ابن لفتا قبل العام ١٩٤٨ وابن عمّان بعده / لارا مصطفى صالح

لارا مصطفى صالح ( الأردن ) الأربعاء 13/2/2019 م …



هذا نهار دافئ وحنون، وهو كثير وكبير. ابن لفتا قبل العام ١٩٤٨ وابن عمّان بعده. أول ما يشتعل في الكاتب حدسه، لم يكن قد تجاوز الخامسة من عمره عندما أدرك أن ما تحكيه له والدته عن عودته إلى لفتا ما هو إلا (خديعة)، وأن كرت المؤن ومخيمات اللاجئين لم تكن إلا فخا.

نتيجة بحث الصور عن مصطفى صالح

والد الكاتبة لارا ، الأديب والكاتب مصطفى صالح ( ابو فراس )
حكاية شربت من نبع في راس العين وأحلام هربت ذات عمر صوب فيء أشجار قرية حوارة في إربد.
كان معلما للرياضة، صوت آمر والعصا لمن عصى. عرفتُ معنى القسوة الرحيمة في لهفة طلابه في ضرار ابن الأزور ورشيد طليع وحب زملائه في جريدة الصباح والدستور والغد. حرّ، لا يؤمن بالحور العين ولا بخرافة العادات والتقاليد ولم يأبه يوما للبريستيج الكاذب.
عاشق في آخر الليل يسير من شارع طلال إلى السنترال إلى العبدلي مرورا بدوار فراس حتى يصل إلى تلاع العلي تماما كما يسير الضوء في خط مرسوم بعناية. كأنها حكاية حفرت حروفها على جبين زيتونة أطلت من شرفة البيت العتيق في لفتا ذات شتاء!
(إلى الأطفال الذين ترتسم على وجوههم ملامح المستقبل، ويطل من أعينهم بريق الأمل.. إلى الأجيال التي قدمت ما في وسعها وتركت بصماتها على خطى حياتنا) أهدى مجموعته القصصية (الجراد) في مطلع الثمانينات، وأهدانا مكتبة مدججة بالكتب، لم يترك فيها كتابا إلا وترك عليه تعليقا بخط يده الذي احتار في تحليله الخبراء. ولكم أن تسألوا -عن خطه- قُرّاء النصوص في (المركز العربي).
سيّد الدراما البدوية باقتدار، أعاد لها ألقها فغنّى راشد الماجد (يا نمر وضحى ارسلت لك سلامين… واحد صباح الخير وذاك العوافي…. يا من ذكر لي طارشه هو غدا وين …يا سامعين الصوت هو وين لافي)… درّب الممثلين على طاعة نصوصه وعصيان أوامر المخرجين. حتى سماء الصحراء، دربها هي أيضا على السجود في انحناءة وبكاء أبطالها.
في كرم فراس أراه، وفي عنفوان تامر وفي قوة تمارا وعناد إلزا وطيبة يارا وحب أمي، وفي صورة ستي أراه!
أبي الذي قضى على جلطتين ونجا من عملية كبرى لتبديل صمام قلبه النقي، عاش لا يبالي ولم ينكسر يوما… لا تكن أنانيا، خفف أرجيلة، وحذار أن تموت! لا أريد لهذا الفرح أن ينتهي. كنت أقول له دائما. فيضحك اللّوز في عينيه ويردّ: من لم يمت بالسيف مات بغيره يا سمرا والراس الي ما فيه كيف حلال قطعه!
اشتقت لفوضاك ولضحكتك المجلجلة ولقلبك الذي لا يشبه أي قلب، اشتقت لك حتى أني “شَرِقْتُ بالدّمعِ حتى كادَ يشرَقُ بي” والدمع ليس بمثلبة يا بوي.. كل عام وأنت الحياة يا أبا فراس.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.