العفو المنقوص وانتصار رأس المال / المحامي محمد الصبيحي

المحامي محمد الصبيحي ( الأردن ) السبت 2/2/2019 م …



يمكن القول أن قانون العفو العام الذي أقره مجلس الامة يشكل انتصارا لقوى رأس المال التي استماتت في حملة اعلامية اعلانية وسياسية لأفشال شمول العفو لجرائم مالية كانت وما تزال هي العائق الاكبر امام السلم الاجتماعي .
وعندما اقرت اللجنة القانونية لمجلس النواب شمول العفو العام لجرائم الشيك بدون رصيد أستنفر كبار التجار وغرف التجارة والصناعة في حملة عبر وسائل الاعلام تحمل مبالغات بارقام خسائر سيتسبب بها العفو العام للقطاع التجاري والصناعي رغم تأكيد رجال القانون أن قيمة الشيك المالية غير مشمولة بالعفو ويمكن تحصيلها من خلال القضاء او من خلال دوائر التنفيذ .
لقد تم تسليط الحملة على النواب بشكل مكثف فحققت نتائجها وفق مصالح قوى رأس المال واحبطت أمآل الفقراء المثقلة كواهلهم بالديون , ولم يتحدث أحد عن الاعلانات والتسهيلات التي تغري الناس بالشراء الاستهلاكي والتسديد بشيكات مؤجلة , نعم لقد كانت هناك عمليات استدراج لقطاع كبير من الناس ولصغار التجار للشراء الموسع مقابل شيكات مؤجلة وهي عملية مخالفة لقانون التجارة الذي يعتبر الشيك اداة دفع فوري وليس اداة أئتمان .
لم يمس قانون العفو العام البنوك وشركات التمويل التي أغرقت الناس بالقروض الاستهلاكية (سيارتك بدون دفعة أولى) ولا ننسى أن بنكين أجنبيين في المملكة جل قروضهما تمويل استهلاكي موجه نحو الطبقة الوسطى وبسهولة فائقة الامر الذي يطرح تساؤلا عما اذا كانت هناك اهداف سياسية واقتصادية وراء الموضوع .
لقد كتبنا أكثر من مرة أن المشكلة الاجتماعية التي ينبغي لقانون العفو العام التركيز عليها هي قرارات الحبس الصادرة بحق مدينين بديون مدنية وهي كلها تقريبا لمصلحة البنوك وصناديق التمويل وشركات الاقراض , اي انها ديون غير ناتجة عن جريمة تمس الحق العام ( المجتمع ) فكيف ينفذ بها عقاب جزائي ؟؟ . وطالبنا بشمولها بقانون العفو العام سندا لنص المادة 25 من قانون التنفيذ , على الاقل لمدة عام كامل , ومع ذلك تم تجاوز هذا الامر لعيون قطاع البنوك رغم مطالبة عدد قليل من النواب به .
عندما يصبح قانون العفو نافذا سنكتشف ضآلة نتائجه الايجابية التي هي في غالبيتها مخالفات السير مع أن الفقراء لا يمتلكون سيارات .
لايسمى العفو العام بهذه الصفة اذا لم يكن مصالحة اجتماعية واسعة وصفحة جديدة ولا يستثنى منه الا الجرائم الخطرة جدا .
على البنوك ومؤسسات الاقراض التي تختزن 33 مليار دينار ودائع الاردنيين أن تساهم في المصالحة الاجتماعية فتوقف اقساط القروض وفوائدها لمدة عام , وهي تضحية لا ترتب كلفة حقيقية عليها فالمال مال الناس والبنوك ليست سوى أدارات يجنى أعضاؤها رواتب ومكافآت خيالية كل نهاية سنة مالية.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.