خلاصة الماركسية / فؤاد النمري


فؤاد النمري ( الأردن ) الإثنين 11/2/2019 م …
في تحية لإصدار العدد الأول للمجلة الأمريكية المتخصصة بالفكر الإشتراكي (Monthly Review) في مايو أيار 1949 كتب ألبرت آينشتاين مقالتها الإفتتاحية يقول .. ” طالما أن هدف الإشتراكية هو تجاوز الحضارة الإنسانية القائمة على النهب التي عرفتها البشرية منذ بدء التاريخ حتى اليوم، وكذا تجاوز شرور الرأسمالية، وألا يحصل العامل على قيمة إنتاجه بل على الحد الأدنى من احتياجاته الحيوية، من أجل ذلك لا بد أن تقوم الإشتراكية .




وهكذا خلص آينشتاين مباشرة إلى خلاصة الماركسية وهي إلغاء تقسيم العمل وأي شكل من أشكال علاقات الإنتاج على خلاف ما يظنه عامة الشيوعيين من أن الإشتراكية نظام اجتماعي مستقر حيث تقوم على علاقات إنتاج ثابتة ومستقرة بينما افترضها ماركس فترة قصيرة يتم فيها استعداد المجتمع للدخول في الحياة الشيوعية المختلفة تماما عن “النظام” الإشتراكي، ولذلك كرر لينين تعريف الإشتراكية على أنها “محو الطبقات”، وأول إجراء يتخذ في هذا السبيل هو نفي أي علاقات للإنتاج وإنكار أية حقوق لمختلف الطبقات بما في ذلك طبقة البروليتاريا وهي الطبقة التي بيدها كل السلطة وهي بذات الوقت لا تعود بروليتاريا بالمعنى القاموسي للكلمة .
وهكذا تكون دمغة الإشتراكية المنفردة بل روحها هي نفي مختلف الحقوق لكل الطبقات في المجتمع بما فيها طبقة البروليتاريا حيث لا تعود طبقة مأجورة ترتب حقوقا لها بمقدار ما تنتج وما تعمل . هذا هو المنطلق الأساسي لكل حزب شيوعي في العالم مهما اختلفت الظروف المحيطة . حيث بدون إنكار الحقوق لا يمكن محو الطبقة أي طبقة ذات حقوق ثابتة ومعترف بها .
بالقياس مع هذه الحقيقة الماركسية واللينينية الثابتة فإن الأحزاب التي تسمي نفسها شيوعية كما في العراق وفي لبنان وفي مصر والأردن هي ليست شيوعية فقط بل معادية للشيوعية . جميع هذه الأحزاب تنطلق اليوم من المناداة باعتراف حقوق مختلف الطبقات في المجتمع . فهي تنادي بالديموقراطية البورجوازية التي تقوم كما هو معروف على حق البورجوازية في استغلال العمال . كما تنادي بالعدالة الإجتماعية والتي تعني العدل في توزيع الحقوق على جميع الطبقات في المجتمع وهو ما يثضمن الإعتراف بحقوق جميع الطبقات ومنها الطبقة البورجوازية .
مختلف خطابات هذه الأحزاب لم تعد تتطرق لعلاقات الإنتاج البورجوازية القائمة إلا لإصلاحها كيما تكون مقبولة على جميع الطبقات وتعمر أكثر بالتالي . إنقلبت هذه الأحزاب إلى أحزاب إصلاحية بالرغم من أن كارل ماركس ورفيقه إنجلز كانا قد سخرا من الإصلاحيين وقالا في البيان الشيوعي ..” hole-and-corner reformers of every imaginable kind…to secure the continued existence of bourgeois society “
وهو ما يعني “يتواجد إصلاحيون من ألوان لا تخطر في البال من أجل تأمين سلامة المجتمع البورجوازي” .
لم يكن يخطر في بال كل من ماركس وإنجلز أن الحزب الشيوعي وهو المخاطَب في البيان “المانيفستو”هو نفسه سيتحول إلى إصلاحيين تدور كل سياساته حول ديمومة المجتمع البورجوازي .
ليس لدينا أدنى شك في أن قادة الأحزاب الشيوعية القائمة يعلمون تمام العلم معنى الخيانة التي يمارسونها ويتمرغون في وحولها وما يؤكد ذلك هو تساؤلهم المستغرب بالقول .. ” وماذا تريدوننا أن نعمل !؟ .. هل نقعد في البيت ساكتين !!؟ ” .
جوابنا لهؤلاء الخونة هو .. نعم، أقعدوا في البيت ساكتين خير لكم من أن تنتقلوا إلى الجبهة المعادية للشيوعية . هذا بافتراض أن آفاق العمل الشيوعي قد سُدت تماماً، وأن التاريخ قد توقف نهائياً عند المجتمع البورجوازي .
نحن الذين نتسلح بالماركسية اللينينية ونقرأ التاريخ كما أرادنا ماركس أن نقرأ نؤكد لسائر الخونة الأفّاقين أن التاريخ لن يسارع قط عبر مختلف العصور كما يسارع اليوم في التقدم إلى حيث يجب أن يستقر إذ لم يسبق أبداً أن كان النظام القائم في العالم يعاني من تناقضات صعبة وخطيرة كما يعاني النظام العالمي القائم اليوم .
الشاهد الملك على قراءتنا هو أن الدولة الرأسمالية الوحيدة التي خلفتها الحرب العالمية الثانية وهي الولايات المتحدة هي اليوم أكبر مستورد في العالم للبضائع ورؤوس الأموال .
هكذا علمنا ماركس أن نقرأ التاريخ أيها الخونة الأفّاقون !!

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.