العراق … كذبة الإصلاح الجميلة / أسعد الموسوي
أسعد الموسوي ( العراق ) الإثنين 11/2/2019 م …
مرت العملية السياسية في العراق بعد عام 2003 بمنعطفات خطيرة وكبيرة، تارة بسبب الإحتلال والتدخلات الخارجية وتارة بسبب الصراع بين المكونات العراقية وكذلك الصراع على مغانم السلطة ومناطق النفوذ بين الاحزاب والكتل السياسية.
تعددت أساليب الصراع بين المكونات السياسية، وإتخذت طرقا عدة رافعة شعارات براقة بتسميات مختلفة، لكنها لم تكن الا وسيلة للوصول الى الغاية المنشودة، وهي الحصول على أكبر قطعة من الكعكة، وإن كان على حساب العهود والمواثيق والاتفاقيات السياسية وخذلان الجماهير، فلم تتعود الكتل السياسية أن تلعب في مركز واحد الحكومة أو المعارضة، بل إختارت المشاركة في الحكومة ومخاصمتها في نفس الوقت ! وما زالت بعض الكتل تمارس هذه اللعبة الممتعة.
بعد صولة الفرسان إنقسم الائتلاف العراقي الموحد في إنتخابات عام 2010 الى كتلتين، هما إئتلاف دولة القانون والائتلاف الوطني العراقي، مالبثا أن إندمجا بعد الانتخابات في التحالف الوطني العراقي، لتسلب رئاسة الوزراء من أياد علاوي ! ويحصل المالكي على دورة ثانية، رغم إن الإئتلاف الوطني المكون من كتلتي المواطن والاحرار، كان يهدف الى عدم منح ولاية ثانية للمالكي، ولكن ستة وزارات منحت للأحرار جعلتهم يديرون ظهرهم للمواطن، ويشاركون في حكومة مكونة من أربعين وزارة.
لم يكن أحد يتصور ان الصدريين سينقلبون على المالكي، ويعودون للاتفاق مع علاوي والبرزاني على إقالته، لكن حكمة الرئيس الراحل مام جلال، وتردد عمار الحكيم رغم الوعود بمنحه رئاسة الوزراء، وإشارات الخارج التي أرادت إبقاء الوضع كما هو عليه، أكمل السيد المالكي دورته الثانية وهو على خلاف حاد مع شركائه، الذين توافقوا مع العبادي بعد تسنمه رئاسة الوزراء عام 2014، فترة إقتسام المغانم فقط، ثم نصبت الخيمة البيضاء في المنطقة الخضراء، ورفع شعار جديد عنوانه الإصلاح، مدعوما بمظاهرات في ساحة التحرير واقتحام للبرلمان العراقي.
بعد إجراء أصلاحات تكتيكية، كان المتفق أن يحصل العبادي على دورة ثانية كما حصل عليها المالكي، وكان الأمر يسير كما خطط له مقتدى الصد،ر بعد أن أبعد العبادي عن حزب الدعوة وإئتلاف دولة القانون، ليشكلا تحالف الإصلاح الساعي لتكوين كتلة الأغلبية، التي تقرر أن يعلن عنها في فندق بابل، لو لا غدر الفياض بالعبادي وذهابه الى كتلة البناء، لتتغير حسابات الصدر ويتفق مع العامري على اختيار عبد المهدي رئيسا للوزراء، مقابل تقاسم السلطة وقرار إدارة الدولة.
الغريب في الأمر أن عمار الحكيم عاد وتحالف مع مقتدى الصدر في تحالف وصفه بالإستراتيجي، هذا التحالف الذي لم يحصل منه تيار الحكمة على أي وزارة في الحكومة العراقية، بل أن كتلة سائرون التابعة لمقتدى الصدر تحاول إقالة محافظ واسط التابع لتيار الحكمة، في إشارة على نهاية التحالف ” الإستراتيجي ” بينهما، بعد أن إنتهت الغاية منه، وصار هناك شريك جديد هو هادي العامري يمكن تقاسم المغانم معه، فالدولة العراقية أصبحت تدار من أشخاص بعد أن كانت تدار من كتل.
لابأس من رفع شعارات الإصلاح حين تجعلك ممسكا بإدارة الدولة، وتمكنك من الحصول على 6500 درجة وظيفية لأتباعك، ولامشكلة حين تلغي إتفاقاتك وشعاراتك الإنتخابية، وتستبدلها بأخرى جديدة مادامت توصلك لما تريد، فلا أخلاق في السياسة، هكذا يقولها العلمانيون ويطبقها المصلحون.
التعليقات مغلقة.