل الحربي.
وسجلت تقارير حقوقية دولية وأوروبية تعرض بعض هذه الناشطات للتعذيب النفسي والجسدي والتحرش الجنسي الممنهج، خاصةً عقب تكثيف التدقيق العام في الشأن الحقوقي داخل المملكة عقب اغتيال الصحافي السعودي المعارض جمال خاشقجي في قنصلية بلاده بإسطنبول مطلع أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وفي تصريح سابق، قالت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش، إنه:” إذا كان ولي العهد السعودي محمد بن سلمان جاداً بشأن سياسته الإصلاحية، فعليه التدخل فوراً لضمان عدم احتجاز أي ناشطة ظلماً بسبب نشاطها الحقوقي”.
التعليقات مغلقة.