منظمة «أوتبور» وانقلاباتها من صربيا إلى الربيع العربي ففنزويلا / ابراهيم ابو عتيلة
ابراهيم ابوعتيلة ( الأردن ) الإثنين 4/2/2019 م …
مع دخول ما سمي تجاوزاً “الربيع العربي ” بدأنا نسمع مصطلح الأوتبور” Otpor “كمصطلح مرادف لمحركي حركات الجماهير في الدول المختلفة.. مصطلح جديد لم يعرفه أو يفهمه الكثيرون منا …
منظمة ” أوتبورOtpor ” ، هي حركة بدأت في صربيا سنة 1998 من قبل مجموعة من طلبة الجامعات للرد على بعض قرارات الحكومة الصربية والمتعلقة بالتعليم والإعلام وذلك أثناء حكم الرئيس «سلوبودان ميلوسيفيتش» فنجحت هذه الحركة في تأليب الرأي العام ، ثم حصلت على دعم كبير من الملياردير اليهودي «جورج سوروس» الهنغاري الأصل والأمريكي الجنسية بعد قصف «الناتو» لصربيا عام 1999 حيث اصطلح على سوروس تسمية -رجل النظام الجديد -، وبفضل القصف الأمريكي ودول الناتو والدعم الكبير الذي تم تقديمه للحركة المذكورة تم إسقاط زعيم صربيا القوي ، وأصبحت «أوتبور» منظمةً تلجأ إليها حركات ” التحرر والثورات ” وفق قياس تلك المنظمة في الدول المختلفة حتى تستفيد تلك الثورات والحركات مما تقدمه الأوتبور من خبرات ودعم مادي وتنظيمي في هذا المجال .
تعتبر منظمة ” أوتبور” من المنظمات الحديثة في تشكيلها ولكنها اتخذت نفس الفكر والطريقة في تدمير الدول وفي تأثيرها على العامة ، ولهذا وعندما قامت بتنفيذ طريقتها التخريبية نجحت في إسقاط حكم رئيس الصربي ” سلوفان ميلدوفيتش “، فقامت الصهيونية وغيرها من قوى الغرب الاستعماري وعلى رأسها أمريكا بتني هذه المنظمة التدميرية ، وقامت بإمدادها بالمال والمشورة وكل ما يحتاجه أعضاؤها من إمكانات لنجاح مهماتهم السرية التخريبية كي يتمكنوا من تحريك الشعوب ضد حكوماتهم التي تعارض قوى الاستعمار والصهيونية .
وبعد أن أعلنت أمريكا خطتها عن الفوضى الخلاقة ورسمت خارطة العالم الجديد سنة 2003 تم توجيه الأتبوريين إلى جورجيا حيث قاموا بتدريب الشباب على الثورة، فانطلق أصحاب الثورة الوردية وثاروا حتى انتصروا بنفس الطريقة التي اتبعها ثوار صربيا، فالهدف الأول والأخير الذي يسعون إليه هو إسقاط الحكومات والدول بأقصى سرعة ممكنة .
وبعد أن نجحت “أوتبور” في مهمتها بتمويلٍ أميركي – صهيوني – غربي تحولت إلى مركز لدراسات التغيير بدون عنف وسميت “كانفاس”، معتمدة على تعاليم اليهودي الأمريكي “جين شارب” الذي يعد أباً للحراك السلمي للشعوب، حيث يقوم “جين شارب ” بتدريس العلوم السياسية في جامعة “ماساتشوستس” في “دارتموث” الأمريكية منذ 1972، وقد أنشأ في سنة 1983 معهدا سماه “ألبرت أينشتاين”، يقوم بدراساتٍ لنفس الغرض الخبيث في إثارة الشعوب وتحريك الشباب للقيام بالثورات.
إن شعار هذه المنظمة يتمثل باليد القابضة أصابعها والمرتفعة إلى السماء وكأنها تقوم بتوجيه اللكمة لمن هو أمامها ، ولعله ليس بمستغرب أن تستخدم كل ثورات الربيع العربي المشؤوم هذه اليد كشعار لها وصولاً إلى شعار ” رابعة ” الذي استخدمه الإخونج وهو إلى حد كبير شعار منظمة “أوتبور” الذي استخدمته الثورة الصربية التي يفتخر قائدها “سيرجيو بوبوفيتش ” بتدريب عناصر من حركة 6 إبريل المصرية في صربيا، حيث يذكر “بوبوفيتش”: إنّ الحركة نجحت في تدريب نشطاء سياسيين من 37 دولة للعمل على إسقاط حكوماتهم كما في جورجيا وأوكرانيا والمالديف وليبيا وتونس ومصر وسوريا كما قامت “أوتبور” بتدريب الشباب فيها ، ولقد تغنى المذكور بنجاح منظمته في عدة ثورات كما حصل في الدول المذكورة ، وقال: إنّ القائمة مرشحة للزيادة ، خاصة في فنزويلا وروسيا وإيران ، وها هي قد بدأت فعلاً عملها الخبيث في فنزويلا .
