السودان … الإضراب السياسي …. السلاح المجرب لاسقاط النظام




الإثنين 4/2/2019 م …

الأردن العربي –

ارتفعت وتيرة الاحتجاجات الشعبية في السودان والتي تطالب بتنحي الحكومة مع بداية الدخول في شهرها الثاني،

حيث انضمت العديد من المدن الى ركب التظاهرات كما انخرطت مجموعات  مدنية  وشاركت في دعم الانتفاضة  الجماهيرية بل حتى أحزاب سياسية كانت في الضفة الأخرى أعلنت إستقالتها من الحكومة ودعمها لإسقاط النظام من خلال الإنتفاضة ، وفي ظل زخم الأحداث الدائرة هذه الايام يبدو أن التصعيد يسير نحو طريق يفضي في نهاية الأمر للوصول الى مرحلة الإضراب السياسي والعصيان المدني ، ولعل هذه المرحلة ظل يلمح لها تجمع المهنيين والأحزاب الموقع على إعلان الحرية والتغبير عبر البيانات المختلفة بإعتبارها الخطوة الحاسمة في عملية إزاحة الحكومة لذلك يطل السؤال الجوهري عن مستقبل نجاح هذه الخطوة وأين تكمن نقاط الضعف أو ماهي المعطيات التي يجب أن تتوفر لتحقيق إنتصارات كبيرة ..؟ كذلك هناك سؤال أخر عن مدى قدرة تعامل الحكومة مع الإضراب وهل تستطيع كتائب الظل التي تحدث عنها علي عثمان محمد طه على النزول وإدارة الدولة ..؟

مذاكرة في دفتر العصيان

المذاكرة البسيطة في دفاتر الإضراب السياسي والعصيان المدني توضح معلومات كثير فالمراجع التاريخية تقول أن العصيان المدني هو أحد الطرق التي ثار بها الناس على القوانين غير العادلة والسلطات الظالمة  وقد استخدم في حركات مقاومة سلمية عديدة مثل حملات الزعيم الهند غاندي في تحقيق  العدالة الاجتماعية واستقلال بلاده عن الإمبراطورية البريطانية ايضاً العصيان المدني كان احدى الوسائل الناجحة بجنوب أفريقيا في مقاومة سياسات الفصل العنصري و كان ايضاً في حركة الحقوق المدنية الأمريكية . والعصيان المدني كما يقول الباحثون في مجال السياسة هو رفض الخضوع لقانون أو لائحة أو تنظيم أو سلطة تعد في عين من ينتقدونها ظالمة.

خطوة الاضراب السياسي  تعني التوقف عن العمل بهدف شل الحكومة وإجبارها على تنفيذ مطالب المضربين ويعتبره الكثيرون كأحد أشكال الاحتجاج السلمي وتاريخ الثورات في السودان يشير الى أنه السلاح الناجع والمجرب في تعطيل دولاب العمل وإجبار الحكومة للتنحي حيث لا تستطيع أجهزة الشرطة والأمن او اي قوة أخرى إجبار المضربين عن العمل بإي حال ففي إنتفاضة (مارس ـ ابريل) مثلا كان أضراب الاطباء أحد العلامات الفارقة في نجاح الثورة كذلك كان إعلن أضراب نقابات مثل المهن الصحية والسكة حديد والقضاء في الثاني من أبريل 1985م بمثابة تحرير شهادة وفاة لنظام الذي لم يصمد سوى أيام معدودة شهدت هي الأخرى إعلان المزيد من الإضرابات ادت في نهاية الأمر الى إنحياز الجيش لمطالب الثوار وسقوط نظام مايو .

المراقبون يقولون أن هنالك خطوات يستوجب أتباعها لإنجاح أي إضراب عام أو عصيان مدني بداً من عملية تكثيف التعبئة وشرح فكرة الإضراب السياسي للجميع بصورة واضحة ومن ثم تحفيز المواطنين أنفسهم لتسويق الفكرة والدعوة لها في كل المواقع مروراً بعزل قيادات النظام الفوقية بواسطة القواعد الجماهيرية في كل أنحاء البلاد بالاضافة الى التدرج في التوقف عن العمل عبر الاضرابات البطيئة داخل مواقع العمل ويشير المراقبون الى أن الإعتصامات السلمية مهمة لإنجاح هذه المرحلة التي تنتهي بالتوقف عن العمل في كل المرافق العامة والخاصة ما يعني سقوط النظام .

