مصر … سيسقط السيسي ويبقى الشعب / الإشتراكيون الثوريون

الإشتراكيون الثوريون ( مصر ) الثلاثاء 5/2/2019 م …




ليست المرة الأولى التي يغير فيها ديكتاتور مستبد الدستور لينصب نفسه حاكمًا أبديًا للبلاد أو ليحقق السيطرة الكاملة على كل مناحي الحياة. فلا زالت مشاهد قوات الأمن في 2007 تلاحق المتظاهرين ضد تعديل الدستور ليتمكن مبارك من توريث الحكم لجمال في ذاكرة من يعيشون اليوم تحت نير الثورة المضادة.

لم ينفع مبارك تعديله للدستور، مثلما لم ينفع السادات من قبله. وحتى الانتفاضة الجارية في السودان، جاءت في أعقاب الخطوات الأولى للبشير لتعديل الدستور ليتمكن من البقاء في السلطة.

وما اشبه الليلة بالبارحة، فاليوم أعلن رئيس مجلس النواب عن تقدم عدد من النواب بتطلبات لتعديل الدستور تستهدف فرض سيطرة الجنرال السيسي على البلاد لأطول فترة ممكنة “حتى ٢٠٣٤”، ورغم أنهم نفس الوجوه التي بشرت بالدستور وبالمادة التي تحصن مواد المدة الرئاسية والحريات من المساس، لكن ذلك بالطبع كان رهنا للالتفاف على الزخم الثوري الذي كان في أيام احتضاره الأخيرة اثناء وضع هذا الدستور.

التاريخ يقول أن الدساتير والقوانين، لا تحمي مستبد، ولا تمنع انتفاضة.

والواقع يقول أن السيسي ونظامه غير معنين من الأصل بتنفيذ قوانين أو دساتير وإن كانوا هم من وضعوها بالأساس، لكن سلطة الثورة المضادة وكأي سلطة مستبدة في الماضي والحاضر والمستقبل تستهدف دائمًا تقنين افعالها، وتحويل الاستثناء إلى قاعدة، حتى تستطيع استخدام ذلك في خطبها الشعبوية المخادعة.

فعلها هتلر من قبل في ألمانيا، وفرانكو في إسبانيا، وفيديلا في الأرجنتين، وجميعهم الآن جزء من تاريخ تلك الدول وبقيت الشعوب الساعية لحريتها.

لا يمكن الحديث على أن الاستفتاء القادم على الدستور، وإن كان سيشمل محاولات عديدة في التزوير، في حكم المنتهي، وأنه لا أمل في المقاومة، ولا ناقة لنا ولا جمل في تلك المعركة، ففي الثمانينيات من القرن الماضي، حاولت الطغمة العسكرية الحاكمة في الأوروجواي وضع تعديلات قانونية ودستورية تسمح ببقائها والنظام الذي شيَّدته على رأس الحكم، ورغم ذلك رفض الشعب تلك التعديلات لتضطر الطغمة الحاكمة إلى إدخال إصلاحات تستهدف امتصاص الغضب الجماهيري والخروج الآمن لها.

ندعو نحن الاشتراكيون الثوريون كل المناضلين من القوى السياسية الرافضة لتلك التعديلات لفتح أكبر نقاش ممكن حول طرق رفض تلك التعديلات، وكيفية التواصل مع الجماهير الغاضبة التي تعاني من تحت وطأة نظام الثورة المضادة. فالنظام الذي يعدل الدستور اليوم، هو نفسه نظام الإفقار والقهر والاستبداد الذي دفع بسياساته الاقتصادية أكثر من نصف المصريين تحت خط الفقر، بينما دفع بكل معارضة محتملة إلى السجون، ولن يواجه تعديل الدستور سوى الجماهير الواقعة تحت نيران الاستبداد السياسي لحكم الجنرال، والواقعة أيضًا تحت نيران الغلاء والقرارات الاقتصادية التابعة لصندوق النقد.

إن تعديل الدستور هو جولةٌ جديدة أمام الثورة المضادة، وفرصةٌ جديدة لمحاولة التواصل مع الجماهير، وفرصة جديدة لتجذير مطالبها. ورفض تلك التعديلات يعني رفض النظام بأكمله وبكل ما ينتهجه اقتصاديًا وسياسيًا.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.