شعارات الأوتبور في دول العالم المختلفة
يعتبر ما يقوم مروجو الأوتبور متشابهاً في دول العالم المختلفة ، ولقد اتخذوا شعارات الحرية البراقة والديمقراطية الغربية ومحاربة الفساد والدولة المدنية مدخلاً لهم للوصول إلى العامة كوسيلة للقيام بقلب أنظمة الحكم و، هو نفس ما قامت ( أوتبور ) في الثورة الصربية فما أسهل من مداعبة الجماهير بتلك الشعارات الرنانة وهي ذات الشعارات التي استخدمها رواد ” الربيع العربي ” المشؤوم ، وهي نفسها التي يستخدمها الآن ” خوان غوايدو” في فنزويلا .
هكذا بدأ الربيع العربي المشؤوم حيث قام عدد من ” المفكرين ” وشخصيات لها مكانتها في المجتمع وعلماء تستروا بالدين تارة وبالحرية والديمقراطية تارة أخرى، باستخدام تلك الشعارات بمساعدة من الحركة الصهيونية والدول الإمبريالية والمنظمات المتعاونة معها عبر بعض القنوات الفضائية الإخبارية متسببين من خلال ذلك بدمار عدد من دولنا العربية كسوريا وليبيا وسقط من نتيجتها آلاف الضحايا ولجوء الملايين بحجة الحرية وأحلام الديمقراطية وهو تماماً ما هدفت وتهدف إليه ” إسرائيل “.
لقد كان تجار ومنظمات الدين السياسي على رأس المستفيدين من نظريات وأفكار منظمة (أوتبور) التخريبية فطبقت تلك الأفكار بالتعاون مع المنظمات التي تتستر بستار الثورية وبالتعاون مع أجهزة الدول التي يعملون فيها، فهذا ما حصل في مصر وسوريا وتونس ….. ولا مستفيد من كل ما حصل من دمار وتقتيل وتفكيك لأجهزة الدولة إلا العدو الصهيوني … فهو إذن من يحركها ويمولها بالدولار الأمريكي.. فأمريكا وراء كل خراب..
إن دمار دولنا العربية وخرابها يعتبر بالضرورة مصدر قوة “لإسرائيل” وخدمة كبيرة لها ومكاسب كبيرة لاقتصادها وأموال تغذي ميزانيتها بحجة مكافحة الإرهاب ، ولعل تراجع قضية فلسطين من كونها قضية العرب المركزية الأولى إلى مرتبة بعيدة يصاحبها في ذلك تغيير عدو بعض العرب المتخاذلين لتصبح إيران هي العدو الأول بدلاً من الكيان الصهيوني ومع ما يتم في العلن وفي الخفاء من هرولة وتطبيع من قبل عدد من دول العرب مع العدو الصهيوني لأكبر دليل على أن الصهيوأمريكية هي وراء كل ما حصل وما يحصل في بلادنا.
وبعد أن قامت الحركة الصهيوأمريكية من خلال الأوتبور بتدمير عدة دول عربية، وبعد أن أسقطت ملايين الضحايا ، وبعد أن نجحت في إسقاط قصية فلسطين من مكانتها المركزية العربية … وبعد ان قامت الأنظمة الموالية لأمريكا بالحذو حذوها بتأييد والاعتراف بالقدس عاصمة لكيان العدو الغاصب في فلسطين ، أبت إلا أن تعود إلى مؤامرتها الخبيثة على منارة الثورة في أمريكا اللاتينية ، ” جمهورية فنزويلا البوليفارية ” ، تلك المؤامرة التي لم تتوقف منذ عشرين عاماً ومنذ أن تولى الزعيم الخالد “هوغو تشافيز” سدة الحكم فيها ، ها هي تعمل وتستخدم أدواتها وشعاراتها وأساليبها الأوتبورية – حرية ، ديمقراطية ، شرعية …. – للانقلاب على شرعية الرئيس ” نيكولاس مادورو” هادفة من خلال ذلك إشعال حرب أهلية في تلك البلاد، وإسقاط نظام حكم مادورو بصفته من أقوى المساندين لقضية فلسطين وكي تتمكن من نهب ثروات فنزويلا وإلحاقها بالتبعية الأمريكية التي يعمل عليها الخائن ” خوان غوايدو ” … فهل تنجح (أوتبور) …؟؟؟
ورغم أن كل الشواهد تقول بأن مصير هؤلاء هو الفشل إلا أن الجواب قطعاَ لدي شعب وجيش فنزويلا فانتظروه …
التعليقات مغلقة.