معطيات الواقع وقراءة التاريخ

يقول بعض المتابعين أن معطيات الواقع اليوم تختلف عن تلك الأوضاع التي كانت عليها أبان ثورة أبريل أو أكتوبر الا ان أستمرار الاحتجاجات وتواصل مواكب التنحي قادره على خلق وعيها نحو تنفيذ الاضراب السياسى مثل الدعوات لإضرابات جزئية للقطاعات المختلفة  التى تمثل خطوة مهمة و أولية لتنظيم الصفوف والإستعداد للمرحلة الشاملة . كما أن شدة الضائقة الاقتصادية بالاضافة الى الزيادات الضيئلة التي اضيفت للمرتبات واستمرار أزمة السيولة كفيلة بدفع الموظفين للإنخراط في أي إضراب قادم فضلاً على إستمرار فض التظاهرات بالصورة القمعية التي تتم الآن يعد من أكبر المحفزات للجوء الى سلاح الاضراب السياسى.

في نوفمير وديسمبر في العام 2016م دعا ناشطون على مواقع التواصل الأجتماعي لتنفيذ عصيان مدني لإيام محدودة ورغم النجاحات التي لاقتها الدعوة الى أنها صاحبتها هنات كثيره مثلاً كان هناك إختلال في تراتبية الأحداث فالدعوة للعصيان تأتي كوسيلة لاحقة لحركة التظاهرات وهذا ما لم يحدث في تلك الفترة  ، لكن الآن الوضع مختلف وهناك تجمع المهنيين الذي يقود الحراك الإحتجاجي بالاضافة الى الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني التي وقعت على إعلان الحرية والتغبير . وفعلياً بدأت بعض القطاعات تنفيذ إضرابات جزئية مثل الأطباء والصيادلة والصحفيين والمحامين .

تجديد الدعوة :

الحزب الشيوعي السوداني كأحد الأحزاب الموقعة على إعلان الحرية والتغيير أصدر بيانا تحدث عن الإضراب الشامل قائلاً : ( أن سلاحنا لإسقاط هذا النظام هو الشارع الذى ستقود احتجاجاته ومظاهراته الى الاضراب السياسي والعصيان المدني. والواجب الملح الآن هو السعي لتوسيع المشاركة لتضم كل فئات الشعب التي لها مصلحة في اسقاط النظام واستقطاب كل القوى الثورية دون ترك كبيرا او صغيرا عاملا او عاطلا عن العمل او مزارعا او حرفيا او تاجرا او مستثمرا وطنيا الا و دعيناه للانتظام في صفوف الانتفاضة لإزاله من يتسبب في معاناة شعبنا. إن العصيان المدني يتطلب مشاركة كل فئات الشعب السوداني في التوقف عن مد هذه السلطة الفاسدة المتسلطة بأى ايرادات، تدير بها عجلة الدولة وتمول به اجهزتها الامنية وآلة الحرب ضد شعبها ، ويتمثل في الضرائب والجبايات والدمغات والتوثيقات والعوائد والرسوم والفواتير للخدمات …الخ. كما ان الاضراب السياسي العام يؤدى الى شل دولاب عمل الحكومة المتسلطة ويوقف قدراتها في استنزاف موارد هذا الشعب وامتصاص ما تبقى من دمائه. ويتطلب نجاح الاضراب السياسي قيام تجمعات القوى العاملة في الانتاج ومجال الخدمات وتنظيمها في لجان توحد فيها القواعد و تختار قيادتها من بينهم ، وان تنضم لقيادة قوى الانتفاضة المتمثلة في تنسيقية الثورة كما نهيب بالطلاب والنساء الانتظام في تنظيماتهما للدخول في الاضراب السياسي العام). وجدد الشيوعي الدعوة لموظفي الخدمة المدنية والقطاعات العمالية لتنظيم أنفسهم وللإلتزلم بتنفيذ الإضراب وان يلعبوا دورهم التاريخي المعروف في مثل هذه الظروف.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.