الرئيس الأسد : الغشاوة زالت عن كثير من العقول وسقطت الأقنعة عن كثير من الوجوه
الأردن العربي ( الإحد ) 26/7/2015 م …
أكد السيد الرئيس بشار الأسد أن أي طرح سياسي لحل الأزمة في سورية لا يستند في جوهره إلى القضاء على الإرهاب هو طرح لا معنى له ولا فرصة له ليرى النور لذلك ستبقى أولى أولوياتنا القضاء عليه أينما وجد على الأرض السورية فلا سياسة ولا اقتصاد ولا ثقافة ولا أمان ولا حتى أخلاق حيثما يحل الإرهاب.
وأوضح الرئيس الأسد فى خطاب خلال لقائه رؤساء وأعضاء المنظمات الشعبية والنقابات المهنية وغرف الصناعة والتجارة والزراعة والسياحة أن سورية شرحت قبل العدوان عليها وخلاله أن الإرهاب لا يعرف حدودا ولا تمنعه إجراءات ولا تردعه استنكارات ولا تصريحات.. “نبهناهم إلى أن انتشار الإرهاب لا توقفه حروب ولا تنهيه طائرات.. فالإرهاب فكر مريض وعقيدة منحرفة وممارسة شاذة”.
ومما جاء في كلمة الرئيس الأسد …
السيدات والسادة..
رؤساء وأعضاء قيادات المنظمات والنقابات والغرف..
أرحب بكم كممثلين لشرائح المجتمع في سورية مهنيا ونقابيا وشعبيا وأعبر عن تقديري لكم ولعملكم ولكل جهد مخلص تقدمونه كل في نقابته أو منظمته أو قطاعه.. تساندون إخوتكم ورفاقكم وتساهمون من خلال عملكم في ترسيخ الروح الوطنية والثبات في وجه ما تتعرض له البلاد.
وأضاف الرئيس الأسد.. نلتقي اليوم وكثير من الأمور أصبحت واضحة وضوح الشمس وعلى الرغم من تعقيدات الوضع في سورية فقد زالت الغشاوة عن كثير من العقول وسقطت الأقنعة عن كثير من الوجوه وهوت بحكم الواقع مصطلحات مزيفة وفضحت أكاذيب أرادوا للعالم أن يصدقها وأصبح اللقاء والحديث لتفنيد حجج من اعتدى على سورية أو لتوضيح افتراءاتهم هو كالحديث عن البديهيات.. فيه مضيعة للوقت وإهدار للجهد.. ولأنه كذلك فتساؤلاتنا اليوم كسوريين لم تعد تدور حول تلك البديهيات وإنما حول الاحتمالات التي تواجه سورية في ظل التسارع الكبير للأحداث وانتقال عملية التدمير الممنهجة التي تقوم بها التنظيمات الإرهابية إلى مستويات غير مسبوقة من الإرهاب.
وتابع الرئيس الأسد.. إن ذلك يدل على العقلية الإجرامية التي يحملها مسؤولو الدول الداعمة لهؤلاء الإرهابيين وفي الوقت نفسه يعبر عن فشل كل أساليبهم السابقة لدفع الشعب السوري إلى السقوط في مستنقع الأوهام التي قدمت له كي يصدقها وليكون تصديقها هو التمهيد لسقوط الوطن وعندما لم يقع الشعب في فخهم رفعوا وحشية الإرهاب كوسيلة أخيرة بهدف وضع الشعب السوري أمام خيارين.. إما القبول بما يملى عليه وإما القتل والتدمير.
وقال الرئيس الأسد.. هذا التصعيد يعبر عن يأسهم أيضاً .. يعبر عن يأسهم من كسر صمود الشعب السوري في وجه حرب لم يشهد لها التاريخ الحديث مثيلاً.. فهذا الصمود لم يفشل خططهم فحسب بل أصبح يشكل التهديد الحقيقي للمستقبل السياسي لكثير من أولئك الداعمين… وخاصة بعد أن بدأت ارتدادات هذا الإرهاب تضرب الأبرياء في بلدانهم ولم تعد تجدي معها المبررات الزائفة التي سوقوها لخداع الرأي العام لديهم والتي أرادوا استخدامها لاحقا كغطاء لبدء العدوان على وطننا وشعبنا.
وأضاف الرئيس الأسد: قالوا لهم لفترات طويلة بأنهم يدعمون الثوار والمطالبين بالحرية والديمقراطية في سورية.. اكتشف الشعب لديهم بأنهم يدعمون الإرهابيين ودفعوا ثمن دعم دولهم للإرهابيين في سورية.. في السنوات الماضية كانت هذه المنطقة هي المفترض أنها تصدر الإرهاب للعالم وللغرب أما اليوم فأصبح في
الغرب حاضنة تصدر الإرهاب إلى هذه المنطقة بالإضافة إلى الحواضن الموجودة أساسا في منطقتنا في الشرق الأوسط وخاصة في الخليج وفي الدول التي دخلت مؤخرا على ساحة الإرهاب كتونس بعد الأحداث في عام 2010 و2011 وفي ليبيا وبدات تلك الحواضن بالتفاعل مع بعضها البعض وتصدير الإرهاب إلى كل المناطق.
