سيف الإسلام القذافي…هل يحكم ليبيا؟ / د. خيام الزعبي




نتيجة بحث الصور عن د. خيام الزعبي

د. خيام الزعبي ( سورية ) الثلاثاء 19/2/2019 م …

الليبيون اليوم يحاكون عراق الأمس ويتباكون على بلاد ضاعت ووطن نهب وسرق وطغت فيه الأحقاد والتعصب المناطقي والقبلي، ودفعوا تكاليفها من دمائهم وتكاليف معيشتهم، فرغم مرور عدة سنوات من الإطاحة بحكم القذافي، إلا أن ليبيا لم تجد بعد ضالتها لتحقيق الأمن الذي غاب عن الكثير من المدن الليبية لتحل محله لغة السلاح والميلشيات والهجمات التي تطال العسكريين والبعثات الدبلوماسية، بل لا تزال تتخبط في دوامة العنف والفوضى.

في ضوء هذه الوقائع والمعطيات، يكتشف المجتمع الدولي مرة أخرى حجم الفوضى العارمة التي تعيشها ليبيا ما بعد القذافي، وأكتشف أن الثورة المزعومة لم تحرر الإنسان الليبي وتحقق أمنه واستقراره، بل إن الليبيين صاروا يترحمون على زمن القذافي بعد كل الظلم الذي لحقهم على أيدي الجماعات الإرهابية التي تسمي عناصرها ثواراً،  لكن أحفاد المختار أدركوا اللعبة القذرة، ويبدو أن لعنة المنهجية الأمريكية-الغربية التي استخدمت تيار الإسلام السياسي في ليبيا لتنزلق نحو الحرب الأهلية وتتحول إلى مكان جاذب لكل الجماعات المتطرفة بارتكاب المذابح الوحشية ضد هذا الشعب للحصول على أراضه وثرواته ، بدأت تتكشف وتتضح أمام الشعب الليبي وأصبح يعرف التناقض المفضوح التي تتصف بها سياسة أمريكا في المنطقة.

اليوم تشهد ليبيا سلسلة مواعيد ولقاءات مرتقبة تحمل في طياتها إشارات عن تطورات مرتقبة في المشهد السياسي، فقد عاد الحديث عن انطلاق تحرك سيف الإسلام القذافى، ليلعب دوراً رئيسياً في “الإمساك” بزمام الأمور في ليبيا وإعادة الأمن والاستقرار وحكم البلاد في الوقت المناسب، خاصة بعد السخط الشعبي الكبير من حكم الإسلام السياسي في ليبيا ومن جماعة الإخوان، وأكد أكبر تجمع قبلي في الشمال والوسط والجنوب الليبي أن أكثر القبائل الليبية أعلنت مساندتها لمشروع سيف الإسلام لحكم ليبيا، كاشفة عن اتصالات في الداخل وخارج لتكثيف المشاورات بشأن هذا الموضوع.

في السياق نفسه،  أن الكثير من القبائل التي قاتلت إلى جانب القذافى وتعرضت للعقاب، تجد في سيف الإسلام اليوم “القائد المنتظر” لإعادة حقها، فمدينة سرت، مسقط رأس سيف الإسلام، ترى فيه”المنقذ” من داعش والإسلاميين في الغرب، وفي الوقت نفسه يحمل سيف الإسلام مشروع ما يعرف بـ “ليبيا الغد”، وهو قائد “الإصلاحات” في النظام السابق والمشرف على الإفراج عن المعتقلين المتهمين بالتطرف .

في الاتجاه الأخر يتبنى الرئيس الروسي بوتين بحماسة سيف الإسلام القذافى في المرحلة المقبلة، وأكد بقوة عن لعبه دوراً في العملية السياسية من بوابتها العريضة ” الانتخابات الرئاسية المقبلة”. هذا ما أكده ميخائيل بوجدانوف نائب وزير الخارجية الروسي بقوله : “إنه ينبغي أن يلعب سيف الإسلام القذافي دوراً في المشهد السياسي الليبي”. واعتبر أن “سيف الإسلام” يتمتع بدعم قبائل محددة في مناطق محددة من ليبيا وكل هذا ينبغي أن يكون جزءاً من العملية السياسية الشاملة بمشاركة القوى السياسية الأخرى “.وأفاد بأن مندوباً عن “سيف الإسلام” سلم رسالة منه إلى موسكو حدد فيها أفكاراً لمستقبل سياسي لليبيا، مؤكدا أن “سيف الإسلام” على تواصل مستمر مع روسيا، بالتالي فإن موسكو بحكم عضويتها في مجلس الأمن وحياديتها تجاه الكيانات في المشهد الليبي، بالإمكان الاعتماد عليها والمساهمة الفاعلة لها في حل الأزمة الليبية وهذا ما لمسناه من خلال مواقفها المعلنة.