وقال الرئيس الأسد: كثيراً ما شرحنا لهم قبل العدوان على سورية وخلاله أن الإرهاب لا يعرف حدوداً ولا تمنعه إجراءات ولا تردعه استنكارات ولا تصريحات.. نبهناهم إلى أن انتشار الإرهاب لا توقفه حروب ولا تنهيه طائرات كطائرات تحالفهم اليوم.. فالإرهاب فكر مريض وعقيدة منحرفة وممارسة شاذة نشأت وكبرت في بيئات أساسها الجهل والتخلف أضيف إليها سلب حقوق الشعوب واستحقارها ولا يخفى على أحد أن الاستعمار هو من أسس لكل هذه العوامل ورسخها وما زال.. فكيف يمكن لمن ينشر بذور الارهاب أن يكافحه… من يريد مكافحة الإرهاب فإنما بالسياسات العاقلة المبنية على العدل واحترام إرادة الشعوب في تقرير مصيرها وإدارة شؤونها واستعادة حقوقها المبنية على نشر المعرفة ومكافحة الجهل وتحسين الاقتصاد وتوعية المجتمع وتطويره وأما الحرب العسكرية فهي كالكي آخر الأدوية وإذا كان لا مفر منها في حالة الدفاع عن الوطن فهي لا تحل أبداً محل السياسات والإجراءات الهادفة لتطويق عوامل نشوء الإرهاب ونموه والوصول بذلك لاقتلاعه من جذوره بدلاً من تقليم أظافره فقط كما يفعلون الآن لأن هذه الأظافر ستعود للنمو أقسى وأشد فتكاً.
وأضاف الرئيس الأسد: لكن قصر نظرهم جعلهم يعتقدون أنهم سيكونون في مأمن من شرر الإرهاب الذي يتطاير من مكان لآخر في عالمنا العربي المضطرب ويحرق بلداناً بأكملها في الشرق الأوسط غير المستقر أساسا لم يكن في حسبانهم أنه سيضرب في قلب القارة الأوروبية وتحديداً غربها..لكن هذا لا يعني أنهم اتعظوا فما زال تعاملهم مع هذه الظاهرة يتسم بالنفاق… فهو إرهاب عندما يصيبهم.. وثورة وحرية وديمقراطية وحقوق إنسان عندما يصيبنا.. مرتكبوه عندهم إرهابيون.. وعندنا ثوار ومعارضة معتدلة يملؤون الدنيا صراخاً عندما تلدعهم شرارة من نار، ويصيبهم صمت القبور عندما نحترق نحن بها.
وتابع الرئيس الأسد: التبدلات الإيجابية الأخيرة على الساحة الدولية هي حقيقية.. هناك قراءة مختلفة للوضع الذي يحصل في سورية وهناك فهم للأكاذيب التي استخدمت والادعاءات المزيفة تحديدا للغرب أما التبدلات الإيجابية على الساحة الغربية فهي غير مستقرة وغير مستمرة لأنها تنطلق من القلق من الإرهاب الذي ضرب لديهم والقلق من أن الشرق الأوسط إذا تحول إلى ساحة إرهاب منتشر فهو الحديقة الخلفية لأوروبا تحديدا.. هناك قلق وضياع لأن إخوتنا من العربان وضعوا أمامهم وصفات مبسطة.. القضية بسيطة وصفة القليل من الإرهاب المسيطر عليه مع القليل من إسقاط الدول والقليل من الفوضى نحتملها والقليل من تبديل الوجوه وتبديل الحكام وتصبح الطبخة جاهزة أو الوجبة جاهزة وتفضلوا وابتلعوا الأوطان.
وقال الرئيس الأسد: رأوا أن الحسابات مختلفة تماما والأمور تذهب باتجاه مختلف بشكل كلي لذلك أنا أقول إن هذه التبدلات لا يعول عليها.. هم لم يتعلموا دروسا ولم يكتسبوا أخلاقا طالما أن اللغة المزدوجة أو المعايير المزدوجة هي السائدة لديهم هذا يعني أن كل شيء مؤقت وعلينا ألا نعول عليه في المستقبل ففي أي لحظة يتبدل عندما تتحسن ظروفهم الداخلية.. الانتخابية.. المتعلقة بالإرهاب ويعودون لنفس السياسات الاستعمارية السابقة.
وأشار الرئيس الأسد إلى أنه عندما تصبح المعايير ثابتة موحدة غير مزدوجة كأن يقولوا بشكل علني بأن الثوار الذين دعموهم هم عبارة عن إرهابيين وبأن ما يسمى المعارضة ليسوا طلاب حرية وإنما مجرد عملاء صغار عندها يمكن أن نصدق بان أوروبا الغربية أو الغرب بشكل عام تغير أو ليذهبوا باتجاه آخر ليسمحوا للمعارضة في بلدانهم أن تحمل السلاح وتقتل وتدمر ويبقوا على تسميتها معارضة أو ليسمحوا لها ان تكون عميلة او ليسمحوا للدول الأخرى أن تحدد ما هو نظام الحكم المناسب لهم ومن يحكم لديهم .. عندها نصدق وعندها سنقبل بوصفاتهم القديمة التي كانت تستخدم دائما من أجل تبرير أي عدوان أو تدخل في شؤون الدول تحت عناوين إنسانية كحقوق الإنسان والحرية والديمقراطية وغيرها.
وقال الرئيس الأسد: جوهر نفاقهم أنهم يدعون مكافحة وحش هم خلقوه ثم فقدوا السيطرة عليه وغايتهم اليوم هي ضبطه فقط وليس القضاء عليه وكل حملاتهم العسكرية والسياسية الإعلامية ما هي إلا لذر الرماد في العيون وما يفعلونه في الحقيقة أدى إلى نمو الإرهاب بدلاً من القضاء عليه.. هذا ما يؤكده الواقع وليس التحليل الشخصي فرقعته الجغرافية اتسعت وموارده المادية ازدادت والبشرية تضاعفت.. فهل نتوقع منهم فعلاً صادقاً في مكافحة الإرهاب.. هذه الدول تاريخها استعماري.. فكيف يمكن لمستعمر لا تحمل صفحات تاريخه إلا الاحتلال والقتل والدمار واستعمل الإرهاب كورقة لحرق الشعوب واستعبادها وأنشأ ودعم المنظمات الارهابية المتسترة بالدين كالإخوان المنافقين ثم القاعدة وتوابعها أن يحارب الإرهاب… وتابع الرئيس الأسد.. هذا الكلام مستحيل لأن مرادفات الاستعمار هي الإرهاب واللاأخلاق واللاإنسانية ولأن هذه الصورة كانت واضحة بالنسبة لنا منذ الأيام الأولى للازمة.. لم نعتمد إلا على أنفسنا ولم نأمل الخير إلا من بعض الأصدقاء الحقيقيين للشعب السوري الذين يحملون مبادئ وأخلاقا ويريدون الاستقرار للمنطقة وسورية والعالم.. الذين يحترمون القانون الدولي ويقدرون إرادة الشعوب وينظرون إلى العالم على أن العلاقات فيه علاقات ندية لا يوجد أسياد وعبيد.
وأضاف الرئيس الأسد: إن دول البريكس وقفت مع غيرها من الدول موقفاً منصفاً تجاه ما يحصل في سورية وساهمت في توضيح حقيقة ما يجري للعالم وقدمت إيران الدعم الاقتصادي والعسكري والسياسي فساهمت في تعزيز صمود شعبنا ومناعته انطلاقاً من أن المعركة ليست معركة دولة أو حكومة أو رئيس كما يحاولون التسويق بل هي معركة محور متكامل لا يمثل دولاً بمقدار ما يمثل منهجاً من الاستقلالية والكرامة ومصلحة الشعوب.. كذلك فعلت روسيا التي شكلت مع الصين صمام الأمان الذي منع تحويل مجلس الأمن إلى أداة تهديد للشعوب ومنصة لإطلاق العدوان على الدول وخاصة سورية.. وأطلقت روسيا عدداً من المبادرات البناءة التي تهدف إلى قطع الطريق الى دعوات الغرب ودفع مسار الأحداث باتجاه الحوار بين السوريين أنفسهم.
وقال الرئيس الأسد: بالمقابل كان نهجنا وما زال هو التجاوب مع كل مبادرة تأتينا من دون استثناء بغض النظر عن النوايا التي نعرف سوء بعضها في كثير من الأحيان وبشكل مسبق ذلك أن قناعتنا الراسخة بأن أي فرصة فيها احتمال ولو ضئيل لحقن الدماء هي فرصة يجب أن تلتقط دون تردد فدماء السوريين فوق أي اعتبار ووقف الحرب له الأولوية وبنفس الوقت كان لدينا الرغبة بقطع الطريق على المشككين والمغرر بهم الذين يعتقدون بأن الأزمة مرتبطة بموضوع الإصلاح السياسي أو بموضوع حوار أو ما شابه وكانوا يستخدمون كلمة لو.. لو فعلوا كذا لحصل كذا لفعلوا كذا لما حصل كذا فقررنا أن نتجاوب مع كل المبادرات لنثبت لهؤلاء بأن القضية ليست مرتبطة بالعمل السياسي وإنما بدعم الإرهاب منذ الأيام الأولى.
التعليقات مغلقة.