التساؤل الذي يفرض نفسه هنا هو: لماذا اختيار الروس ليبيا في هذه المرحلة الحرجة؟ طبعاً، الفراغ الموجود يفتح أبواباً للتدخل من هذا النوع يكسر الجمود على الساحة الليبية، بالإضافة إلى مكانة لليبيا في الإستراتيجية الروسية على ارتباط بعقود بمليارات الدولارات خسرتها موسكو بعد سقوط نظام القذافي. مثلاً، خسرت موسكو صفقات أسلحة بقيمة 4 مليارات دولار، وعقداً بمليارين ونصف المليار دولار لبناء خط قطار سريع بين سرت وبنغازي.  وفي الوقت الحالي تعمل موسكو على إحياء هذه العقود من خلال علاقتها بالجنرال خليفة حفتر.

بالرغم من كل ذلك هناك بعض العقبات التي تعترض عودة سيف الإسلام  إلى العمل السياسي والتي تحتاج إلى بعض الوقت لتجاوزها، فالكثير ممن حملوا السلاح ضدّ القذافي ينتابهم الخوف والقلق من كون سيف الإسلام يطمح للعودة بدافع “الثأر” لوالده، لأنه لن ينسى أنّ “الثورة” التي ساندها حلف شمال الأطلسي، قتلت أباه بطريقة بشعة، وأعدمت إخوته الثلاثة دون محاكمات ، بالإضافة إلى الوضع الأمني في البلاد، بسبب انتشار وسطوة الميلشيات المسلحة  والمتطرفة بشكل قد يؤثّر على أمنه الشخصي ويعرّضه للخطر مع تغيّر الولاءات والانتماءات ، فضلاً عن سيطرة الجنرال خليفة حفتر، الرافض بشدة لعودة  سيف الإسلام إلى المشهد السياسي، على مساحات واسعة من شرق البلاد.

 

مجملا…كان  لدى سيف الإسلام القذافى قبل 2011 مشروعاً سياسياً حقوقياً تنموياً متكاملاً وقد قطع شوطاً كبيراً في تنفيذه، وهو مشروع يعرفه كل الليبيون” مشروع ليبيا المستقبل” والذي كانت ليبيا قاب قوسين من اعتماده قبيل ما سمي ثورة، وكان سينقل ليبيا إلى آفاق سياسية واقتصادية أخرى، تفتحها على المستقبل وعلى العالم الخارجي وتعزز دورها عالمياً، وإذا ما كتب له النجاح فسينهض بليبيا كثيراً.

وأخيراً يبقي السؤال الرئيسي وهو: إن ليبيا في ظل هذه الأحداث إلي أين ستذهب؟  إما إلى الهاوية أو أن يستيقظ الشعب و ينقلها إلى بر الأمان والاستقرار وتحقق الأهداف المنشودة، وأنا على يقين أن أبناء ليبيا سوف يقفون خلف كرامة وطنهم حتى يتحقق المرجو لليبيا، وهو محو كل إرهاب غاشم يستهدف ليبيا و العرب، وعرقلةً مخطط الناتو الذي دمر وأزهق وأباح كل أركان الدولة الليبية. وبالتالي ستكون ليبيا الشرارة الأولى التي ستحرق عروش عملاء أمريكا وإسرائيل وسترمي بهم إلى مزبلة التاريخ, فإذا استطاعت أمريكا وحلفاؤها أن تتحكم في مجريات الأوضاع وتحولها إلى صالحها فإنها لن تستطيع أن تهزم المقاومة لأنها لا تؤمن بعقيدة سوى الوطن.

اللهم أحفظ بلادنا من المرتزقة والقتلة والعملاء للأجنبي الذين يتمسحون بالوطنية بينما هم يبيعون الوطن في سوق النخاسة بحفنة من المال.

[email protected]

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.